حسام زكي في مجلس الأمن: 14 مليون سوري بحاجة للمساعدة الإنسانية العاجلة
السفير حسام زكي
قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إن الذكرى الحادية عشرة لاندلاع الأزمة السورية تتزامن مع اضطرابات عالمية خطيرة، تفرض تحديات إضافية على المجتمع الدولي وخطط استجابته للأزمات الإنسانية، لافتًا إلى أنه من المتوقع ألا تكون الأزمة السورية بمنأى عن هذا المشهد القاتم الذي يلقي بظلاله على حالة السلم والأمن الدولي.
وأضاف «زكي»، في كلمته التي ألقاها بمجلس الأمن بشأن الأزمة السورية، أنه رغم أن الأمل لا زال يحدونا في أن تتغلب لغة الدبلوماسية على لغة السلاح والاقتتال، إلا أن مخاوفنا تتزايد كل يوم مع تزايد معدلات النزوح في الحرب الدائرة في أوكرانيا، على نحو يطرح أمام المجتمع الدولي مسؤوليات ضخمة، لاسيما فيما يتعلق بالتعامل مع التحديات والأزمات الإنسانية التي تزايدت وتيرتها مع تصاعد وتيرة الصراعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم.
أزمة إنسانية كارثية
وتابع «زكي» بأن كل الأبعاد المتعلقة بالصراع السوري ساهمت في تشكيل أزمة إنسانية كارثية طالت جميع أبناء الشعب السوري بغض النظر عن مناطق تواجدهم، وانعكست آثارها المفجعة على عدة أجيال منه، وتفاقمت حدتها في ظل تزايد معدلات اللجوء والنزوح وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وارتفاع معدلات الفقر، فضلاً عن تردي الأوضاع الصحية في ظل جائحة «كوفيد-19»، والدمار الذي لحق بالمؤسسات العلاجية، التي تخضع لعقوبات تجعلها عاجزة عن أداء أبسط مهامها الإنسانية.
وقال «زكي»، إن التقديرات تشير إلى أن 90٪ من أبناء الشعب السوري يعيشون حالياً تحت خط الفقر، ويعاني نحو 12.5 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وقد أدت سنوات الصراع إلى نزوح ولجوء أكثر من 12 مليون سوري، أي نصف سكان البلد تقريباً، وهي حالة فريدة – للأسف - في التاريخ المعاصر.
وأضاف «أصبح هناك أكثر من 14 مليون سوري في حاجة للمساعدة الإنسانية، إضافة إلى وجود عشرات الآلاف من المحتجزين والمختطفين والمفقودين».
تداعيات الأزمة السورية
وذكر «زكي» أن جامعة الدول العربية تدرك الآثار الخطيرة لهذه الأزمة على الاستقرار في المشرق العربي، بل وفي المنطقة العربية على اتساعها، وتتابع تداعياتها وآثارها المؤلمة التي تطال الدول المجاورة لسوريا، لاسيما الدول العربية المستضيفة للسوريين وفي مقدمتها لبنان والأردن، اللتان تتحملان أعباء ضخمة في سبيل توفير الإغاثة والخدمات الأساسية للنازحين السوريين، رغم ما يشكله ذلك من ضغوط كبيرة على البنى التحتية والقطاعات الحيوية في تلك الدول خاصة قطاعي التعليم والصحة.
وأوضح أن لبنان يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين نسبة إلى عدد سكانه، والأردن يستضيف ما يزيد على مليون سوري منذ بداية الصراع، وهو ما يضع عبئاً هائلاً على كاهل دولة ليست ذات موارد كبيرة، لافتًا إلى أن الجامعة العربية تتطلع لأن يسهم مؤتمر بروكسل السادس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، والمقرر عقده في 10 مايو المقبل، في التخفيف من حدة هذه المأساة الإنسانية التي طال أمدها، وحشد الدعم اللازم لمساندة الدول المستضيفة للنازحين السوريين.
وأشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إلى أن دعم النازحين واللاجئين هو مسؤولية تشاركية بين المجتمع الدولي والدول المستضيفة، دونما تمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين مثلما يردد مؤخراً بكل أسف، فاللاجئ والنازح من نزاع مسلح هو إنسان قبل أي اعتبار، انهارت ظروف حياته الطبيعية دون رغبة منه أو قدرة على مواجهة الواقع الصعب.
قرار الجامعة العربية حول الأزمة السورية
وقال إن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اعتمد في 9 مارس قراره حول الأزمة السورية، الذي يشكّل أساس الموقف العربي من الشق الإنساني في الأزمة ما يلي:
أولاً: هناك قلق عربي كبير من تدهور الأوضاع الإنسانية، ومن العواقب الكارثية التي يمكن أن تترتب على استمرار العنف في مناطق متفرقة من سوريا على الرغم من ثبات خطوط التماس في شمال غرب وشمال شرق البلاد على مدى 20 شهرًا، وهناك اهتمام بتثبيت الاستقرار والتصدي لظواهر انعدام الأمن والاغتيالات وتهريب المخدرات في الجنوب السوري، لتمكين اللاجئين من العودة الطوعية إلى وطنهم ووقف تفاقم الأوضاع في الجنوب.
ثانياً: يوجد قلق مشروع إزاء الأوضاع الإنسانية المتردية التي يشهدها مخيم الهول وتجمع الركبان، ولذلك فهناك مطالبة من الأطراف الدولية والسورية بتحمل مسؤولياتها والسماح بتأمين ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية من الداخل السوري، والتأكيد على أهمية عودة كل قاطني الركبان إلى مناطقهم، وتفكيكه وإخلائه بشكل تام.
ثالثاً: يوجد قلق مبرر وحقيقي إزاء أي ترتيبات جديدة على الأرض من شأنها أن تشكل تهديداً لوحدة الأراضي السورية.. والرفض القاطع لكل المحاولات التي تهدف إلى فرض تغييرات ديموغرافية قد ترسخ لواقع جديد على الأرض السورية، وكذلك للاستباحة الجوية المستمرة للأجواء السورية من جانب إسرائيل.
رابعاً: رحب المجلس باعتماد مجلس الأمن القرار 2585 (2021) بشأن تجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية، وطالب الدول المانحة بسرعة الوفاء بتعهداتها التي أعلنت عنها في مؤتمرات المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا.
تداعيات الحرب في أوكرانيا على الأزمة السورية
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية «إن لدينا خشية حقيقية من انعكاسات وتداعيات الحرب في أوكرانيا على الأزمة السورية، سواء كان ذلك ميدانياً أو في تعامل مجلسكم الموقر معها، فما يواجهه النظام العالمي من تحديات خطيرة على خلفية الحرب يدفعنا إلى التأكيد مجدداً على أهمية ألا يتضاءل الاهتمام الدولي بالاحتياجات الإنسانية الملحة، أو ألا يتمكن المجلس من التعامل مع الشق الإنساني تحديداً لأسباب سياسية بحتة».
وأشار إلى أن الجامعة العربية تعرب عن تطلعها لاستمرار آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وتجديدها في يوليو المقبل، وبحيث يبتعد بهذا الموضوع الإنساني عن التسييس بسبب الأوضاع الحالية. إننا نعتبر تجديد قرار مجلس الأمن 2585 أمراً حيوياً بالنسبة لمصير ملايين المحتاجين من الشعب السوري.
وأكد أن الأزمة الإنسانية في سوريا لن تجد طريقها إلى الحل سوى عبر تسوية سياسية شاملة تستند الي التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 (2015)، وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري في تحديد مستقبله بحرية، فالحل السياسي وحده يظل السبيل لإنهاء الصراع وخلق مناخ آمن ومحايد يضمن العودة الآمنة والكريمة والطوعية لملايين المشردين والنازحين واللاجئين.
وجدد «زكي» دعم الجامعة العربية لجهود المبعوث الأممي جير بيدرسون والتعهد بمواصلة التعاون معه.