إلهام عبد الرحمن تكتب.. 25 عاما في خدمة الصحافة.. علمتني «شيرين»

إلهام عبد الرحمن تكتب.. 25 عاما في خدمة الصحافة.. علمتني «شيرين»
لم يكن أبدا دخولي مجال الإعلام صدفة، بل كان عن محض إرادة وحب وشغف منذ الصبا، قابلني الملل تارة والإحباط تارة، لطالما كنت أخشى خوض التجربة خوفا من ألا أستطيع إضافة ما يميزني مهنيًا، ودائما ما كانت تراودني مقولة "مهنة البحث عن المتاعب" ولا أفهم معناها، حتى امتهنت الصحافة فعليا.
ولكن السبب الأقوى الذي جعلني أتدارك معناها الآن كان استشهاد أحد أعلام المراسلين العرب، الذي وهب روحه للمهنة قبل أن تكون للأقصى وفلسطين العروبة.
كان إخلاص شيرين أبو عاقلة لمهنتها كمراسلة لامثيل له علي الإطلاق، فعندما كانت في مأموريتها لتغطية أحداث الاحتلال الصهيوني بمخيم جنين، حاوطتها المخاطر من جميع الجهات، رغم تمكن الفزع والخوف منها، ظلت متمسكة باستئناف البث المباشر حتي لفظت أنفاسها الأخيرة... "فهذه قنبلة يدوي انفجارها علي بعد أمتار مننا زميلي محمد وتلك بناية توشك علي الوقوع بصاروخ الإحتلال أر.. أر.. أر.. أرجو ألا ينقطع البث" وانتهت حياة شيرين برصاصة الغدر الصهيونية.لحظات كلفت "شيرين" حياتها كي تعلمنا الصمود والإخلاص في العمل الصحفي تحت أية ضغوط كانت، ولو كلفك الأمر موتك.
تظل المجازفة في تغطية الحروب والأحداث الخطرة هي الوجه القاسي للمجال الإعلامي وأكثره أهمية، كما رأينا "شيرين" تسخر حياتها في تغطية الاعتداءات الإسرائيلية، منذ أن بدأت كصحفية ومراسلة فلسطينية، حتي استشهدت في أحضان "جنين"، لتنتهي مسيرة ال25 عاما صحافة.
علمتني مهنة الإعلام بمختلف أشكالها وفي بداية طريقي أن أكون مخلصا لعملي أولا ولبلدي ثانيا، وعلمني زملاء العمل الإعلامي كيف لي أن أفضله عن نفسي وراحتي أو حتي حياتي، سيتردد علي سمعي طيلة حياتي عبارات "شيرين" التي وصفت حب الصحافة، لتجعلني أنا أيضا أعشق عملي كصحفية: "اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلا ربما أن أغير الواقع، لكني علي الأقل كنت قادرة علي إيصال ذلك الصوت إلي العالم".
كللت الشهادة نجاح مسيرتها الصحفية، ماتت "شيرين" وهي تمارس أعظم رساله عاشت من أجلها، أتقنتها بنجاح حتي فارقت روحها الطاهرة الحياة، ولم تفارق أرض العزة فلسطين، ولم تفارق منبرها حتي فارقت الحياة وتركت بداخل كل منا حب أبدي للصحافة.