ذو القرنين الإسكندر الأكبر!
بعد حوار «موسی» و«الخضر» ودهشته، وهو نبى رسول من حوت «موسی»، الذى ينطلق فى البحر الأحمر عجباً وقتل غلام وخرق سفينة وبناء جدار وقرية لم تطعمهما، تنتقل سورة الكهف العجيبة ذات الألغاز والروايات التاريخية التى سُجلت لحضارات أخرى، منها الحضارة اليونانية والإسكندر الأكبر الذى كان يرتدى غطاء رأس من جلد الخراف وقرونها أو الثعالب بآذانها، ثم يسجل القرآن أن هدف الإسكندر الأكبر كان العدل، كما أكد القرآن أن ما جاء فى سيرته بالسورة مجرد جزء يسير، قل، أى يا محمد، سأتلو عليكم منه ذكراً.
أولاً: أنه تمكن من احتلال كل الكرة الأرضية غرباً عند مغرب الشمس، أى آخر حدود أوروبا، حيث لم تُكتشف أمريكا حينها، وعند غروب الشمس ببحر الشمال فى أقصى غرب أوروبا تصل إلى بحر الشمال المجمد عند القطب الشمالى وحتى الآن ترى هناك شمساً لونها أحمر تغرب فى عين حمئة ويسكن فيه بعض البشر المنفصلين عن الحضارات فى ذاك الزمن وخيّر الله الإسكندر الأكبر بين عذابهم أو مكافأتهم، فكان رده أن من أخطأ يُحاسب فى الدنيا بالعقاب ثم يعذَّب فى الآخرة لنفس الخطأ ولذلك عذابه عند الله نُكراً لا يعرفه أحد من البشر! مقابل حسن معاملة المؤمنين وهم لم يكونوا مسلمين لأن الإسلام لم يكن قد ظهر وإنما غالباً هم مسيحيون، فمن آمن منهم له مكافأة حسنة وحسن معاملة أما من ظلم نفسه بالكفر بالله فسيتم تعذيبه فى الدنيا وتذكروا شدة عقاب من يخرج عن تعاليم المسيح الذى وصل إلى إحراق الناس فى العصور الوسطى لمجرد غضب الكهنة عليهم.
ثم ينتقل ذو القرنين إلى أقصى الشرق عند مطلع الشمس، غالباً الصين، فوجد أنهم ليس لديهم نخيل أو أشجار أو منازل تحميهم من الشمس، حيث الشمس ٢٤ ساعة لا ليل فيها، لم نجعل لهم من دون الشمس أى ستر حتى لا يعرفوا الشماسى، فهم جهلاء جهلاً سحيقاً، ولأن الله علّمه كل شىء وقد أحطنا بما لديه من خبرة وعلم أى بما لديه خبراً ولأنه خبير بالتضاريس، فأتبع سبباً حتى وجد سدين كبيرين، تقريباً سور الصين العظيم.
فوقف بين السدين ليجد قوماً لا يكادون يفقهون قولاً، أى يتحدثون لغة غير اللغة الإغريقية أو اللاتينية التى يجيدها الإسكندر الأكبر، وحتى الآن تجد اللغة الصينية من أصعب اللغات ولذلك لم يقل عنهم: «لا يكادون يفقهون علماً»، فهم متقدمون علمياً حتى الآن ولكن لغتهم صعبة جداً، فاشتكوا للإسكندر الأكبر من أقوام تعاديهم، هم يأجوج ومأجوج، فطلبوا أن يبنى لهم سداً أقوى من سدودهم، فاستخدم البترول لأول مرة فى التاريخ وأفرغ عليه قطراً يذوّب بالنار حتى إذا جعله ناراً، قال: «ائتونى أفرغ عليه قطراً» فهكذا ساح الحديد، «ائتونى زبر الحديد»، فعرف الفرن العالى قبل الثورة الصناعية واحتاج هذا لقوة بشرية كبيرة، «فأعينونى بقوة»، كبيرة وأعداد ضخمة تنفخ فى البترول المحروق ليشتعل القطران أو القطر أو البترول، فجعل السد مبنياً باستخدام الحجارة والحديد والبترول ولعله سور الصين العظيم أو جزء منه، فتمكّن من فصل يأجوج ومأجوج عن شعب الصين فحمد ربه على نجاحه فى بناء أول سد فى التاريخ، فختم «هذا من فضل ربى» أو هذا رحمة من ربى، سيعيش هذا السد حتى يوم القيامة، ومن هنا أجمع العلماء المسلمون على أن سداً ناحية الصين سيتدمر ويخرج يأجوج ومأجوج كعلامة من علامات يوم القيامة.
يأجوج ومأجوج (بالعبرية גּוֹג וּמָגוֹג) Gog u-Magog) يظهران فى الكتاب المقدس العبرى والنصوص المقدسة الإسلامية كأفراد، أو قبائل، أو أراضٍ، فى «سفر حزقيال 38»، مأجوج هو شخص ويأجوج هى أرضه، فى سفر التكوين 10 مأجوج رجل، لكن لم يرد ذكر يأجوج، وبعد قرون، غيرت التقاليد اليهودية عبارة «يأجوج من مأجوج» التى وردت فى حزقيال إلى يأجوج ومأجوج، وهو الشكل الذى يظهر فى سفر الرؤيا، مع تعريف يأجوج ومأجوج بأنهما جماعتان وليسا شخصين.
وتم إرفاق قصة بـ«يأجوج» و«مأجوج» بحلول العصر الرومانى، التى قالت إن الإسكندر الأكبر قد أنشأ بوابات الإسكندر لصد القبيلة، عرفهم المؤرخ اليهودى الرومانى يوسيفوس بأنهم أمة تنحدر من «مأجوج»، كما هى الحال فى سفر التكوين، وأوضح أنهم السكوثيون. على أيدى الكتاب المسيحيين الأوائل، أصبحوا جحافل مروعة، وطوال فترة العصور الوسطى، تم تحديدهم بشكل مختلف على أنهم الفايكنج أو الهون أو الخزر أو المغول أو التورانيون أو غيرهم من البدو الرحل الأوراسيين أو حتى أسباط إسرائيل العشرة المفقودة.
وقد تم إقحام أسطورة يأجوج ومأجوج والبوابات فى رومانسيات الإسكندر. فى إحداها، «جوث وماجوث» هم ملوك الأمم غير النظيفة، ويقودهم بعيداً الإسكندر، ويمنعون من الرجوع عن طريق جداره الجديد، كذلك قيل إن يأجوج ومأجوج قد انخرطا فى أكل لحوم البشر فى الأدب الرومانسى والأدب المشتق، كما تم تصويرهما على خرائط علم الكونيات فى العصور الوسطى، أو «مابا موندى»، وأحياناً بجانب جدار الإسكندر، تم نشر الخلط بين يأجوج ومأجوج مع أسطورة الإسكندر والبوابات الحديدية فى جميع أنحاء الشرق الأدنى فى القرون الأولى للعصرين المسيحى والإسلامى.
وفى القرآن فى سورة الكهف، يظهر يأجوج ومأجوج كقبائل بدائية وغير أخلاقية تم إبعادها وحظرها من قبل ذى القرنين، الذى ورد ذكره فى القرآن باعتباره حاكماً صالحاً وفاتحاً، وفى أغلب الأحيان يتم الربط بينه وبين الإسكندر الأكبر، اعتبر الكثير من المؤرخين والجغرافيين المسلمين الحديثين أن ظهور الفايكنج هو ظهور يأجوج ومأجوج، فى الأزمنة المعاصرة، يظلان مرتبطين بالتفكير الأبوكاليبتى، وخاصة فى إسرائيل والعالم الإسلامى، وتم ذكر يأجوج ومأجوج معاً فى الفصل 38 من حزقيال، حيث يأجوج هو فرد ومأجوج هى أرضه.
يبقى معنى اسم يأجوج غير مؤكد، وعلى أى حال يبدو أن مؤلف سفر حزقيال لا يولى أهمية خاصة له، فقد بذلت جهود للتعرف عليه وتم ربطه بالعديد من الأفراد، ولا سيما غيجيس، ملك ليديا فى أوائل القرن السابع قبل الميلاد، لكن العديد من العلماء لا يعتقدون أنه مرتبط بأى شخص تاريخى.
فى «سفر التكوين 10»، مأجوج هو شخص، ابن يافث بن نوح، ولكن لم يرد ذكر يأجوج، فاسم مأجوج غامض بنفس الدرجة، ولكنه قد يأتى من mat-Gugu الآشورية «أرض الجيج» أى ليديا، وبدلاً من ذلك، يمكن اشتقاق يأجوج من مأجوج بدلاً من العكس، وقد يكون «مأجوج» رمزاً لبابل.
قد يكون شكل «يأجوج ومأجوج» قد ظهر اختصاراً لـ«يأجوج ومن أرض مأجوج» استناداً إلى النسخة السبعونية، وهى الترجمة اليونانية للكتاب المقدس العبرى.
تم العثور على مثال على هذا النموذج باللغة العبرية (Gog u-Magog) لكن سياقه غير واضح، ولا يوجد إلا فى جزء من مخطوطات البحر الميت، ويأجوج أو Goug يتم ذكره فى سفر أخبار الأيام الأُول 4: 5 ولكن يبدو أنه ليس لديه اتصال مع يأجوج الذى ذُكر فى سفر حزقيال أو مأجوج الخاص بسفر التكوين.
على الأرجح كان اسم «يأجوج ومأجوج» فى الكتاب المقدس الأصل لاسم «غوغماغوج» العملاق البريطانى الأسطورى.