14 أكتوبر.. يوم ولد فيه مؤسس تنظيم الإخوان ونظام مبارك
14 أكتوبر.. يوم ولد فيه مؤسس تنظيم الإخوان ونظام مبارك
رغم أن بينهما يوم مشترك ترك بصمة لكل منهما – سواء سلبًا أو إيجابًا - في تاريخ مصر، إلا أنهما لم يلتقيا، بل وضع القدر أحدهما ليجني ثمار ما ألقاه الآخر، من بذور منهج لجماعة سارت عليه، وأدت بهم للسجون والمعتقلات جرّاء اصطدامها بسياسة مغايرة، إنها ذكرى ميلاد الإمام "حسن البنا" التي توافق في يومها بعد خمسة وسبعون عامًا تولي "محمد حسني مبارك" مقاليد الحكم بمصر عام 1981.
الرابع عشر من أكتوبر لسنة 1906؛ شهدت قرية المحمودية بمحافظة البحيرة ميلاد الطفل "حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي" الذي تدرج بالمراحل التعليمية إلى أن انتهى به إلى كلية دار العلوم العليا، ومن ثمّ عُيّن مدرسًا بإحدى المدارس الابتدائية؛ لتلمع في ذهنه عام 1928 فكرة الدعوة لمنهج ذا طابع "إصلاحي ومضمون تبشيري"، يقوم على عشرين رسالة تناولت مواضيع مختلفة في أوقات ومناسبات مختلفة، وتشتمل على آراء ومواقف دينية، وسياسية، واقتصادية، وتنظيمية وغيرها.
أنشأ البنا جماعة "الإخوان المسلمين"؛ تبعًا لطبيعة الدين الذي ينتمي إليه، معلنًا أن "الإسلام دين ودولة، وسيف وقرآن، والوطنية حدودها أرض الإسلام والقومية تحدها تعاليم الإسلام"، مما جعلها تصطدم برفض كثيرين، فهي تسعى لتأسيس دولة دينية تحمل في طياتها استعادة الحكم الإسلامي، وضع البنا منهج تلك الجماعة، ورحل بعد 21 عامًا من إنشائها، ليرث خلفاؤه رسائله، ويستكملوا مشوار دعوته.
وأعطى "سيد قطب" الفكر والاعتقاد السياسي الأولوية، فكرّس نفسه للتمييز بين الكفر والإيمان في "علاقة الحكم والحاكم بالمحكومين، وعلاقة النظام الكافر، والمجتمع المحكوم الراضي بهذا الحكم"، ولخص منهجه في دخول المعترك السياسي، وبدأت الجماعة تخوض صراعها مع الأنظمة القائمة، وتوسلت لتحقيق ذلك إضافة لأهدافها الأخرى، شكلًا تنظيميًا خاصًا، اختارت له تنظيمًا يمتد في أكثر من دولة في العالم، وتركت أثرًا واضحًا في بعض دول العالم الإسلامي؛ مما جعلها موضع خصومة مع أكثر من نظام عربي وإسلامي، وتعرضت للمنع والحظر، وبخاصة التنظيم المركزي في مصر.
وتمر السنون، وما بين معتقلات، وحظر في عهد عبد الناصر، وبين إفراج وحرية في عهد السادات تجولت الجماعة، إلى أن جاء يوم الرابع عشر من أكتوبر ليتولى "محمد حسني مبارك" سدة الحكم خلفًا للرئيس "محمد أنور السادات" بعد اغتياله، ورغم هدوء العلاقة بين الإخوان ومبارك في معظمها؛ إلا أنها كانت تصطدم في أحيان أخرى؛ حيث كانت تحكمها القبضة الأمنية في عصر مبارك، وتجدد مسلسل الاعتقال وكان أبرزهم "خيرت الشاطر" الرجل الثاني بالجماعة.
وكما جنى مبارك ثمار ما وضعه "البنا" في جماعته من منهج – انحرف معظمهم عنه - استطاعت كذلك الجماعة أن تجني ثمار ما خلّفه مبارك من قمع، وتحكم قبضة الأمن في فئات الشعب، لتقتنص سدة الحكم بعد أكثر من 80 عامًا على تأسيس "البنا" لها، ومازالت الاختلافات والخصومات السياسية والفكرية بين الإخوان، وبقية التيارات مستمرة، ما بين فرض دولة "دينية" وبين السعي لتأسيس دولة "مدنية".