أصل الديوان| قصر الأميرة نعمت الله.. شاهد على أحزان الأسرة المالكة
مبنى وزارة الخارجية السابق قصر الأميرة نعمت الله
بالقرب من ميدان التحرير، يقبع بناء فخم، يتبع حاليا وزارة الخارجية المصرية، كان في الأصل قصرًا للأميرة نعمة الله الابنة الصغرى للخديوي توفيق والمولودة عام 1881، قبل أن تشتريه الحكومة في الثلاثينات، وشهدت أروقة القصر الكثير من الحكايات المفرحة والمحزنة.
قصر الأميرة نعمت الله صممه وأشرف على بنائه المهندس المعماري الإيطالي ذائع الصيت أنطونيو لاشياك، والذي شيد العديد من القصور في مصر خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين من بينها قصر الطاهرة.
وقال مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الآثار لـ«الوطن»: «يقع قصر الأميرة نعمة الله، أمام جامعة الدول العربية وبُنى القصر على جزء من مكان سراي الإسماعلية الصغرى بجوار كوبرى قصر النيل والذي يضم الآن القصر التابع لوزارة الخارجية وجامع عمر مكرم ومجمع المصالح الحكومية، ويمثل ميدان التحرير قلب القاهرة الحديثة ومدخلها الرئيسي».
أبرز المعلومات عن الأميرة نعمة الله
تزوجت الأميرة نعمة الله، زيجتها الأولى في هذا القصر من الدبلوماسي من ابن عمها الأمير محمد جميل طوسون، وأنجبت منه ولدها الوحيد الأمير عادل طوسون، وانتهى الزواج بالطلاق عام 1903م وظلت الأميرة مقيمة في قصرها، ولما كان من غير اللائق في الأسرة الملكية بقاء الأميرات دون زواج، تزوجت الأميرة من الأمير كمال الدين حسين ابن عمها السلطان حسين كامل، وبهذا الزواج أُطلق عليه اسم قصر الأمير كمال الدين حسين، إلا أنهما لم يرزقا بالأولاد، فكان القصر عش حزين فارغ.
تتبدل الأحوال في القصر وتصدح جنباته بالفرح في عام 1924م عندما تزوج الأمير عادل طوسون ابن الأميرة نعمت الله من زوجها الأول من أمينة عبد الرحيم صبري شقيقة الملكة نازلي، وبعد عام وقعت كارثة أخرى في القصر عندما ماتت العروس بعد الولادة، وسافر على إثرها الأمير الحزين إلى لندن، وخيم الحزن على أجواء القصر مرة أخرى برحيل الأمير كمال الدين حسين عاك 1932 فقررت الأميرة نعمت الله بيع القصر إلى الحكومة المصرية، مقرا لوزارة الخارجية عام 1935، أما الأميرة نعمت الله فرحلت عام 1966م عن عمر يناهز 85 عاما ودفنت في جنوب فرنسا.
أبرز محتويات قصر الأميرة نعمة الله توفيق
يشمل القصر 52 غرفة وتم تزيين واجهاته بعقود نصف دائرية وكرانيش وتيجان، أما المدخل الخلفي فيحتوى على بعض الصور للمراحل المختلفة لتشييد القصر، ويضم الطابق الأول للقصر صالون به صور للأسرة العلوية وحاليا يضم صور رؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية قبل الثورة وبعدها، وقاعة تضم أهم الوثائق الرسمية للوزارة ولوحة تضم الأعلام والرايات على مر العصور منذ العصر المملوكي والأختام في جميع العهود.
كما يضم القصر مكاتب وقاعات اجتماعات مختلفة خصصت بعد تحويل القصر ليكون مقرا لوزارة الخارجية للوزير ومساعديه، وقاعة الاجتماعات الكبرى وأخرى للمؤتمرات الصحفية بها نظام ترجمة فورية وكذلك يوجد عدة صالونات لاستقبال الزوار وحجرة طعام كبرى لعدد 24 فردا.
ويتتبع الباحث فتحي حافظ الحديدي تاريخ الوزارة في كتابه «الأصول التاريخية لمؤسسات الدولة والمرافق العامة بمدينة القاهرة»، أن وزارة الخارجية أحد أقدم الوزارات المصرية، وتاريخ عملها وتوقفها يرتبط بالأحداث التاريخية المؤثرة في تاريخ مصر الحديث، كما تغيرت مسمياتها أكثر من مرة منذ بداياتها الأولى تحت مسمى «ديوان التجارة والأمور الأفرنجية»، وكان مقرها فوق هضبة القلعة آنذاك، وتم إلغاء وزارة الخارجية تماما من سنة 1914 إلى 1922 بسبب إعلان الحماية البريطانية على مصر.
وانتقلت وزارة الخارجية إلى قصر الأميرة نعمت الله كمال الدين حسين منذ 1935، بميدان التحرير واستمرت «الخارجية» في العمل من هذا القصر حتى عام 1995، ومازال القصر تابعا للوزارة إلى الآن، رغم انتقال مقرها إلى برج وزارة الخارجية بطريق الكورنيش.