دينا عبدالفتاح تكتب .. : قرار «المركزي»..وعش الدبابير!

دينا عبدالفتاح تكتب .. : قرار «المركزي»..وعش الدبابير!
لو قررت السير فى الأسواق ستجد العجب العجاب، لعبة تباع بـ5 جنيهات، ومكتوب عليها «صنع فى الصين»، وهاتف محمول صنع فى الصين أيضاً وبسعر 300 جنيه! وشكله من الخارج يشبه تماماً ماركات عالمية مثل أيفون!
ما السر وراء تداول هذه المنتجات فى مصر؟!.. لعبة أطفال تباع فى مصر بـ5 جنيهات، فبكم جنيهاً خرجت من الصين؟!.. وكم تكلفة النقل والشحن الخاصة بها بعد أن قطعت أياماً طويلة فى السفن؟!.. وكم الجمارك المفروضة عليها باعتبارها ضمن السلع الترفيهية؟!.. وكم ربح فيها المستورد؟!.. وكم يربح فيها تاجر الجملة؟!.. وكم يربح فيها بائع الرصيف؟! الذى لو سألته وأجاب بصدق ستكتشف أن تكلفتها عليه لا تتعدى جنيهين فقط!
هل هذه اللعبة خرجت من الصين بدون مقابل، كهدية أو منحة صينية لمصر؟!.. بالطبع لا، ولكن هذه اللعبة لم تتحمل أى شىء من الرسوم الرسمية المقررة من الدولة، سواء رسوم جمارك أو رسوم إفراج أو ضرائب قيمة مضافة أو غيرها.
إذاً كيف دخلت هذه اللعبة إلى مصر؟.. ومن وراء دخولها؟!.. وأين حقوق الدولة التى كان المفروض تحصيلها ممن يقوم بسرقتها ونهبها؟!
هنا عزيزى القارئ أنت دخلت فى «عش الدبابير».. ومافيا تجارة السلع الرديئة، ومليارديرات تهريب الواردات.. وهنا أيضاً عليك أن تصمت.. ولا تفكر فيما لا يعنيك، وإلا طالتك أذرعهم التى اشتدت وقويت بعد أن جنت مليارات الجنيهات من حقوق الدولة، وحقوق الغلابة.
وبالتالى أنت هنا فى حضرة منظومة متوحشة من مليارديرات التهريب، الذين يرغبون فى استمرار أى حالة عشوائية تفتح أمامهم طرقاً ليسلبوا وينهبوا حقوق الدولة ومواطنيها من خلالها، ويقدموها على طبق من ذهب لدعم دول أخرى، واقتصاديات أخرى تصدر إلينا سلعها الرديئة وتحصل منا على النقد الأجنبى وسط عالم يعانى الكثير من الأزمات.
لذا عندما كشف البنك المركزى المصرى عن قراره الأخير بمنع التعامل بمستندات التحصيل، وقصر إتمام معاملات الاستيراد على الاعتمادات المستندية فقط، وجدنا جميعاً انطلاق حرب شرسة، اعتبرها بعض رجال الأعمال والتجار بأنها «حياة أو موت».. فلماذا كل ذلك؟!
الواقع يشير إلى أن قرار المركزى الجديد يضع البنوك وسيطاً رئيسياً ومطلعاً على كافة مستندات الاستيراد، ويقيد كافة التلاعبات التى كانت تحدث فى هذا السوق من قبل، لأنه ببساطة يضع حركة الاستيراد بالكامل أمام أعين الدولة، وأجهزتها الرقابية، وهنا سيتضرر تجار التهريب ومعاونوهم ومن يقف وراءهم.
ولكن.. هل كل من عارض قرار المركزى مهرب أو مستفيد من التهريب؟!.. بالطبع لا، فهناك رجال صناعة ومستثمرون لديهم رؤية بضرورة أن تكون هناك استثناءات حتى لا تتعطل وارداتهم التى تتم فى إطار رسمى، سواء كانت مواد أولية أو سلعاً نهائية، وهؤلاء كان ينبغى عليهم تقديم مطالب محددة، ومقترحات واضحة، للدولة، وللبنك المركزى، لتوضيح موقفهم، وحتماً لو ثبتت صحة رؤيتهم كان سيتم تنفيذها، وذلك لأن الدولة والبنك المركزى ورجال الصناعة الشرفاء، جميعهم معاً فى مركب واحد.
وهذا ما حدث بالفعل، فقد اطلعنا جميعاً على التيسيرات والاستثناءات التى قدمها البنك المركزى فى تنفيذ هذا القرار، لتحجيم ومنع أى ضرر من المحتمل أن يحدث للصناعة الوطنية.
ولكن الأصوات التى ما زالت تطالب بإلغاء القرار ومنعه نهائياً عليهم أن يقدموا لنا أسباب ذلك بكل شفافية، ولماذا يرفضون التسهيلات الجديدة التى تم وضعها بالقرار الجديد ويصرون على إلغائه كاملاً؟!.. حتى تعود الأوضاع لما كانت عليه من قبل، وحتى يعود بائع الرصيف لبيع اللعبة الصينية التى لا تتحمل الرسوم القانونية بـ5 جنيهات، وتستهلك مرة واحدة ثم تتعطل لأنها لم تخضع للرقابة ولا المواصفات القياسية!.. فدعونا نتابع.