في أزمة الإسكواش.. مصر أولاً

إيهاب صابر

إيهاب صابر

كاتب صحفي

«الوطن ليس فندقاً نغادره عندما تسوء الخدمة فيه»، جملة معظمنا يحفظها عن ظهر قلب، لنا أن نعيش فيه ويعيش فينا في كل الظروف، تتغير مشاعرنا بين الشيء ونقيضه ونتغير ونتراجع ونتقدم ويظل الوطن ثابتاً راسخاً في القلوب، هكذا عهدناه منذ نعومة أظافرنا وهكذا نظل.

تابعت لقاء وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، بشأن لعب لاعب الإسكواش محمد الشوربجي لصالح إنجلترا، عبر قناة فضائية، وهي القنبلة التي هزت الوسط الرياضي خلال الساعات القليلة الماضية، ووصل صداها لغير متابعي اللعبة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

كان ردّ الوزير عقلانياً، يتحدث بالمنطق، يجب أن نعلم ماذا حدث مع اللاعب قبل محاسبته، لماذا رفض تمثيل مصر بالنسبة للفرق؟ بينما استمر في اللعب الفردي، هل واجهته مشكلات مع الاتحاد المصري؟ ما هي ظروف القرار الذي اتخذه ولماذا أعلن القرار في هذا التوقيت ولم يطرق باباً لمسؤول أو بابي أنا شخصياً لعرض مشكلاته؟ وأعلن الوزير التحقيق في الأمر حتى لا يتكرر الموقف نفسه مع لاعبين آخرين.

محمد الشوربجي لاعب مهم لا شك، وحقق بالفعل بطولات عالمية لصالح مصر، ووصلت محصلة بطولاته إجمالاً 44، فلا جدال في أنّه لاعب مهم سطر تاريخاً لا يمكن تجاهله، إذن أين المشكلة؟ بحسب حوار الشوربجي مع «بي بي سي»، يبحث عن تأمين مستقبله، يبحث عن طبيب ومدرب واتحاد يقف بجانبه وقت تعرضه للأزمات إذا ما اشتدت عليه، باختصار يبحث عن الأمان، كلها متطلبات مشروعة ويمكن تحقيقها.

مرة أخرى والتصريح للاعب، قال إنّه ليست لديه مشكلات مع بلده مصر ولكن مع بعض الأشخاص الذين تخلوا عنه في أثناء مشواره الاحترافي مع اللعبة، وأنّه يبحث عن التقدير المعنوي والمادي مثل غيره من اللاعبين، كأن يكون له راع مصري مثل بقية زملائه أو «صورة في مكان عام مثلهم»، أمور مشروعة أخرى سهلة المنال، وتستوجب التحقيق لمعرفة من هم هؤلاء الأشخاص سبب الأزمة إذا ما وجدت، رواية أخرى جاءت على لسان مصادر، تقول إنّ اللاعب اضطر إلى اللعب لصالح إنجلترا لأسباب اجتماعية تتعلق بزواجه واستقراره في إنجلترا، وهو ما نفاه رئيس الاتحاد حين صرح بأن الشوربجي خطط للعب لصالح إنجلترا منذ 5 سنوات.

قطعاً نرفض المساومة ولكن أيضاً نرفض لعب أي لاعب مصري لصالح دولة أخرى، بعدما نشأ وتعلم اللعبة وصنع اسماً على المستوى المحلي والدولي تحت غطاء بلده الأم مصر، التي كما صنعت اسمه صنعت غيره من الأبطال، فلا نبخس حق جهد اللاعب الذي يحترف لعبة لها ظروف ومتطلبات خاصة جداً إلا أن المنظومة نفسها لها الفضل عليه وعلى غيره من اللاعبين ولو بقدر، فنحن لسنا أمام نموذج وحيد ناجح فهناك نجاحات لآخرين من نور، ونبحث عن المزيد.

جزء من حديث اللاعب مهم ويحتاج للردّ، لماذا لم يلق الاهتمام والرعاية الكافية وهو «اللاعب العالمي»، لا نريد سامح الدهان آخر أو طارق عبدالسلام آخر، لا نريد أن نتفاجأ بآخرين ينتهجوا نهج اللاعب نفسه وتخسر مصر أبطالها، الذين كبروا وصنعوا اسماً تحت رايتها، لذا وجب قرار الوزير بالتحقيق لمحاسبة المقصر إذا ما صحت رواية اللاعب وإذا ما كان التقصير من اللاعب وفقط بحث عن مصلحته الشخصية فمن حق الرأي العام أن يعرف ذلك.

لن يعفى أحد من المحاسبة ولن يفلت أحد من العقاب، الإسكواش في مصر له تاريخ يضاهي الدول الكبرى في اللعبة، ونملك أبطالا مصنفين على مستوى العالم، يحرزون البطولات العالمية ولا يقلون شأناً عن لاعبنا العالمي محمد صلاح، فقط هالة وشعبية لعبة كرة القدم ما تجذب الأنظار أينما وجدت، وهذا طبيعي فهي الساحرة التي تخطف القلوب والأنظار، ولو كانت للعبة الإسكواش المكانة نفسها في قلوب العالم لكان للأبطال المصريين تماثيل من ذهب في الميادين العامة، وهم يستحقون.

كرموا أبطالنا وامنحوهم الحقوق وتحصّلوا منهم على الواجبات، وساندوهم شعبياً ليستمروا على خريطة العالم رافعين اسم مصر، وهو شرف لا يضاهيه شرف، واضربوا بيد من حديد على كل من يتسبب في خسارة بطل مصري لمصالح شخصية أو لخصومة ثأرية تخصه هو فقط لا البلد، وأعيدوا الهيكلة واستبدلوا الأشخاص إذا ما لزم الأمر فمصر لا تقف على شخص أي كان، ومشروع «صناعة البطل العالمي» يستحق العدالة والإمكانيات والشفافية.