العلاقات المصرية التركية.. تبعية وتعاون ثم تدهور

العلاقات المصرية التركية.. تبعية وتعاون ثم تدهور
العلاقات الثنائية المصرية التركية، دائمًا ما تأخذ منحنيات مختلفة، تصعد تارة وتهبط تارة أخرى، سقوط نظام الإخوان بثورة شعبية أيَّدها الجيش، وعزل مرسي، أدخلت العلاقات المصرية التركية على خط التدهور السريع، وبدأ منذ اللحظة الأولى أن تركيا حسمت أمرها وموقعها إلى جانب الإخوان، في مواجهة السلطة الحاكمة.
تعمَّد "أردوغان" وصف ما حدث في مصر بالانقلاب العسكري، ووجَّه انتقادات لمن يسانده، وكرر ذلك في لقاءاته وخطاباته وتعليقاته سواء في لقاءات عامة أو حزبية أو إعلامية، واستضاف مؤتمرات التنظيم الدولي للإخوان التي تطالب بمقاضاة مصر والنظام الحالي في المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في انتهاكات لحقوق الإنسان بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة.
دخلت المواجهة الدولية مع تركيا، التي تبلورت في القاهرة بعد توقيع مصر وقبرص واليونان على "إعلان القاهرة"، مرحلة التهديد بالحرب، بإعلان أنقرة تفويض الحكومة التركية قواتها البحرية بتطبيق قواعد الاشتباكات، لمواجهة التوتر المتزايد بين الدول الساحلية التي تشمل تركيا وقبرص اليونانية ومصر، بسبب مشروعات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي شرق البحر المتوسط.
العلاقات السياسية
مصر ظلت على مدى 5 قرون جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، وكانت إسطنبول هي مركز الحكم، لكن مصر كانت في الوقت ذاته هي عاصمة الثقافة لهذه الإمبراطورية.
العلاقات الدبلوماسية الحديثة مع مصر، بدأت في 1925 بمستوى القائم بالأعمال، وتحوَّلت إلى مستوى السفراء في 1948، للتوتر في عهد الرئيس عبدالناصر، وطرده للسفير التركي في مصر، وذلك لاعتراض السلطات التركية ومهاجمتهم لثورة 23 يوليو.
تحسَّنت العلاقات المصرية التركية في فترة السبعينيات، وتوطدت العلاقات السياسية والاقتصادية بشكل كبير، بسبب الدور الذي لعبته مصر في تهدئة الوضع بين تركيا وسوريا في نزاعهما حول المياه، والحدود، والأكراد، وبعدها عقدت اتفاقات ومعاهدات متبادلة بين الطرفين، لكنها لم تأخذ شكلًا تفعيليًا، حتى مطلع القرن الـ21.
العلاقات الاقتصادية
كانت بداية تفعيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين في 2005، وذلك وفقًا لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وهذه الاتفاقية كان لها أثر كبير في تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتضاعف إجمالي التبادل التجاري بين البلدين إلى 3 مليارات دولار حتى قبل ثورة 25 يناير.
- زادت العلاقات التجارية بين البلدين، عقب ثورة يناير بزيارة الرئيس التركي عبدالله جول لمصر بعد عزل مبارك، وبلغت صادرات مصر لتركيا خلال عام 2011 نحو 1.4 مليار دولار، بينما سجَّلت واردات مصر من تركيا نحو 2.7 مليار دولار عام 2011.
- قدَّمت تركيا حزمة من المساعدات لمصر في أكتوبر 2012 بلغت 2 مليار دولار٬ ومليار دولار منحة لا ترد ومليار أخرى قرضًا.
العلاقات السياحية
- التبادل السياح٬ دائمًا يصب في صالح تركيا، سواء كانت العلاقات بها تحسن أم بها بعض العوائق، وبلغ متوسط عدد السائحين المصريين لتركيا قرابة 60 ألف سائح سنويًا في الأعوام الماضية٬ بينما لا يتعدى عدد السائحين الأتراك لمصر بضعة آلاف سنويًا.
العلاقات العسكرية
- تم توقيع أول اتفاقية تفاهم من أجل تحسين العلاقات العسكرية، في عام 2008، ومع تولي الرئيس المعزول محمد مرسي للرئاسة تطورت العلاقات العسكرية إلى الاتفاق على إجراء تدريبات مشتركة.
وانتعشت العلاقات الثنائية في ظل نظام مرسي، وتم عقد عدد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر وتركيا حتى وصلت لـ27 اتفاقية في مجالات الصحة والنقل والثقافة والحفاظ على الآثار والتعاون التجاري والزراعي.
كما تم الاتفاق في سبتمبر 2011 على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين للتعاون في تنمية استخدام الطاقات المتجددة من خلال تبادل الخبرات والمعلومات ودعم الاستثمار في مجالات الكهرباء وإمكانية الاستفادة من خبرة الجانب التركي في إنشاء محطات إنتاج كهرباء.[FirstQuote]
وأكد اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع السابق والخبير الاستراتيجي، أن فكرة وصول العلاقات بين الطرفين المصري والتركي، لن تتعدى مرحلة "الردع"، لافتًا إلى أن التلويح بالردع يدخل في إطار التلويح السياسي للقوة العسكرية دون استخدمها.
وأضاف فؤاد، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن خلاف مصر مع تركيا "سياسيًا" فقط لتبني "أردوغان" أفكار التنظيم الدولي للإخوان، مشيرًا إلى أنه يجب الانتباه جيدًا لأهمية العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، ومدى تأثيرها ليس على مصر فقط بل تركيا أيضًا.
وأوضح الخبير الاستراتيجي، أن إعلان أنقرة تفويض الحكومة التركية قواتها البحرية بتطبيق قواعد الاشتباكات، استعراض لقواتها كرد على مؤتمر التنقيب عن النفط في البحر المتوسط الذي شاركت فيه اليونان وقبرص ومصر، مؤكدًا أن جميع الدول لديها قواعد اشتباك وأنها ليست إجراءات اضطرارية.
فيما لفت الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي والخبير بالعلاقات الدولية، إلى أن تدهور العلاقات المصرية التركية جاء بوجود رجب طيب أردوغان، قائلًا: "الرئيس التركي لا يزال يحلم بأن مصر دولة تابعة للسلطنة العثمانية".
وأوضح سلامة، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن التوتر الذي يحدث الآن لا يمكن أن ينتهي قبل أن توقف تركيا تدخلها بالشؤون الداخلية المصرية، مضيفًا أن أردوغان لا يكترث بتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا بتحسين العلاقات التركية الدولية، وخاصة بمحيطها الإقليمي، وذلك يدل أنه لا يمكن أن تتحسن العلاقات في عصر أردوغان.