بـ«إيقاع اللمسات والأصوات».. المكفوفون بيقولولك: اضحك الصورة تطلع حلوة
بـ«إيقاع اللمسات والأصوات».. المكفوفون بيقولولك: اضحك الصورة تطلع حلوة
صورة ينتجها بصر، وصورة تصنعها بصيرة، إحساس لمشهد تراه، ومشهد تتخيله، رغبة فى لقطة ليوم تعيشه بعينيك، ويوم تحتفظ به فى أرشيف ذاكرتك، تحكى تفاصيله بمخيلتك، مشهد تراه وتحدده لشخوص متحركة وأجمدة ساكنة يجتمعون فى مكان فتقتنصه بعدسات الكاميرا، ومشهد يخرج بإيقاع اللمسات والأصوات والمسافات، عين تلتقط لإعجاب وهواية أو لمهمة عمل، وعين ساكنة لا تتحرك، تريد تغيير واقع يرى صورة بلون واحد إلى صور بألوان الطبيعة، فتوَّج التحدى الصعب، بإصرار على النجاح، ساعدتهم فيه من آمنت بالفكرة، وأصرَّت على استمرار التجربة، لم يحبطها مجتمع يهمش المعاقين، أو روتين يطيح بأحلامهم، لنرى يوماً كفيفاً يصبح مصوراً فوتوغرافياً.
الدكتورة ريهام أحمد محمد زكى، مدرس مساعد بقسم الإعلام التربوى، تخصص إذاعة وتليفزيون بكلية التربية النوعية فى جامعة القاهرة، ومدربة التصوير الفوتوغرافى، تحكى عن تجربتها فى تعليم «المكفوفين» للتصوير، التى بدأت فى عام 2009: «تعرفت على الدكتورة فيفى زلط، الأستاذة بكلية التريبة الفنية، فعرضت علىَّ فكرتها، بتدريب المكفوفين على التصوير الفوتوغرافى، فى البداية استغربت الفكرة، ولكن تحمست لها، وقررت خوض التجربة، بدأت أقرأ عن المكفوفين، وطرق التعليم الخاصة بهم، وتجارب المكفوفين مع التصوير فى دول تانية، وأقرأ عن الحواس الأخرى، وإزاى ممكن تساعد المكفوف فى التصوير، وبدأنا نعلن عن الورشة الأولى».[FirstQuote]
تحكى «ريهام» التجربة بكل ما فيها من معوقات، فقالت: «بعد أول جلسة فى الورشة الأولى، جاء عدد من المكفوفين، وبدأنا الجلسات النظرية، ولكنهم فى الجلسة الثانية لم يحضروا، لم أصب وقتها بالإحباط، فهم شعروا بعدم القدرة على إكمال المشوار، ولكنى حاولت مع مجموعة أخرى»، لتسرد تفاصيل العمل فى الورشة من البداية: «العدد الذى نختاره لا يتجاوز الـ6 أشخاص، حتى تسهل عملية التدريب، نبدأ فى تعريفهم بأنواع اللقطات، وزوايا الكاميرا بنفس طريقة وأسلوب الشرح مع الطلبة الأسوياء (المبصرين)، ولكن مع استخدام حاسة اللمس فى تعريفهم بالزوايا وأحجام اللقطات، وكان يتم ذلك على مجسمات، بعدها جاءت المرحلة الثانية، وهى كيفية الإمساك بالكاميرا الديجيتال، وكيفية التعامل معها، وتوجيه أزرارها، كزر الزووم».
فى الحدائق والأماكن المفتوحة، بدأت المرحلة العملية، وهنا تقول: «كل ما كنا نحتاجه فى تلك المرحلة كانت الكاميرا، واخترتها من نوعية (الديجيتال) لأنها تحوى شاشة، وأستطيع توجيه المتدرب من خلالها أثناء عملية التصوير، وفى ورشتين قمت بهما لتدريب المكفوفين، (سواء بمركز سعد زغلول الثقافى أو جامعة القاهرة)، اخترنا عدة أماكن للتصوير، وكانت فى حديقة الأزهر والأهرامات والمتحف الزراعى وحديقة الحيوان، وبدأنا المرحلة العملية، بوصف المكان للمتدرب، فيبدأ بتحديد هدفه، سواء كان تمثالاً أو حيواناً أو مناظر طبيعية أو حتى أشخاصاً من بيننا، ثم يبدأ بالاقتراب منه، ويحسب المسافة بين المكان الذى يقف فيه ومكان الهدف، وهنا يحتاج لمصدر صوت لتوجيهه، ثم تأتى مرحلة تقدير زاوية الكاميرا بلمس هدفه أو المجسم الذى يريد تصويره، ويبدأ فى التصوير، ولا أعلق على منتجه إلا بعد أن ينتهى من عملية التصوير».
ترى المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة، أن التجربة مختلفة، والتعامل مختلف بين تدريب الأسوياء والمعاقين، فهى رأت مناحى قوة ميزت المكفوفين عن المبصرين فى التدريب: «دايماً واخدين الموضوع جد، بيطبقوا القواعد بطريقة صحيحة، ذاكرتهم قوية وقدرتهم على الاستيعاب كبيرة، وهذا الإصرار الذى لمسته فيهم، جعلنى أصر على أن أكمل المشوار معهم، رغم كل المعوقات».
منتجات متحدى الإعاقة، لم تقتصر على «صور» يحتفظون بها، بل شاركوا فى معارض ومسابقات للتصوير، كما تقول الدكتورة ريهام زكى: «المشاركون معى بورشة التدريب عام 2010، شاركوا فى معرض سور الأزبكية للتصوير الفوتوغرافى، ونالت صورهم إعجاب الحاضرين، فلم يصدقوا أن الصور التقطها المكفوفون، حتى قمنا بتجربة عملية أمام الحاضرين بتصويرهم أثناء المعرض، وفى 2014، شاركت إحدى الطالبات المكفوفات فى مسابقة كلية الهندسة للتصوير، التى شارك فيها مصورون محترفون، ونالت جائزة لجنة التحكيم».