"الوطن" تنشر نص كلمة محلب في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية القومية للسكان
"الوطن" تنشر نص كلمة محلب في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية القومية للسكان
افتتح المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، اليوم، مؤتمر الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية، بحضور عدد من الوزراء وألقى رئيس الوزراء كلمة جاء نصها كآلاتي:
السيدات والسادة،
تنطلق الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2015/2030، في فترة حاسمة من تاريخ الوطن، اتفقنا فيها جميعا على بناء دولة عصرية، وتوفير حياة أفضل لأبنائنا، اتفقنا أيضا على المواجهة والمصارحة والصدق، وعلى بناء مصر الحديثة، والذي يتطلب إصلاحات ومواجهة تحديات.
بناء مصر الحديثة يتطلب أن تكون هناك رؤية واضحة لمستقبل الوطن، ويتطلب إصلاحا سياسيا يضمن بناء دولة مدنية ديمقراطية، وكان ذلك عن طريق رسم خارطة طريق واضحة للمستقبل، وها نحن نقترب من الانتخابات البرلمانية لتكتمل أركان الدولة الديمقراطية، تلك الانتخابات التي ستكون بإذن الله نموذجا للنزاهة والشفافية يشهد به العالم أجمع، ويختار فيها شعب مصر العظيم نوابه.
بناء مصر الحديثة يتطلب أيضا إصلاحا إداريا، يقضي على الفساد والبيروقراطية والإهمال، ونحن الآن بدأناه بمواجهة شرسة للإهمال والفساد ووضع أسس للإصلاح الإداري لإعلاء قيمة العمل والتميز وربط الأجر بالإنتاج.
بناء مصر الحديثة يتطلب إصلاحًا تشريعيًا، هدفه تسهيل حياة المواطن، ويصون حق الوطن، ويخلق مناخًا جاذبًا للاستثمار لتحقيق معدلات التنمية الطموحة التي نأملها جميعًا، واستغلال موارد الدولة بحكمة واقتدار، والحفاظ أيضًا على حق الأجيال القادمة.
بناء مصر الحديثة يتطلب أيضًا خطة تنموية، ورؤية استراتيجية، وربط التنمية بالتخطيط، عبر مخطط استراتيجي قومي لا يتغير بتغير حكومات أو أفراد، ولكن دعوني أقلها بصدق إن لم يكن هناك سياسة واضحة واستراتيجية للنمو السكاني في مصر، فإن كل ذلك لن يؤتى ثماره، والتي تنعكس على جودة الحياة للمواطن المصري، فمعدلات التنمية يجب أن تزيد على معدلات النمو السكاني، وليس العكس، وبالتالي فوجود استراتيجية قومية للسكان والتنمية السكانية أصبح ضرورة حتمية، حتى يشعر المواطن بجودة الحياة، في وطنه، لخلق مجتمع أكثر تجانسًا، يحقق التوازن بين عدد سكانه، وموارده الطبيعية، والخطط التنموية، ومعدلات الاستثمار، وقادر على تلبية تطلعات أفراده، لتحقيق نوعية حياة أفضل.
إن العلاقة بين السكان والتنمية هي علاقة وثيقة، فالإنسان هو بؤرة التنمية وهدفها، وفي ذات الوقت فإن الإنسان هو من يقود مسيرة التنمية، وبدون أن يمتلك الإنسان المصري مستوى مرتفعًا من المعارف والمهارات، وبدون أن يتسلح بالسلوكيات والأخلاقيات القويمة فلن تتحرك مصر في طريق التحديث الذى ننشده جميعا، وحتى تستطيع مصر المنافسة على الصعيد الإقليمي والدولي، وحتى تستطيع تبوء المكانة التي تستحقها فلا مناص من إحداث نقلة نوعية في بناء الإنسان المصري. [SecondQuote]
وتحقيق هذه النقلة النوعية يجب أن يعتمد على التخطيط الدقيق الذي يرتكز على المعلومات والحقائق، والمعلومات التي تُحلل الوضع السكاني، وتُبين بوضوح أن معدلات الزيادة السكانية التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة تجعل تحقيق هذه النقلة النوعية في بناء الإنسان المصري بعيدة المنال.
السيدات والسادة، إن الدراسات والمعلومات الخاصة بالزيادة السكانية تظهر أنه خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2015، من المتوقع أن تصل الزيادة السكانية إلى نحو 25 مليون نسمة تضاف إلى عدد سكان مصر.
وتظهر إحصاءات السنة الأخيرة أن عدد المواليد قد تجاوز 2.6 مليون مولود في سنة واحدة، علما بأن عدد مواليد مصر كان أقل من 2 مليون حتى عام 2007، واستمرار معدلات الزيادة السكانية الحالية سيلقي على الموازنة العامة للدولة عبئا كبيرًا لن تستطيع معه توفير الموارد الكافية للاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية بمستوى الجودة الحالي، فما بالنا ونحن نسعى للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة. [FirstQuote]
حتى أكون صريحاً معكم، لذا فإنني أتوجه لكل أسرة مصرية لتتحمل مسؤوليتها في ضبط معدلات الإنجاب لتتناسب مع قدرة الدولة على تقديم الخدمات الصحية والتعليمية وعلى توفير البنية الأساسية للجميع وعلى خلق فرص عمل لائق، وهذه ضرورة ملحة، وأكرر هو ضرورة ملحة.
إن الزيادة السكانية التي تزيد عن معدلات النمو الاقتصادي، والزيادة السكانية التي لا تقابلها موارد طبيعية كافية، والزيادة السكانية التي لا تقابلها قدرة على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن بجودة عالية، مثل هذه الزيادة السكانية تؤدي بنا إلى الرجوع إلى الخلف، بدلًا من السير إلى الأمام والتقدم.
إن الحكومة لا تتخذ موقفًا سلبيًا من الزيادة السكانية إذا كانت بالقدر الذى يضيف إلى قوة الدولة، أما الزيادة السكانية التي تتحول إلى طاقة سلبية تضيف إلى التحديات التي تواجه مصر وتخصم من قدرتها على تحقيق انطلاقة كبرى فلا محل لها.
السيدات والسادة، إن الدعوة إلى تبني مفهوم الأسرة الصغيرة هي دعوة حتمية حتى نستطيع أن نرتقي بجودة الحياة في مصر وحتى نضمن مستقبلًا أفضل لأبنائنا وبناتنا، إن قضية السكان هي قضية محورية تستحق كل الاهتمام من كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، تستحق اهتماما خاصا من وسائل الإعلام ومن قادة الرأي في المجتمع، فمسؤولية بناء الوطن هي مسؤولية الجميع، مسؤولية الحكومة، ومسؤولية المجتمع المدني، والمسؤولية تقتضي أن تتحول هذه الاستراتيجية إلى برنامج عمل دقيق، بهدف الوصول بهذا الفكر إلى كل مواطن ومواطنة، من أجل بناء مستقبل زاهر لبلدنا.