التحول الديمقراطى.. سلاح الشعب ضد الإرهاب! (1-2)

على السلمى

على السلمى

كاتب صحفي

حتى لا ننسى نحن المصريين أننا فى حرب أعلنتها علينا جماعة الإرهاب الإخوانية منذ عزلنا رئيسهم الخائن وأنهينا سنة كئيبة مرت بالوطن تحت حكم الجماعة ومكتب إرشادها. تلك الحرب بدأت بخطاب مرشد الإرهاب فى خطابه من على منصة «رابعة» عصر الجمعة 5 يوليو بعد أن تسلل إلى الميدان متخفياً فى زى امرأة! إن جماعة الإرهاب فى عداء متصل ومستمر مع فكرة الديمقراطية فى الأساس، وهى تهاجم كل من ينادى بدعم الدولة المدنية فى مصر، واستخدمت الشعارات الدينية لإقناع المصريين الشرفاء بالتصويت بـ«نعم» فى استفتاء 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية باعتبار أن الموافقة تعنى التصويت للإسلام، وأن المصوتين بـ«لا» هم دعاة العلمانية الكافرة والمعادية للإسلام. واستمرت الجماعة الإرهابية فى تضليل الناس، فأشاعوا أن اشتراكهم فى انتخابات مجلس الشعب فى 2011 هو «مشاركة» لا «مغالبة» وكانوا كاذبين لتضليل الأحزاب التى تحالفت مع حزبهم، ثم انقلبوا إلى المغالبة، وكانوا كاذبين حين أعلنوا عدم ترشيح أحد منهم للانتخابات الرئاسية، ثم اتضح كذبهم. وافتعلوا حرباً على «وثيقة المبادئ الدستورية» لمنع إقرار معايير موضوعية لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية المائة لوضع الدستور حتى ينفردوا بصياغة دستور على نهجهم ومحقق لأهدافهم فى الاستيلاء على مفاصل الدولة، ونجحوا فى هذا وكان دستور 2012 الكارثى! هذه المقدمة، وإن طالت قليلاً، كانت ضرورية لفضح العداء الكامن تجاه الفكرة الديمقراطية لدى تلك الجماعة غير الوطنية، ولتأكيد أن الإسراع بالتحول الديمقراطى هو من أمضى الأسلحة التى تعين الشعب والدولة فى مجابهة الحرب الإرهابية التى تتعرض لها مصر. إن التحول الديمقراطى كان قد توقف خلال حكم الجماعة الإرهابية وأعاقته الاعتصامات فى «رابعة» و«النهضة» والعمليات الإرهابية فى «كرداسة» و«دلجا» وحرق الكنائس والمساجد وتدمير المتاحف فى «المنيا» وتفجيرات مديريات أمن الدقهلية والقاهرة وجنوب سيناء، وأعمال العنف فى الجامعات، والفوضى الممنهجة التى يقودها أعضاء الجماعة الإرهابية كل يوم جمعة، والمطلوب الآن استئنافها. إننا يجب أن نعمل جاهدين لتأسيس مجتمع ديمقراطى يوفر الحرية والمساواة والعدالة لجميع المواطنين من دون تمييز، ويفتح مجالات العمل الوطنى وفرص المشاركة فى الحياة السياسية والمجالات الاقتصادية والاجتماعية للجميع من دون استثناء، ويحقق لجميع المصريين الأمن والسلامة فى بلدهم مطمئنين لحكم القانون وسيادته على الجميع. إن التحول الديمقراطى هو من ركائز تدعيم دولة المؤسسات ونظام الحكم المؤسس على سيادة القانون وتداول السلطة والمواطنة وحرية اختيار المواطنين لمن يحكمهم ومن يمثلهم فى المجالس التشريعية والمحلية. إن التحول الديمقراطى فى مرحلته الحالية الذى وُضعت لبنته الأساسية بدستور 2014، هو سبيل مصر للتقدم واستعادة مكانتها فى المجتمع العالمى المعاصر وضمان قوتها. إن التحول الديمقراطى هو التزام وطنى وضرورة بقاء، وحتمية منطقية وعملية لا بديل عنها لمجاراة العالم المتقدم واللحاق بالركب، وتحدٍّ حضارى يجب قبوله لتأكيد صلابة وفعالية وتفوق القيم الوطنية للمصريين. والعنصر الأساس فى إنجاز التحول الديمقراطى يقتضى وجود كيان رسمى يُعنى بتصميم وتدبير كافة المقومات والموارد اللازمة، وذلك بإنشاء منصب رسمى على مستوى عال للاهتمام بتصميم ومتابعة تنفيذ فعالياته، وذلك بأن يضم الفريق الرئاسى المعاون لرئيس الجمهورية مستشاراً أو مساعداً للرئيس لشئون التحول الديمقراطى، وإنجاز الاستحقاق الرئيس فى خارطة المستقبل بالانتهاء من انتخابات مجلس النواب، ثم الشروع فوراً فى انتخابات المجالس المحلية الشعبية. إن زيادة وعى الجماهير بأهمية الفكرة الديمقراطية تتطلب تنظيم حملات جماهيرية مع كل طوائف الشعب لشرح مضامين الديمقراطية ومزاياها واتفاقها مع قيم وأعراف الشعب المصرى الوسطى، وشرح حقوق وواجبات المواطنين فى ظل الحكم الديمقراطى. كذلك يجب استثمار مواقع التواصل الاجتماعى والتطبيقات الإلكترونية فى الوصول إلى الجماهير العريضة لإقناعها بمفاهيم ومزايا الديمقراطية وكسبها إلى جانب «التحول الديمقراطى». ومن العناصر الحاسمة فى تفعيل التحول الديمقراطى أن يتم تهيئة المناخ السياسى بقيام الأحزاب السياسية بتوفيق أوضاعها حسب ما قضى به الدستور فى المادة رقم 74 بأنه «لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى، أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية، أو سرى، أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى». كذلك تفعيل المادة رقم 73 بأن «للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحاً من أى نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه»، ومن ثم يجب مراجعة قانون تنظيم التظاهر وإدارة حوار مجتمعى جاد حول نتائج تطبيقه حتى الآن ومعالجة ما يكون قد شاب تطبيقه من تعنّت من جانب الدولة أو تجاوزات من جانب بعض المواطنين المعارضين للقانون. كذلك من الواجب سرعة إصدار القانون الجديد للجمعيات الأهلية بعد مناقشته والتوافق حوله فى حوارات مجتمعية جادة وشاملة لكل المعنيين والمتأثرين بذلك القانون، ومع التأكيد على اتفاقه مع المادة رقم 75 من الدستور، وكذا تفعيل المادتين رقم 76 ورقم 77 واللتين تنصان على إنشاء الاتحادات والنقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى. وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله.