على هامش اجتماعات المجلس الدولى لحقوق الإنسان

قبل وأثناء استعراض ملف حقوق الإنسان فى مصر بالمجلس الدولى لحقوق الإنسان كانت هناك مناقشات ومداولات ومسامرات مع المهتمين بالشأن المصرى فى مجال حقوق الإنسان، والحقيقة أن الهدف النهائى للاستعراض الدولى الشامل هو تحسين أوضاع حقوق الإنسان داخل كل بلد مما يعم أثره على مختلف بلدان العالم، ولقد تم تصميم الاستعراض الدورى الشامل لحفز وتوسيع نظام الترويج لحقوق الإنسان وحمايتها على أرض الواقع. ويهدف الاستعراض الدورى الشامل أيضاً إلى تقديم الدعم الفنى للدول، وتعزيز قدراتها مع التعامل بفعالية مع تحديات حقوق الإنسان، وتبادل أفضل الممارسات فى هذا المجال بين مختلف البلدان، ومن المناقشات الثرية والبناءة التى عقدت بجنيف اجتماع إعلامى تحت عنوان «مكافحة الإرهاب وضمان حقوق الإنسان»، عقدته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، وقد شارك فى الاجتماع مجموعة من الباحثين والنشطاء المهتمين بقضايا حقوق الإنسان، وقد تطرق هذا الاجتماع إلى عدة قضايا بالغة الأهمية، خاصة فى هذا التوقيت بعد الحراك السياسى والتغييرات التى طرأت على الخريطة السياسية بعد 25 يناير و30 يونيو عما قبلهما بشكل كبير، وتجلت عملية أهمية حقوق الإنسان وعقوبة التعدى عليها بشكل لافت، لا سيما فى الدستور الأخير لعام 2014 الذى أطلق العديد من الحريات، وهو أمر جوهرى لأى مجتمع يريد أن يلحق بركب الحضارة وركن أساسى فى أى نظام ديمقراطى، وتأتى أهمية مكافحة الإرهاب من الأمور التى تفرض نفسها بقوة، حيث تعتبر مصر من أبرز الدول التى عانت من ظاهرة الإرهاب المحلى عندما اغتيل رئيسها أنور السادات على يد جماعة إسلامية متطرفة فى أكتوبر 1981، ثم تواصلت فيها عمليات العنف الإرهابى من بداية التسعينات، واستمرت حتى الآن تحصد آلاف الأرواح البريئة وتوقع آلاف الجرحى وتهدد استقرار المجتمع وأمنه وتؤثر على اقتصاده القومى. إن وضع قانون مكافحة الإرهاب الآن أصبح ضرورة ملحة ينبغى فى الوقت ذاته على الحكومة وواضعى تشريع مكافحة الإرهاب الالتزام بإعلان برلين الصادر فى أغسطس 2004، الذى يتضمن العديد من الالتزامات الواجبة على الدول لحماية حقوق الإنسان، وهى بصدد مكافحة الإرهاب وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1456 لسنة 2003 و11624 لسنة 2005 وقرارات الجمعية العامة 57/219 و58/187 و59/191، التى نصت على أن مكافحة الإرهاب حق مشروع لكل دولة، لكنها ينبغى أن تجرى فى إطار احترام حقوق الإنسان، وأن أى حرمان من الحرية يجب أن يظل متوافقاً فى جميع الظروف مع قواعد القانون الدولى، ومع تسليم مجلس الأمن والجمعية العامة بأهمية مكافحة الإرهاب فإنهما يذكران بتعهد الدول بضمان أن تحترم جميع التدابير المتخذة بهدف مكافحة الإرهاب التزامات تلك الدول بموجب القانون الدولى، لا سيما الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان واللاجئين والقانون الإنسانى. ويضاف إلى ذلك ضرورة الاستناد إلى ضمانات وحقوق المتهم الواردة فى الدستور والقانون المصرى، لا سيما فيما يتعلق بالحق فى المحاكمة العادلة والمنصفة وحماية حرمة الحياة الخاصة. وقد طالب الاجتماع الإعلامى بالعمل على ألا يصبح قانون مكافحة الإرهاب نسخة مطابقة من قانون الطوارئ الذى كان فى فترة من الفترات حالة أبدية وليست استثنائية، وألا يؤدى قانون مكافحة الإرهاب الجديد إلى فرض مزيد من القيود على حريات الرأى والتعبير، تلك الحريات التى تكبلها بعض القوانين، وأن يوفر قانون مكافحة الإرهاب ضمانات كافية لمنع الاعتقالات العشوائية ويكفل عدم المساس بالحقوق والحريات العامة فى مصر. إن مكافحة الإرهاب تتطلب أيضاً تعزيز حرية الرأى والتعبير وحق الجمعيات فى العمل بحرية، وتعزيز الحقوق المدنية والسياسية وليس تقييدها، فعلى الحكومة محاربة الإرهاب، ونحن علينا الدفاع عن حقوق الإنسان.