«المصرى للمصرى سند».. مواطنون ساعدوا العالقين على الحدود الأوكرانية
![عبدالرحمن ورد مع المصريين العائدين من أوكرانيا فى سلوفاكيا](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/20266803051647544950.jpg)
عبدالرحمن ورد مع المصريين العائدين من أوكرانيا فى سلوفاكيا
استيقظ العالم صبيحة يوم الخميس الموافق 24 فبراير الماضى، على خبر إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين شن عملية عسكرية على جارته أوكرانيا، بهدف حماية المدنيين فى إقليم «دونباس» من عمليات إبادة جماعية ارتكبتها الدولة الأوكرانية، ومع بدء العمليات، خرج عدد كبير من المصريين يبحثون عن طريق لإخراج ذويهم من الدولة التى أصبحت بين رحى الصواريخ والدبابات الروسية والأوكرانية. وبين ليلة وضحاها، تحولت صفحات التواصل الاجتماعى إلى مساحة كبيرة لتقديم العون والمساعدة إلى الأهالى المصريين، بدأ على أثرها عدد كبير من الشباب المصرى فى دول أوروبية لها حدود مع أوكرانيا، فى التوجه إلى الحدود محاولين البحث والوصول إلى الطلاب، لتقديم العون والمساعدة لإخوانهم المصريين المحاصرين فى الدولة الأوكرانية تارة، والعالقين على الحدود تارة أخرى، ليكونوا عضداً وسنداً لهم مطبِّقين الآية القرآنية: «سنشُدّ عَضُدَكَ بأخيكَ»، وضاربين مثلاً على «جدعنة المصريين». «الوطن» تواصلت مع عدد من المصريين فى المجر ورومانيا وسلوفاكيا وبولندا، الذين بادروا بتقديم العون والمساندة لإخوانهم، مؤكدين أن «المصرى للمصرى سند»، ورافضين وصف ما قاموا به بأنه مساعدة وإنما واجب يقدمه الأخ لأخيه.
سلوفاكيا.. «عبدالرحمن» توفى والده قبل الحرب فاستقبل بلدياته: صدقة جارية
صبيحة الخميس 24 فبراير الماضى، استيقظ «عبدالرحمن ورد» كعادته يتصفح مواقع التواصل الاجتماعى، حتى وقع بين يديه مقطع فيديو لمواطن فى بولندا يستغيث من الحرب الروسية الأوكرانية، مطالباً الجميع بسرعة المساعدة، ارتدى الشاب الثلاثينى ملابسه واستقل سيارته مسرعاً من قلب العاصمة السلوفاكية «براتيسلافا» إلى الحدود السلوفاكية الأوكرانية، محاولاً تقديم المساعدة فى إجلاء المواطنين من داخل أوكرانيا، وخاصة المصريين من الطلاب الذين تقدر أعدادهم وفقاً لإحصائيات رسمية بـ3500 طالب.
الشاب الثلاثينى: وفرت لهم أماكن للمبيت ووسائل انتقال ومواد غذائية
فى البداية لم يكن «ورد» يعلم وجهته خاصة مع وجود عدة معابر حدودية بين أوكرانيا وسلوفاكيا، وقال لـ«الوطن»: «فى البداية توجهت إلى معبر أوبلا وهو معبر سلوفاكى على حدود أوكرانيا وفى نفس الوقت على مقربة من بولندا، فوجئت بأن المعبر لا يسمح إلا بعبور من يحملون الجنسية الأوكرانية فقط، استقبلت عرباً ومصريين متزوجين من أوكرانيات ويحملون الجنسية الأوكرانية، قمت بمساعدتهم سواء من خلال توفير مكان للمبيت أو عن طريق توصيلهم إلى محطات الأوتوبيسات أو القطارات».
وأضاف الشاب الثلاثينى، الذى غادر مصر بعد اندلاع أحداث 25 يناير، متجهاً إلى سلوفاكيا، فور توقف عمله فى مجال السياحة: «بدأت أستقبل مكالمات من مصريين، يطلبون المساعدة ويخبروننى بأنهم عند معبر (فاشنى نمسكا) وهو معبر تم تخصيصه لعبور الأفارقة والعرب، فى البداية قمت بتأجير غرفتين تضم كل واحدة 8 أسرَّة، ولكن مع الوقت وزيادة الأعداد، زادت التكلفة المادية، فكان الأسهل هو نقل المواطنين إلى أقرب وسيلة مواصلات».
أيام متواصلة من العمل والمساعدة فى إجلاء العرب والمصريين، من الحدود الأوكرانية السلوفاكية، رغم التعب الشديد، فإن «ورد» كان يراها أفضل صدقة جارية يمكن أن يرسلها إلى والده، الذى توفى فى ديسمبر الماضى: «كنت سأخصص له مبلغاً مالياً لشراء كراسى طبية فى مستشفى قويسنا مسقط رأسه، ومع اندلاع الحرب فى أوكرانيا، قمت بتوجيه هذا المبلغ إلى مساعدة وإجلاء المصريين والعرب من أوكرانيا، بصراحة لن أجد صدقة جارية لوالدى أعظم من إنقاذ حياة إنسان».
سبب آخر جعل «ورد» يقدم على مساعدة أشقائه من المصريين فى أوكرانيا «مرّيت بنفس ظروفهم فى سلوفاكيا، كنت طالب ومغترب وممكن أكون فى نفس مكانهم فى يوم من الأيام»، مؤكداً أنه تلقى الدعم والمساعدة من شقيقه «محمود» الذى أمده بمبالغ مالية عندما علم أن نقوده نفدت فى مساعدة المصريين الهاربين من شدة الحرب فى أوكرانيا وويلاتها.
الناس فى «براتيسلافا» ساعدونا دون مقابل وفتحوا بيوتهم للطلاب المصريين
مواقف عدة إيجابية شهدها «ورد» من قبل الحكومة والمواطنين فى سلوفاكيا، حيث التحق بعمل فى إحدى أكبر شركات صناعة السيارات بعد إنهاء دراسته، «الناس كانت متعاونة، لدرجة أن مدير محطة الأوتوبيسات سمح لمجموعة من الشباب بالمبيت فى غرفة العاملين بالمحطة عندما رأى الإرهاق على وجوههم، عندما ذهبنا أيضاً إلى سوبر ماركت وطلبت من العاملين مخبوزات لا تحتوى على دهن الخنزير لأن أغلب الطلاب مسلمون، استجابوا بل رفضوا أخذ مقابل مادى، وفيه ناس فتحت بيوتها واستقبلت الطلاب».
مواقف صعبة مرت أيضاً على «ورد»، أبرزها أن هناك مصريين ممن وصلوا إلى الحدود لا يمتلكون أوراقاً ثبوتية، ولا يتحدثون أيضاً باللغة السلوفاكية، فكان يتواصل مع حرس الحدود ويساعدهم خاصة أن سلوفاكيا من الدول التى تسمح بمرور الهاربين من أوكرانيا حتى دون أوراق ثبوتية لحين توصيلهم إلى السفارة المصرية لمساعدتهم.