العلاقات المصرية القطرية.. بين "القطيعة" و"الأخوة"

العلاقات المصرية القطرية.. بين "القطيعة" و"الأخوة"
دائما ما تسير مؤشرات العلاقات المصرية القطرية بطريقة غير منتظمة، تعلو تارة وتهبط أخرى. كثيرا ما واجتها أوقات عصيبة لتصل إلى القطيعة، وأوقات أخرى تسير جيدة جدا تصل إلى الأخوة، وبالنظر في تاريخ العلاقات يتضح أنه ما أن تهبط مؤشرات العلاقات إلا أن يليها علو آخر.
قبل ثورة 25 يناير
العلاقات بين القاهرة والدوحة، أثناء نظام حسني مبارك سادها التوتر والشد المستمر، والتي وصلت إلى حد تجميد العلاقات والزيارات بين البلدين. "سياسة التنافس" التي سادت بين القيادتين السياستين، كانت أهم ركائز الخلاف، نظرا لمحاولات قطر أن تلعب دورا في قضايا إقليمية ترعاها القاهرة بخاصة ملفا السودان، وفلسطين.
ووصلت العلاقات إلى أسوأ مراحلها أوائل عام 2009، عقب الحرب الإسرائيلية على غزة ودعم الشيخ حمد لحركة حماس في القطاع التي كانت على علاقة متوترة مع نظام مبارك، فضلا عن علاقاته المتميزة مع نظام أحمدي نجاد في إيران، وما زاد العلاقات توترا هو استضافة الدوحة للمعارضة المصرية أمثال "الشيخ القرضاوي، والحقوقي سعد دين إبراهيم".
بعد ثورة 25 يناير
دعمت قطر الثورة المصرية منذ اليوم الأول، وذلك بزيارة الشيخ حمد آل خليفة أمير قطر، لمصر في مايو 2011، ثم قامت قطر بسحب مرشّحها لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، حتى تحتفظ مصر بهذا المنصب، وأكد وقتها حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري، أن موقف بلاده يأتي لدعم مصر الثورة.
وبدأ الاستقرار يخيم على العلاقات، بخاصة بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم والتي تتميز بعلاقات راسخة مع حكم آل خليفة في قطر، وزيارات المتبادلة بين الجانين وقت حكم محمد مرسي، حيث وصلت الزيارات لثلاث زيارات في عام واحد، عُقد خلالها قمة ثنائية لتعزيز الاستثمارات الاقتصادية.
قدمت قطر لمصر 3 مليار دولار خلال هذه السنة على صورة ودائع وسندات، إضافة إلى الاستثمارات فى مجال الطاقة الكهربائية بقيمة 8 مليارات دولار، ومصانع للحديد والصلب واستثمارات بحدود 8 مليارات جنيه في مجال الطاقة والغاز بمجمع شرق التفريعة، وهذا ما أكده البنك المركزي عن ارتفاع حجم الاستثمارات القطرية التى دخلت مصر بمعدل 74%، خلال الربع الثالث من عام 2012، بنحو 9.8 مليون دولار لتقفز إلى 13.2 مليون دولار.
بعد ثورة 30 يونيو
بعد العلاقات التي وصلت إلى قمة ازدهارها، إلى أنه بعد ثورة الشعب في 30 يونيو واستجابة الجيش المصري لمطالب المصريين والإطاحة بمحمد مرسي، لكن الإطاحة قامت بهبوط مؤشر العلاقات مع قطر إلى أقصى مستوياته، حيث سارعت الدوحة باتباع وسائل ضغط سياسية واقتصادية وإعلامية لإجهاض أهداف 30 يونيو.
أصبح هناك ملفات شائكة تهدد العلاقات الثنائية، أولها ملف الدعم القطري لجماعة "الإخوان" والرئيس المعزول محمد مرسي، استضافتها للقيادات الإخوانية الهاربة وتنظيمها لاجتماعاتهم لإسقاط حكم القائم، إضافة إلى ذلك خفض الاستثمارات القطرية في مصر، وسحب "الوديعة" التي وضعتها قطر في البنك المركزي، وتسخير منبر قناة الجزيرة بشن هجوم على الحكم بعد ثورة 30 يونيو وتصوير أن ما حدث ما هو إلا "انقلاب عسكري"، على نظام مرسي.
وهو ما رفضته السياسة الخارجية المصرية عقب ثورة 30 يونيو، والتي اتسمت بالرفض القاطع التدخل فى الشؤون الداخلية، متبعة لمنهج التعامل بالندية وبلغة المصالح المشتركة، لذلك استدعت الخارجية السفير المصري فى الدوحة منذ فبراير الماضي احتجاجا على التدخل في الشأن المصري الداخلي.
بداية حل أزمة العلاقات الثنائية
كانت بداية حل الأزمة بين البلدين من خلال الدورة 69 للأمم المتحدة بنيويورك، حيث قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان بمصافحة للرئيس عبدالفتاح السيسي خلال تناولهما الغداء، وقام بتحيته وتبادل بعض الكلمات.
ليؤكد بعدها الرئيس السيسي في تصريحات صحفية "أن الأزمة بين مصر وقطر في طريقها للحل، وهدفنا الإستراتيجي هو حماية مصر". في المقابل قال أمير قطر في حوار صحفي بشبكة "سي أن أن" إن بلاده لن تسمح للإخوان بممارسة السياسة ضد أى دولة أخرى.
فيما دعا الملك عبدالله الرئيس السيسي إلى دعم اتفاق الرياض التكميلي مع قطر، وقال فى بيانه "ارتباطًا بالدور الكبير الذى تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فلقد حرصنا فى هذا الاتفاق وأكدنا وقوفنا جميعا إلى جانبها وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء.. ومن هذا المنطلق فإننى أناشد مصر، شعبا وقيادة، السعي معنا فى إنجاح هذه الخطوة فى مسيرة التضامن العربى، كما عهدناها دائما".
فى سياق متصل، أكدت مصادر دبلوماسية خليجية أن العاهل السعودي حصل فى اجتماع الرياض، الأحد الماضي، على تعهد جديد من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، بالحد من تأييد بلاده لجماعة الإخوان، ووضع حد للانتقادات الإعلامية لدول الخليج.
وقامت الرئاسة، بتأييد اتفاق المصالحة بين دول الخليج وقطر، ورحبت ببيان العاهل السعودى، الذى ناشد مصر، مطالبا بأن يكون الإعلام معينًا لتحقيق الخير للشعوب، وجددت الرئاسة في بيانها أمس الأربعاء "بأنها كانت وستظل بيت العرب"، مشددة على أنها "لا تتوانى عن دعم ومساندة أشقائها، وتؤكد على تجاوبها الكامل مع هذه الدعوة الصادقة، والتى تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربى".