بريد الوطن .. العصيان (قصة قصيرة)

كتب: الوطن

بريد الوطن .. العصيان (قصة قصيرة)

بريد الوطن .. العصيان (قصة قصيرة)

ما إن تخطّ الشمس بصمتها فوق أديم الأرض الرّمادى، فتلوّنه بصُفرتها، تتلألأ أشجار الكافور بحلة ذهبية زاهية، حتّى تدبّ الحركة بين جنبات الغيطان، تختلط وقتئذ أصوات عائلة «أبوالعجول» شيباً وشباناً كُلّ فى فلك يسبحون، يعقل وليدهم فنون الحياة مبكراً، فلا يجد أوانَ ذاك إلا البساط الأخضر ليحتويه، تتداخل ذراته خليطاً يسرى فى دمه، يُغلِّف كيانه حانياً مُحتضناً عشرات الأسئلة تستفز عقول من حولهم تستجلى السّبب، ما الذى يربط هؤلاء البشر كُلّ هذا الارتباط بالطبيعة، حتى إجابة «حسين الدكش» لم تُغنِ شيئاً: «إن هؤلاء سلالة رجل ولدته أمه بين عيدان الذرة»، يراها البعض دعاية فى غير محلها، لا تثير نظرات الناس حفيظتهم فى شىء، لم يجدوا فيها إلّا ما يجد الخبير بالدُّنيا المُتمرّس بآفاتها، تحت سقف «الخُصّ» الذى ابتناه جدهم تدورُ رَحى الحياة فى شرنقة من الهدوء السّادر، يتغنّى «متولى شحاتة» خفير الإصلاح حين يلعق طرف لسانه، تتماوج مشاعره فى صراخ ملتاع: «دول ماتخرش الميه من بين صوابعهم، بُخلا تقولش يهود»، لم تكن لتعنيهم تلك النعوت الفارغة، طالما جعلتهم فى منأى عن جشع الناس، تُجلّل وجهَ كبيرهم «مفتاح أبوالعجول» غاشية من الفكر وهو يخلّل بين أسنانه: «الناس لو طالوك أكلوا مصارينك»، هو أحد أولئك الذين عرفوا الحقل فى صباهم الغَضّ، توالت أجيال تنهب الأرض كداً وسعياً، تجوب البلاء طولاً وعرضاً، لكنهم لم ينسوا أنهم أبناء «الملقة» الأوفياء، كرّت الأيام تحمل فى جوفها المفاجآت، دفنت الكثير من عادات العائلة، وشيئاً فشيئاً بهتت حكايات «أبوالعجول» من ذاكرة الناس، فأصبحت نسياً منسياً.

محمد فيض خالد

يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com


مواضيع متعلقة