محمد صلاح وكرامة النبى فى وطنه

إيهاب صابر

إيهاب صابر

كاتب صحفي

«أنت هتجيب حرفنة محمد صلاح زى ميسى ولا مبابى، ده بيضيع فرص كتير قدام المرمى يجيبها أصغر لاعب فى الدورى المصرى، وفى المنتخب ماعملش حاجة وآخرها فى بطولة أفريقيا لما ضيع مننا الكاس وتصفيات كاس العالم لما غلبتنا السنغال تانى، شوف مانى يا أخى واللى بيعمله مع المنتخب وقارن، ده الكورة سيبك من الكورة طيب، شوف كمية المشاكل اللى عايشين فيها فى مصر عمرك شفته اتكلم عن حاجة فيها، بقى أجنبى ييجى زيارة زى السياح ويرجع تانى إنجلترا، صلاح اللى صنعه الإعلام إنما هو أكذوبة».

بهذه الكلمات وأكثر بدأت ماكينة الهجوم ترمى قذائفها ناحية محمد صلاح كما لو أنه المسئول عن ثقب الأوزون والحرب الروسية الأوكرانية وعن انتشار فيروس كورونا، وربما أيضاً الخلاف بين مروان بابلو ومولوتوف، وتناسوا جميعاً أن لعبة كرة القدم لعبة جماعية، وليست فردية كالتنس أو الإسكواش.

فإنجاز الفريق يعتمد على المجهود الجماعى ويرتبط بعوامل عديدة وكلها لا تخضع للثوابت.

أتفهم تشجيع الكثير من المصريين لأندية عالمية مثل برشلونة وريال مدريد وإنتر ميلان ومانشستر سيتى وبايرن ميونيخ وغيرها من الأندية التى تربينا على تشجيعها منذ الصغر، أسرتنا حرفنة رونالدينهو ودى نيلسون وريفالدو ونيدفيد وزيدان، وأهداف باتيستوتا وتوتى وراؤول وتيرى هنرى وغيرهم الكثير، ووضعنا ملصقاتهم على حوائط غرفنا، وكنا نسهر لمشاهدة مباريات كأس العالم بسبب فرق التوقيت عندما كنا صغاراً، التحيز الواضح لهذه الأندية العالمية وتشجيعها نابع من تشجيع سنين حتى أصبح راسخاً فى نفوس مشجعى الكرة.

الآن أصبح لدينا لاعب يضاهى هؤلاء النجوم، ويصنع التاريخ مثلهم بل وعلى صعيد الأرقام تفوق على بعضهم، مع كامل الاحترام لتجارب مثل أحمد حسام ميدو وهانى رمزى ومحمد زيدان وغيرهم من المحترفين المصريين.

لكن من منا كان يتخيل أن يصبح لدينا لاعب فى نادٍ عالمى يحصد البطولات المحلية والقارية والعالمية، ويفوز هو نفسه بالجوائز الفردية، ويقارن بأعظم لاعبى جيله، حتى على مستوى السينما والخيال عندما حلمنا بلاعب مصرى فى فريق عالمى وضعنا ممثلاً فى دور لاعب فى فريق ليس من مصاف الفرق الأولى، فقط «ابن نجريج» حقق أكثر مما نتخيل.

لم نعاصر الصعود إلى كأس العالم سوى مرة بقيادة الجوهرى وأخرى بقيادة كوبر، آخرهما كان بسبب هدف لمحمد صلاح، ذهبنا إلى كأس العالم وسجل صلاح (برضه) هدفين، ليتساوى مع عبدالرحمن فوزى الذى سجل هدفين لمصر فى كأس العالم عام 1934، ويصبح أكثر لاعب مصرى يحصل على جائزة أفضل لاعب فى أفريقيا متفوقاً على «الخطيب»، كما حصل على هداف الدورى الإنجليزى أكثر من مرة، وجائزة أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى.

شجع ما شئت وابتهج وتفاخر كما شئت بفريقك الذى أحرز بطولة، أو لاعبك الذى أصبح أفضل لاعب فى العالم، أو بحصوله على جائزة «الأفضل فى كل حاجة وأى حاجة وبينها جايزة نوبل فى أحسن تسديدة ضربة حرة» لكن لا تتجاهل أو تقلل من اجتهاد غيرك، ولا تسخر من (ابن بلدك) الذى أصبح نموذجاً للكثير داخل مصر وخارجها، وهذا ليس من باب أن نجعله إلهاً نصلى جميعاً خلفه، لكن أمَلاً نصلى جميعاً من أجله أن يظل موجوداً وناجحاً، ليلحق به غيره فى الرياضة والعلم والكتابة والفن وغيرها.

لى صديقة إنجليزية نتواصل على فترات كانت لا تعلم أى شىء عن مصر سوى الأهرامات وأبوالهول، الآن ما من مرة نتواصل فيها إلا ويصبح «مو» جزءاً من حديثنا، فإن كان هكذا تصنع الأكذوبة دعونا نصنع مثلها مرات ومرات ليتحدث عنها العالم.