كلية اللغة العربية بالقاهرة تاريخٌ وريادة
فى إطار القيام بدورها الفكرى عقدت كلية اللغة العربية بالقاهرة المؤتمر العلمى تحت عنوان: «التراث والحداثة فى اللغة والتاريخ: مثاقفة واختلاف»، وصدر مع المؤتمر مجلة تذكارية بعنوان (كلية اللغة العربية تاريخ وريادة)، بمناسبة مرور أكثر من تسعين عاماً على قرار إنشاء الكلية، التى يتكون مبناها -الذى أشرف عليه مهندس إيطالى- من دور أرضى وبدروم وثلاثة أدوار علوية، وواجهة الكلية الخارجية تشبه إلى حد ما كتاباً مفتوحَ الدفتين، وتقع الكلية بجوار مسجدى الأزهر والإمام الحسين، بين كليتى أصول الدين والشريعة والقانون، وشهدت الكلية تطورات خلال السنوات الأخيرة.
تُعبر المجلة عن الكلية وعلمائِها ودورها الريادى، وتُمثلُ لمسة وفاء من القائمين عليها تجاه الراحلين والأحياء، واحتشاداً لمهمة أصيلة، للتعريف بالمهد الذى تخرَّج فيه صائدو اللؤلؤ من أئمة اللغة والآداب وفرسان الفصاحة، ممن نهضوا بأعباء صناعة العلم، واهتدوا إلى منابع الفكر المستقيم، واخترقوا الضباب الكثيف لمعالجة اضطراب المفاهيم، واختلاط المعالم، وتجريف المعرفة.
تتناول المجلة موضوعات عديدة، منها: نشأة الكلية، ولائحتها الداخلية، وعلومها المختلفة، وتطور شُعَبها، والسجل الذهبى لعمداء ووكلاء الكلية، والذين تولوا العمادة خارج الكلية، والوزراء ووكلاء الأزهر من الكلية، وأعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث من خريجى الكلية، وصائدو الجوائز والتكريمات من العلماء والأدباء والشعراء ومحققى التراث.
وأجمل بما قامت به الكلية برعاية عميدها الأستاذ الدكتور غانم السعيد من تجهيز إحدى القاعات، لتكون مقراً للصالون الثقافى للكلية، وهى فكرة رائعة جديدة فيما أظن، حيث يجتمع مثقفون وأدباء ومفكرون لتبادل الآراء الفكرية والعلمية حول القضايا المختلفة، ويا حبذا لو شهد الصالون حضور طلاب ومعيدين، وتنوعت فيه الرؤى المختلفة بكل وضوح، فى جو من الاحترام والتقدير، ليكون الصالون الثقافى للكلية إضاءةً لتحريك العقول، ومنصة لتبادل الأفكار والرؤى.
ومنهجنا إذا وجب الانتقاد ننتقد، وإذا وجب الثناء نثنى، فالله رقيب وعليم، لذا نقول: رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور «محمد المحرصاوى» قام برعاية هذا العمل وتدعيمه بقوة، ودعا كليات الجامعة لتسجل تاريخها، فقال فى افتتاحية المجلة: «أدعو جميع كليات الجامعة إلى أن تنتهج نهج كلية اللغة بالقاهرة، فتُعنى بإخراج إصداراتٍ مماثلة؛ تكون نبراساً لطلابها، ومناراً يهتدون به على عراقة أزهرهم ودوره فى خدمة وطنهم»، ملحوظة (أصدرت كلية اللغة بأسيوط كتاب «أعلام كلية اللغة العربية بأسيوط»، بإشراف عميدها الأستاذ الدكتور «رفعت على»).
أما مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة -محل حديثنا- ففيها جهد لكثيرين، نذكر منهم: العميد الدكتور غانم السعيد، والدكتور ياسين عطية، والدكتور إبراهيم الهدهد، والدكتور محمد فهيم، والدكتور صلاح عاشور، والدكتور محمد المليجى، والباحث الأستاذ عبدالرحمن مصطفى.
بقى التنبيه على نقطتين:
الأولى: بذل الجهد؛ ليصل هذا العدد إلى الطلاب، وتُقام حوله المسابقات، ليأخذ الطلاب قبساً من حيوات أعلامهم، مع تدعيم الأعداد القادمة بمزيد من الوثائق والصور النادرة -وهى كثيرة- مثل صورة الشيخ عبدالرحمن تاج وهو يحمل السلاح فى صد العدوان الثلاثى، وهى الصورة التى زينت صفحة 31 من المجلة.
الثانية: التركيز فى الأعمال القادمة على قضية المنهج عند علماء الكلية وأعلامها، إذ ليس مقصودنا مجرد سردِ سيرِ حيوات العلماء، بل الغرض هو الغوص فى مواقفهم، والإبانة عن أفكارهم ومناهجهم، والكشف عن المواقف التى ارتفعت بهم لمعانٍ دافقة، ومستوى عالٍ، وتاريخ ناصع.