«التدبير المنزلى» موهبة تتوارثها سيدات مصر على مدار التاريخ

«التدبير المنزلى» موهبة تتوارثها سيدات مصر على مدار التاريخ
للتدبير المنزلى أهمية كبيرة فى حياة الأسرة المصرية، فقديماً كانت له مدرسة وكلية لتعليم الفتيات كل تفاصيل البيت، وتدبيره من أمور مادية ومعنوية، مع الاعتناء بالأطفال والزوج، والخياطة والحياكة والطهى والخبيز، لتتخرج منها الفتاة «ست بيت» بكل ما تحمله من معانٍ نبيلة فى وقتها، كما أنها تتعلم الإتيكيت وفنون التقديم والعزومات، لذا كانت الفتاة لا تجد حرجاً من دخول هذه الكليات، وكان التدبير أولوية عند اختيار زوجة مثالية فى هذا الوقت، ولكن تراجع هذا الدور مع ازدياد مشاركة المرأة فى العمل العام، لكن تظل فنون التدبير موهبة موروثة من الجدات للحفيدات، فهو فن أتقنته المصريات منذ زمن.
«سامية»: باخد مرتب زوجى وأطلَّع مصروف لكل حاجة
سامية الملاح، متزوجة منذ 27 عاماً، كانت فيها خير مدبرة لبيتها، فمرتب زوجها قديماً كان هو شغلها الأساسى فى أول كل شهر، وقالت لـ«الوطن»: «جوزى كان بياخد 250 جنيه ساعتها ماكانش مرتب وحش ولا عالى، فكان لازم التوفير منه، وكل حاجة كان ليها مصروف حتى جوزى نفسه ليه مصروف».
السباكة واستهلاك الكهرباء والماء، ودفع صيانة العمارة لكونهما يعيشان فى شقة تمليك، جميعها مصاريف شهرية ضرورية، وأضافت: «ساعات كنت بوفّر كمان من المصروف ده وادِّى الباقى لجوزى، وهو بصراحة كان ممكن يجيب لى هدية ويقول لى ده تعبك انتى ولولاكى ماكنتش هحوش حاجة»، ومن الأموال المتبقية وعلى مدار شهور كانت تتمكن سامية من شراء جهاز جديد للمنزل على سبيل المثال تليفزيون جديد، أو ريسيفر حينما انتشر فى مصر بداية الألفينات.
«سهر»: المشكلة الحقيقية بعد خلفة الولاد
سنة واحدة عاشها الزوجان دون مشكلات مادية تذكر، إلا أنه بمجرد أن أنجبت سهر محمود، ابنهما البكرى بدأت المسئوليات الحقيقية للثنائى، وبدأ التدبير المنزلى، وقالت: «الطفل هو اللى بيحمل الأب والأم فوق طاقتهم لازم نخطط للحمل والولادة كويس، ومانجيبش أكتر من طفلين إلا لو مقتدرين عشان الفلوس اللى هصرفها على 4 أحسن أصرفها على 2، وده اللى عملته منعت الخلفة بعد ابنى التانى بس بردو الأعباء المادية كانت كبيرة».
توفير مدرسة ملائمة، ملبس ومأكل للأطفال كان على رأس أولويات «سهر»، التى اقتصدت من مصروف المنزل كل شهر بداية من الصيف حتى الشتاء كى تتمكن من تعليم ابنيها فى مدرسة خاصة بضواحى القاهرة، ونجحت فى ذلك بالفعل، صيف يسافرون إلى المصيف وآخر يقضونه فى توفير النفقات، حتى استطاع زوجها المرور بوظيفته إلى بر الأمان، وأصبح راتبه يكفى الطفلين، إلا أنه فى كل أزمة كانت دوماً زوجته تقف سداً منيعاً ضد تأثر أبنائها بتوفير واستبدال كل ما تقدر عليه وبشكل شهرى.
أما فاطمة شريف فاتبعت أسلوباً مختلفاً فى تدبير أمور منزلها، وكانت الطريقة الرئيسية لديها هى التوفير من الاحتياجات الغذائية، وتعاملت حتى مع أصغر الأمور، وقالت: «أهم حاجة تكونى دقيقة وانتى بتشترى حاجات بيتك، لازم الميزان يكون مظبوط بالملى، لو وفرتى ربع كيلو بس فى كل مرة وشِلتى فلوسه على جنب هتلاقى مبلغ من كل حاجة اشترتيها، اللحمة تتوزن بالجرام، والرز يتجاب شيكارة جملة تقعد شهور عندك».
وأضافت: وكذلك الحال بالنسبة للزيت والسكر والشاى يجب جلبها من التموين، مع الاحتفاظ بزجاجة زيت غالية الثمن للسلطات والتتبيلات، وشراء الملابس من محلات محلية وليس ماركات غالية الثمن، وبهذه الطريقة استطاعت توفير مدارس جيدة، واشتراك نادٍ، وخلال 10 سنوات من الزواج غيّرت شقتها إلى أخرى تمليك فى منطقة أرقى، وفى كل أزمة يمر بها البيت ويحتاج ماديات إضافية كانت تمر بسلاسة فهى لم تحرم أولادها يوماً من أى شىء يريدونه، وإنما كانت المصاريف بالحساب والعقل فقط، وتابعت: «عندى أجندة بكتب فيها كل حاجة الفلوس الداخلة والخارجة عشان ماتتصرفش على أى حاجة مالهاش لازمة».