بروفايل| العبوة الناسفة القتل صنعة

بروفايل| العبوة الناسفة القتل صنعة
كأنها ملاذهم الأخير، يلجأون إليها فى الخفاء، يصنعونها بحرفية مبتدئين، يجمعون أجزاءها من كل ما هو متاح استخدامه، وحدها يصعب التعرف عليها، فهى تجميعة لكمية من المسامير والبارود ومواد مشتعلة متاحة للجميع يستحيل التقاطها عبر أجهزة الكشف عن المفرقعات المعروفة، لتتصدر «العبوة الناسفة» كل التفجيرات التى صاحبت عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى وجماعته الإرهابية من الحكم. فى الخفاء كانت رحلة الإرهابيين لتعلم تلك الصناعة، عبر تعليمات منشورة على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى لطرق تعلم القنابل اليدوية منزلياً، لتصبح الصناعة متاحة للجميع دون عناء البحث عن متخصصين فى تصنيع القنابل يكفيهم نشر التعليمات لمريديهم وأتباعهم، لتبدأ رحلتهم فى طريق القتل، فى إناء واحد محكم الغلق يطلقون عليه «العبوة» هو الوجه الخفى للحظات التفجير والدمار، يجمعون أشياءه ويبدأون فى رحلة أخرى لا تقل خطورتها عن لحظات التصنيع فى طريقهم لقتل العشرات، أو إصابة من شاءت الأقدار أن يكونوا على بعد مسافة من مكان زرع القنبلة.
يقفز إلى الأذهان كلما انفجرت قنبلة بدائية الصنع ذلك المشهد الذى تناقلته وسائل الإعلام المختلفة لأحد المعتصمين فى ميدان «رابعة العدوية» عقب عزل «مرسى» ليتردد فى سمعه ما قاله بعنف غير معتاد، ذلك الشيخ المسن الذى تقترب لحيته من صدره «هنفجّر مصر» كلمات اعتبرها الكثيرون بمثابة تهديد لن تجد طريقها للواقع، فى البداية كان استهداف تلك الجماعات الإرهابية لرجال الشرطة والجيش، لكن أهدافهم تبدلت لتصل يد الغدر إلى المواطنين الأبرياء أينما كانوا.
تظل «العبوة الناسفة» آخر ما تبقى لتلك الجماعات، ووسيلتهم الوحيدة فى بث الرعب فيمن حولهم، يعرفونها جيداً، تدربوا على صناعتها فى عالم سرى، وآلية نقلها لم تعد عبئاً، فتلك هى الحيلة الأخيرة لزعزعة الاستقرار والعبث بأمن البلاد، يزرعونها فى الخفاء حيث يريدون، إما على مدخل محطة مترو أو فى إحدى عربات القطارات أو على الطرقات لاستهداف أشخاص بعينها، عن بُعد يتحكمون فيها عبر أجهزة حديثة لا تتماشى مع آلية صناعتها، يقفون فى الخلف لمشاهدة الدماء تسيل والضحايا تتساقط، فى مشهد مأساوى، اعتاده الكثيرون، إلا هؤلاء القتلة الذين يعتبرونه نصراً، يصنعون منه نجاحاً جديداً فى مواجهة الأمن، قاتل خفى وحرب غير شريفة يمارسونها كل يوم لتكشف عن لِحَى زائفة.
من قبل كانت أخبار العبوات الناسفة تتصدر الصفحات الأولى للجرائد، كانت عبوة واحدة كفيلة بأن تهز عرش المسئولين ليجتمع كبارهم فى مكان الحادث، إلا أن الأمر تبدل فى أعقاب عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى لتتحول التفجيرات بعدما صارت يومية ومتكررة إلى أمر عادى، فلا يمر يوم إلا وتنفجر فيه إحدى العبوات بالقرب من التجمعات البشرية.