أنامل من ذهب توثّق تاريخ مصر بـ«سك العملة».. إنجاز متفرد وإبداع خلاق

كتب: محمود الجمل

أنامل من ذهب توثّق تاريخ مصر بـ«سك العملة».. إنجاز متفرد وإبداع خلاق

أنامل من ذهب توثّق تاريخ مصر بـ«سك العملة».. إنجاز متفرد وإبداع خلاق

نتداول العملات المعدنية، ونتبادل العملات والميداليات التذكارية، ويتقلد أبطالنا أنواط التميز والأوسمة والنياشين؛ تقديرًا لدورهم المتعاظم في خدمة الوطن، وتروي الدروع القومية قصة نجاح مصرية خالصة، بإنجاز تاريخي متفرد، تتكاتف فيه جهود المصريين، وبين هذا وذاك تُجسِّد «أنامل من ذهب» إبداعات خلاقَّة يمتزج فيها الماضي بحضارته العريقة، والحاضر بمنجزاته التاريخية الثرية، للعبور إلى «الجمهورية الجديدة» بمشروعات قومية عملاقة، لتحيا مصر شامخةً بوحدة شعبها، وتمضي بقوة بقيادتها السياسية الحكيمة، في مسيرة البناء والتنمية، متجاوزة التحديات المحلية والعالمية، لتشق طريقها إلى مصاف البلدان المتقدمة بما يُلبي الاحتياجات التنموية للمواطنين، على نحو يُرضي طموحاتهم.

لوحات إبداعية على العملات المعدنية

ولأن الصورة، كما يقولون، بألف كلمة؛ فإنّ اختيارها فن يشعر الجميع بجمال مكوناته، لكن بالطبع لا يُجيد كل الأشخاص رسم تلك اللوحات الإبداعية، ويتضاعف هذا التحدي بمختلف مفرداته إذا ما أردنا «سك» هذه الصورة على العملات المعدنية المتداولة أو التذكارية؛ حيث يتجاوز الأمر ترجمة الفكرة نفسها إلى تصميمات قابلة للتنفيذ على المعادن، إلى اختيار أنواع الخطوط التي تتعدد بين «الرِقعة، النسخ، الفارسي، الثلث، والديواني» وفقًا للمساحة وعدد الكلمات، ثم التنسيق الفني الراقي بين الصورة والجمل المنقوشة، اتساقًا بمنهج علمي أكثر انفتاحًا، يُطلق العنان للابتكار؛ ليكون لكل عمل أو تصميم، مذاق خاص، يمكن أن نُعبِّر عنه بـ«البراند».

إبداعات متفردة

وعلى هذا النحو، يتزايد شغف التعرف على رحلة إنتاج العملات المتداولة والتذكارية والدروع القومية، وأنواط التميز والأوسمة والنياشين، وتزخر مصلحة «الخزانة العامة وسك العملة»، بالعديد من فنون الإبداع، ولعل أهم ما تلحظه عين كل منصف «حالة حب» من نوع خاص بين العاملين وأدواتهم فى الرسم أو التصميم والنحت والسك، تنعكس في إبداعات متفردة، تُجسِّد ما نستهدف توثيقه في ذاكرة المصريين.

روح الفريق الواحد

وإيمانًا بأهمية تنمية الوعي الوطني، والحفاظ على الهوية المصرية، تزايد اهتمام الدكتور محمد معيط وزير المالية، بتطوير مصلحة «الخزانة العامة وسك العملة»، وترسيخ العمل بروح «الفريق الواحد» بقيادة اللواء حسام خضر رئيس المصلحة، على نحو يتجلى في الارتقاء بمستوى الأداء، وتحقيق الجودة الشاملة، وتعزيز القدرات البشرية، والتوسع في استخدام الحلول التقنية والتكنولوجية، وتوطين الخبرات العالمية المتميزة، وتعميق المكون المحلي.

شيوخ المهنة

وفي إدارة التصميم، تمتزج خبرات «شيوخ المهنة أو الصنعة» مع أفكار الشباب، لتُنتج أعمالا مبتكرة تربط بين أصالة الماضي بعراقته، والحاضر بتعدد روافده المعاصرة، وأول ما يلفت نظرك في هذه الوحدة أداء المدير والمصمم الاستشاري، نيفين متولى مصطفى، الذي يسهم في إرساء دعائم المنافسة المحفزة للابتكار بين المصممين في تحويل فكرة أي عميل إلى تصميمات قابلة للتنفيذ، بمراعاة التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة، وفي ذلك يتبارى الجميع، ويختار صاحب الشأن النموذج الأفضل الذي يعبر عن الإنجازات المستهدف توثيقها.

وفي كل عام، يكون المصريون على موعد مع إبداع جديد لدرع عيد العمال، وفي ذلك يتجلى تميز المبدعين في إدارة التصميمات الذين يواجهون هذا التحدي السنوي للابتكار، الذي يُعد أحد ركائزه نجوم الخط العربي، الذين يتصدرهم: جمال عبدالعظيم، وطه سنبل، ويتولون مهمة اختيار الخط المناسب للكتابة والفكرة، والتصميم بكل مفرداته، ويواصل الجميع الليل بالنهار، ليحفرون أسماءهم بأحرف من نور في ميدان العمل الإبداعي.

مصنع سك العملة

وبانتهاء مرحلة التصميم، ندخل في دائرة عمل مصنع سك العملة، ولعل أول ما يخطف الأنظار الأداء الملفت لنموذج جديد من عطاء المرأة المصرية، بنحت المهندسات منى ياسين، ومروة فتحى، وروان أسامة، يدويًا باستخدام الجبس وإعداد ما يسمى بـ«اسطمبات» على الصلب، أو من خلال برامج الكمبيوتر، ثم ننتقل إلى مرحلة تصفية «الاسطمبات» بالشكل المطلوب للتركيب على ماكينات سك العملة أو المكبس، بعد التأكد من نسبة الصلابة، ومراجعة النقوش المحفورة بعد المعالجة الحرارية، ثم يتم فرز المنتجات والتغليف.

رقم قومي لكل ختم في قاعدة بيانات إلكترونية

وتنفرد مصلحة الخزانة وسك العملة، بإنتاج أختام «شعار الجمهورية»، وفي ذلك استطاع اللواء حسام خضر، أن يترجم توجيهات الدكتور محمد معيط، في تعزيز الحوكمة، وتيسير الإجراءات؛ ليصبح لدينا رقم قومي لكل ختم في قاعدة بيانات إلكترونية، وميكنة دورة العمل داخل هذه الإدارة النوعية المهمة.

ولأن الكثيرون يرغبون في اقتناء بعض الميداليات، والنياشين، والأنواط، والبادجات، والعلامات المعدنية، وعلامات الرتب، المصنوعة من الذهب، والفضة، والبرونز، والنيكل، ف هناك إدارة عامة للتسويق والمبيعات تديرها سناء إبراهيم، تزخر بالعديد من النماذج الملهمة منها: ميداليات تذكارية للمسجد الأقصى، وقبة الصخرة، وكنيسة القيامة، وميداليات تذكارية لمسار رحلة العائلة المقدسة، ومجموعة من الباباوات الثلاثة «كيرلس، شنودة، تواضروس»، والشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأول دينار معرب «دينار عبدالملك بن مروان»، وميداليات تذكارية للقاهرة التاريخية بمناسبة مرور 1050 عامًا على تأسيسها، وميداليات تذكارية لأسرة محمد على، وأحدث إصدارات العملات التذكارية.

ولا يمكن أن يخلو حديثًا عن مصلحة الخزانة العامة وسك العملة، مما يزخر به متحفها المتفرد، الذي يمزج كما يقول صلاح الباشا، وياسمين جمال، بين مقتنيات تاريخية، وإصدارات حديثة تجسد براعة «أنامل من ذهب»، عكفت على تحويل الأفكار إلى تصميمات مبتكرة، بمهارة بارعة ودقة متناهية.

وبين العصور التاريخية يغوص كل منا في رحلة بناء الوعى الوطني بعظمة الأجداد، التي تتطلب منا جميعًا التحلي بعزيمتهم القوية، ومواصلة العمل الجاد، لاستكمال مسيرة الثراء الحضاري، وتتوقف الأعين كثيرًا أمام ما تراه من أعمال إبداعية جذابة، منها: ميداليات تذكارية لأسرة محمد على، وعملات ذهبية وفضية للهجرة النبوية الشريفة، ومرور 14 قرنًا على نزول القرآن الكريم، وعملات تذكارية بمناسبة العيد الألفي للأزهر، وموكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري إلى متحف الحضارة بالفسطاط، وعملات تذكارية لمئوية بنك مصر، والمتحف المصري بالتحرير، وميدالية تذكارية توثق زيارة الملك فؤاد إلى فرنسا، ومجسم للكعبة المشرفة، إلى غير ذلك من المقتنيات الثرية.

زيادة الفكّة بنسبة 50%

وفي الأعياد، يتم زيادة الكميات المطروحة من العملات المعدنية المساعدة «الفكة» بنسبة 50%؛ لتلبية احتياجات الجهات الحكومية والقطاع الخاص، بما في ذلك السلاسل التجارية الكبرى، بما يسهم في التيسير على المواطنين، وتسهيل عمليات البيع والشراء، وتلافي حدوث أي اختناقات في مواقف السيارات أو الأسواق، ويبلغ إجمالي إنتاج «الفكة» شهريًا 45 مليون جنيه.


مواضيع متعلقة