«آيا صوفيا» مسجد تركيا التاريخي يشهد التراويح للمرة الأولى منذ 88 عاما

«آيا صوفيا» مسجد تركيا التاريخي يشهد التراويح للمرة الأولى منذ 88 عاما
1500 عاماً مرت على «آيا صوفيا»، ما بين كنيسة ومسجد ومتحف، مورست بداخله كل الشعائر على اختلافها سواء كانت مسيحية أو إسلامية، كما فتحت أبوابه لك الجنسيات والدينيات على اختلافها لزيارته في فترة تم تحويله إلى متحف في عهد مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، ليقوم بعد ذلك رجب طيب أرودغان بإلغاء مرسوم «أتاتورك،» ويصدر آخر بتحويل «آيا صوفيا» إلى مسجد ويُفتح للصلاة أمام المسلمين، وتبعه تنديدات دولية وسط حالة من الاستنكار الدولي، فما هي قصة المسجد صاحب الألف وخمسمائة عام؟
حلم ببناء كاتدرائية ليس لها مثيل
يعود الفضل في بناء «آيا صوفيا»، وفقاً للمراجع التاريخية، إلى عهد الإمبراطور الروماني جستينيان الأول، الذي أراد أن يبني كاتدرائية مسيحية ليس لها مثيل في العالم، وبالفعل تم بناء أكبر مبنى في العالم وقتها مستخدمًا أول قبة معلقة في العالم، واستغرق بنائه حوالي خمس سنوات، في الفترة ما بين 532 و537 ميلاديًا، لدرجة جعلت الامبراطور نفسه.
واعتبر المؤرخون وقتها أن مبنى « آيا صوفيا» يعد جوهرة العمارة البيزنطية وأنه غيرتاريخ العمارة، ووصفه عدد من الكُتَّاب بأنه يحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي، وأنه أعظم من جميع الكنائس المسيحية، بل ورمزاً ثقافياً ومعمارياً وأيقونة للحضارة البيزنطية، وبقي الأمر حتى عام 1204، عندما حولت الحملة الصليبية الرابعة الكاتدرائية الأرثوذكسيَّة إلى كاتدرائية كاثوليكية تتبع الإمبراطورية اللاتينية، لكنها عادت إلى كاتدرائية أرثوذكسية شرقية عند استرداد الإمبراطورية البيزنطية أراضيها من الصليبيين عام 1261.
السلطان محمد الثاني يحوله إلى مسجد
ظلت «آيا صوفيا»، تتحرك ما بين المذهب الأرثوذكسي والكاثوليكي حتى فتح المُسلمون القسطنطينية عام 1453 تحت الراية العثمانية بقيادة السلطان محمد الثاني الذي لُقب بـ «الفاتح»، حيث أمر جنوده برفع الآذان في الكنيسة إيذاناً بجعلها مسجداً جامعاً، ونقل مقر بطريركية القسطنطينية المسكونية إلى كنيسة الرسل المقدسة، والتي أصبحت كاتدرائية المدينة، كما تم تغطية اللوحات الفسيفسائية الموجودة بداخل الكنيسة بطبقة من الجص لأنها لا تتماشى مع المسجد.
وأكد عدد من المؤرخين، أن تحول « آيا صوفيا» إلى مسجد استمر لعِدَّة قرون، وتم إضافة بعض الأشكال المعمارية الإسلامية له مثل المنبر وأربع مآذن، والمحراب.
وظل مسجد «آيا صوفيا» المسجد الرئيسي لإسطنبول إلى أن تم بناء جامع السلطان أحمد القريب، والمعروف أيضاً بالمسجد الأزرق، في عام 1616.
«أتاتورك» يحوله إلى متحف
ظلّ المبنى مسجداً قرابة 500 عام منذ فتح القسطنطينية حتى عام 1931، إلى أن قرر مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية العلمانية، إعلاق المسجد أمام المُصلين لمدة أربع سنوات، ثم أصدر قراراً ًبتحويله عام 1935 إلى متحف للجمهورية الوليدة، وأصبح المتحف مصدر جذب لعدد كبير من السياح.
لم يستمر الأمر طويلاً حتى ألغى رجب طيب أردوغان في أوائل يوليو 2020، تحويل المسجد إلى متحف، معللًا بأن مرسوم 1934 لم يكن قانونياً، وأنه وفقاً لكل من القانونين العثماني والتركي فإن« آيا صوفيا» يعد وَقفاً إسلامياً، أوقفه السلطان محمد الفاتح، وقد حدد الموقع مسجدًا، وذَكر مؤيدو القرار أن آيا صوفيا كانت ملكية شخصية للسلطان، لتعود الصلاة إلى «آيا صوفيا» بعد انقطاع 88 عاماً، ويشهد عام 2022 صلاة أول تراويح بعد العقود الثمانية .