الكردوسي شهيد الصحافة

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

الكردوسى ومحمود مسلم وأقرانهما فى الصحافة المصرية كانوا دفعة مفاجئة لمصر كلها، انتشروا فجأة فى الصحف الخاصة، وتواصل صوتهم منافساً الصحف الحكومية حتى تخطوها وصنعوا لمصر صحافة الواقع والجرأة والاقتحام لتابوهات الممنوع الحكومى، فكانوا -بحق- نبض الشارع المصرى. وعلى قلة لقاءاتى بالكردوسى، فقد حفر لنفسه فى ذهنى صورة الصعيدى المصرى الحامل على كفه فأساً وإناء من جريد نخيل الصعيد، يريد أن يبنى عمارة فى القاهرة، ولعلى أقول متأكداً إنى عاصرت عديداً من رجال الصعيد الذين جاءوا مصر مكافحين وأصبحوا نجوماً لامعين، ولكن الكردوسى نسخة وحيدة وفريدة تجمع بين المثقف والمفكر والساخر والناقد والعاقل والحكيم معاً، لا تفرق بين حديثه فيلسوفاً فتفاجأ به ناقداً لاذعاً، تظن أنه رجل الحكومة فتجده أكبر من ينقدها، تظن أنه مكبل بتقاليد الصعيد القاسية فيبهرك بتمدنه حتى تظن أنه تربى فى السوربون.

وحينما تجمعنا مرات قليلة ونادرة مؤخراً بعد جلسات التعب المضنى الذى كابده فريق «الوطن» طوال اليوم فى الإعداد والتحرير والعنوان والموضوع لتغطية صحفية أو حوار جرىء عن قضية ملتهبة وسبق صحفى سبق كل الصحف، تجد الكردوسى صامتاً، تظنه قد نام ونعس، إلا أنه يفاجئك بأنه سجّل كل كلمه وجهّز الرد عليها فى أقل من دقائق.

وأستطيع أن أقول صادقاً إنه كان نموذجاً منفرداً لجيل الصحافة المصرية الجريئة، رحمه الله وجعل حبه لوطنه ودفاعه المستميت عن قضاياه مغفرة واسعة له كمن مات شهيداً فى حرب دفاعاً عن وطنه، ولمَ لا فرسالة القلم سيف بتار على أعداء الوطن.. رحمك الله يا كردوسى وطيب ثراك.