رئيس «الرقابة المالية»: مصر استطاعت التصدي لآثار جائحة كورونا على الاقتصاد

كتب: وليد عبد السلام

رئيس «الرقابة المالية»: مصر استطاعت التصدي لآثار جائحة كورونا على الاقتصاد

رئيس «الرقابة المالية»: مصر استطاعت التصدي لآثار جائحة كورونا على الاقتصاد

قال محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية، إنّ عام 2021 أبى أن ينصرم دون أن يلقي بظلاله ويزرع الشكوك حول قرب انتهاء جائحة فيروس كورونا، ويستهل العالم العام الجديد بقلوب مترقبة متطلعة لأن تنتهي واحدة من أكبر الأزمات التي شهدها العالم في تاريخه الحديث، وعلى الرغم من الدعم المبكر من الذخائر الطبية التي رُصدت لمواجهة الوباء من أدوية ولقاحات، إلا أنه على غرار العام الأول من الجائحة لا تزال السفينة تتلاطمها أمواج التضخم وتخوفات المتحورات الجديدة للفيروس، ولا يزال الاقتصاد العالمي مستمرًا في محاولات التعافي.

وبيّن في مؤتمر صحفي لاستعراض حصاد 2021 أنّ التصدعات التي أحدثتها الجائحة ستستمر لفترة أطول تاركة بصمات واضحة على الأداء الاقتصادي في الأجل المتوسط، حيث توقع صندوق النقد الدولي في تنبؤات أكتوبر 2021 أن يحقق الاقتصاد العالمي نموًا قدره 5.9% في 2021 و4.9% في 2022، بانخفاض قدره 0.1%  ويرجع تخفيض التوقعات جزئيًا إلى انقطاعات في سلاسل الإمدادات (Supply Chain) الذي يرجع معظمه إلى تفاقم الجائحة».

وأضاف محمد عمران: «على الرغم من الآثار السلبية للجائحة على اقتصادات العالم، إلا أن مصر استطاعت أن تتصدى لآثار الجائحة، بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته منذ عام 2016، واستطاعت أن تحتل المركز الثالث من بين أكبر خمسة اقتصادات عربية لعام 2021، ويُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي المصري  394 مليار دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقارنة بـ362 مليار دولار في 2020/2021».

وتابع: «بالرغم من هذه الضغوط، استطاع القطاع المالي غير المصرفي مواصلة الأداء المتميز في خدمة خطط التنمية في مصر، فعلى مستوى أداء مؤشرات الأنشطة المالية غير المصرفية خلال عام 2021، شهد سوق رأس المال في مصر بداية التعافي من آثار جائحة كورونا واستردت العديد من المؤشرات أدائها السابق، حيث سجل أداءً متميزًا فيما يخص قيمة الأوراق المالية المصدرة بالسوق الأولي، وبلغت ما يزيد عن 217 مليار جنيه، ومع الأخذ في الاعتبار إصدارات تعديل القيمة الإسمية وإصدارات تخفيض رأس المال، وصلت القيمة إلى ما يزيد عن 280 مليار جنيه مقارنة بـ194 مليار جنيه في العام الماضي، بزيادة قدرها 45%، كما شهد عام 2021 أول إصدار للسندات الخضراء في سوق رأس المال المصري، وهو إصدار بقيمة 100 مليون دولار بما يعادل 1.6 مليار جنيه مصري، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية لدعم تحول الاقتصاد المصري إلى الاقتصاد الأخضر».

نشاط التأمين خلال عام 2021

وحول أداء التأمين قال رئيس الرقابة المالية: «شهد نشاط التأمين أداءً جيدًا خلال عام 2021، حيث ارتفع إجمالي الأقساط ليصل إلى ما يقرب من 48 مليار جنيه في 2021 مقارنة بـ40 مليار جنيه في 2020، بزيادة قدرها 19%، وبلغت استثمارات صناديق التأمين الخاصة ما يزيد عن 102 مليار جنيه في 2021 مقارنة بـما يقرب من 86 مليار جنيه في 2020، بزيادة قدرها 20%، وعلى صعيد أنشطة التمويل، حقق التمويل العقاري نشاطًا ملحوظًا خلال عام 2021، مسجلاً أعلى حجم تمويل ممنوح منذ أن تم ضم نشاط التمويل العقاري للأنشطة التي تخضع لرقابة الهيئة في عام 2009، حيث بلغ حجم التمويل الممنوح من قبل شركات التمويل العقـــاري ما يزيد على 8 مليارات جنيه عام 2021 مقارنة بحوالي 3.4 مليار جنيه في عام 2020، بارتفاع بلغ 138%، وفيما يخص التأجير التمويلي، بلغت قيمة العقود ما يقرب من 80 مليار جنيه في 2021 مقارنة بحوالي 60 مليار جنيه في 2020، بزيادة قدرها حوالي 36%، أما نشاط التخصيم فقد سجل أيضاً ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ حجم الأوراق المخصمة ما يزيد على 20 مليار جنيه في 2021 مقارنة بحوالي 11 مليار جنيه خلال عام 2020، محققًا زيادة قدرها 80%».

وتابع محمد عمران: «أما على صعيد التمويل متناهي الصغر، فقد شهد تطورًا ملحوظًا، حيث بلغت قيمة أرصدة التمويل خلال عام 2021 ما يقرب من 27 مليار جنيه مقارنة بـنحو 19 مليار جنيه في 2020، بزيادة قدرها 39%، وفي مجال الضمانات المنقولة، قاربت قيمة الإشهارات على تريليون جنيه في نهاية عام 2021، مقارنة بـما يقرب من 738 مليار جنيه في نهاية عام 2020، بمعدل زيادة بلغ 33.5%».

وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، شهد نشاط التمويل الاستهلاكي، أحدث الأنشطة المالية غير المصرفية التي خضعت لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية وفقًا لأحكام القانون رقم (18) لسنة -2020 أداءً طيبًا خلال عام 2021، حيث بلغت قيمة التمويل الاستهلاكي الممنوح ما يزيد عن 17 مليار جنيه، مقارنة بنحو 8 مليارات جنيه في 2020، بارتفاع بلغ 105%.

وعلى صعيدٍ آخر، شهد عام 2021 إعلان الهيئة لرؤيتها المستقبلية 2025، والتي تُعد امتدادًا طبيعيًا لاستدامة الأهداف التي سبق وتناولتها أول استراتيجية شاملة للقطاع المالي غير المصرفي (2018-2022) وتبناها مجلس إدارة الهيئة لتحديد مسار التطوير لهذا القطاع، وبما يعمل على وجود نظام مالي غير مصرفي احتوائي ومحفز للنمو الاقتصادي، ويتسم بالاستقلالية والاستقرار، ويساهم في تحويل الشمول المالي من رؤى وأفكار إلى واقع فعلي يضع في أولوياته تمكين المرأة والشباب ومحدودي الدخل، معتمدة في تحقيق ذلك على التحول الرقمي وآليات التكنولوجيا المالية.

تيسير قيد المشروعات ذات الأصول الضخمة

ولفت «عمران»، إلى أن الهيئة أتمت خلال عام 2021 إنجاز العديد من مستهدفات استراتيجيتها ومحاورها العشرة، فعلى مستوى تطوير التشريعات، قامت الهيئة بتعديل عدة قرارات من أهمها تعديل قواعد القيد تمهيدًا لاستقبال طروحات الشركات الكبيرة في البورصة المصرية لتيسير قيد المشروعات ذات الأصول الضخمة.

ووفقا لـ«عمران»، قامت الهيئة بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال لاستحداث آلية تسمح بتوريق الحقوق المالية المستقبلية المتوقعة للجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص، وإرساله للجهات المختصة للسير في إجراءات استصداره.

وتم الموافقة على مشروع قانون «تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا في الأنشطة المالية غير المصرفية»، الذي يضع ضوابط لاستخدام التكنولوجيا المالية من قبل مقدمي الخدمات المالية غير المصرفية كما يمنح هيئة الرقابة المالية سلطة الإشراف على مجال التكنولوجيا المالية.

وأصدرت الهيئة عدة قرارات بهدف تطوير الأنشطة الخاضعة لرقابتها، من بينها قرار للترخيص لشركات رأس المال المخاطر بمزاولة نشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ (Special Purpose Acquisition Company “SPAC”M)، وقرارًا آخر بالقواعد المنظمة لمزاولة النشاط. كما قامت الهيئة بإصدار قرار بإنشاء مجمعة للتأمين على المسافرين للخارج بهدف مـد مظلة الحماية التأمينية لجميع المصريين أثناء سفرهم، وكذلك التأمين على العاملين المصريين بالخارج ضد مخاطر الوفاة بداية من أول يناير 2022».

وعلى مستوى تحقيق الشمول المالي غير المصرفي، قامت الهيئة بالموافقة على مقترح تشريعي لإنشاء سجل لممارسة نشاط الكفالة بأجر للحصول على تمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وللتمويل الاستهلاكي، بحسب رئيس الهيئة الذي أكد الموافقة لأول مرة على إضافة ترخيص بمزاولة نشاط التأجير التمويلي متناهي الصغر لإحدى شركات التمويل متناهي الصغر في السوق المصرية».

وأشار إلى أنه على مستوى تطوير مستويات الحوكمة وتعزيز القدرات الرقابية وحماية حقوق المتعاملين، قامت الهيئة بإصدار ضوابط التشكيل والترشح لعضوية مجالس إدارات شركات الإيداع والقيد المركزي الثلاث للأوراق المالية والأدوات المالية الحكومية وأسواق العقود الآجلة، وكذلك صندوق حماية المستثمر لتُطابق قواعد حوكمة الشركات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية السابق إقرارها، بالإضافة إلى ذلك، قامت الهيئة بإعداد مشروع قانون لإنشاء سجل إلكتروني جديد لإشهار اتفاقات التمويل العقاري لاستهداف حماية حقوق جهات التمويل. كما قامت الهيئة بإصدار قواعد وضوابط التناسب والملاءمة للوظائف التنفيذية الرئيسية بشركات التأمين وإعادة التأمين لأول مرة بالسوق المصري.

وتابع أنه على صعيد تعميق مستويات الاستدامة في القطاع المالي غير المصرفي، شهد العام تفعيل أول مركز إقليمي للتمويل المستدام (The Regional Center for Sustainable Finance “RCSF”M) بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا كخطوة نوعية نحو تعزيز وجود الاقتصاد المصري على خريطة الاقتصاد الأخضر العالمي. كما قامت الهيئة بمطالبة الشركات المقيدة بالبورصة المصرية والعاملة بالأنشطة المالية غير المصرفية بتقارير إفصاح جديدة عن ممارسات الاستدامة والآثار المالية للتغيرات المناخية اعتبارًا من أول يناير 2022.

ولدعم تحول الاقتصاد المصري إلى الاقتصاد الأخضر، قامت الهيئة بالموافقة على أول إصدار من السندات الخضراء في سوق رأس المال في مصر لإحدى الشركات بقيمة 100 مليون دولار بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية. كما قام المركز الإقليمي للتمويل المستدام التابع للهيئة بالتوقيع على إعلان نيروبي للتأمين المستدام كطرف مؤسس للاتفاق. ومن ناحية أخرى، استمرت الهيئة في تعزيز دور المرأة لتمكينها من أداء دورها الأساسي في المجتمع والاقتصاد، حيث قامت الهيئة برفع نسبة تمثيل المرأة بمقاعد مجالس إدارة الشركات المقيدة في البورصة والشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية إلى 25% أو عضوتين على الأقل.

كما منحت الهيئة الشركات والجهات المالية غير المصرفية، حال مزاولة نشاطها وبلوغ التعامل مع المرأة نسبة الـ 25% أو أكثر كشخص طبيعي أو شخص اعتباري، تخفيضًا على رسم التطوير أو مقابل الخدمات بنسبة 50% وبحسب نسبة التعامل مع المرأة، مما يشجع هذه الجهات على توجيه الجزء الأكبر من تعاملاتهم للمرأة.

إنشاء صندوق لتمويل شركات الوساطة المالية

وعن مستوى تحسين مناخ الاستثمار، قامت الهيئة بالموافقة على السماح لشركات التخصيم بتقديم خدمة تخصيم الحقوق المالية الآجلة لشركات السمسرة في الأوراق المالية الناشئة لمزاولة نشاط الشراء بالهامش.

ولتنشيط سوق رأس المال وزيادة أحجام التداول بالبورصة المصرية، قامت الهيئة بالاتفاق والتنسيق مع البنك المركزي المصري على إنشاء صندوق لتمويل شركات الوساطة المالية، كما وافقت على خفض 20% في تكلفة مقابل الخدمات المحصلة عن عمليات التداول بالبورصة المصرية وإرسال مشروع القرار إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات استصداره بهدف زيادة أحجام التداول بالبورصة المصرية.

وعلى مستوى تطوير الأسواق المالية غير المصرفية، وفي خطوة تستهدف تحقيق التكامل بين الأنشطة المالية وإتاحة التنوع في مصادر التمويل أمام شركات التمويل غير المصرفي، قامت الهيئة بمنح أول ترخيص يجمع بين مزاولة نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة بجانب نشاط التمويل متناهي الصغر لإحدى شركات التمويل متناهي الصغر.

ولتذليل أي عقبات تواجه مزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية، قامت الهيئة بخفض تكلفة خدمة الاستعلام الائتماني عن عملاء الجهات العاملة في مجال التمويل الاستهلاكي بنسب تصل إلى 75% بما يُسهم في زيادة القوة الشرائية للمجتمع، كما قامت بالحصول على موافقة وزارة المالية لإعفاء النشاط من ضريبة القيمة المضافة. بالإضافة إلى ذلك، وافقت الهيئة على تسجيل ثلاث شركات إضافية للقيد بالبورصة بقيمة عادلة تزيد عن 4 مليارات جنيه لإتاحة الفرصة أمام الشركات للتوسع وزيادة حجم الأعمال وتعزيز فرص جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع الخيارات الاستثمارية أمام جميع فئات المستثمرين.

ولفت إلى أنه على صعيد العلاقات الدولية، تم انتخاب رئيس الهيئة رئيسًا للجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC) ونائبًا لرئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (IOSCO)، وذلك للمرة الأولى في تاريخ سوق المال في مصر وأفريقيا.

وكتقدير لاتساق ما تطبقه الهيئة من إجراءات رقابية مع المبادئ الرقابية العالمية، استطاعت مصر الاحتفاظ بعضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة الدولية لمراقبي المعاشات وصناديق التأمين الخاصة (IOPS)، وذلك للمرة الرابعة على التوالي.

ومن ناحية أخرى، ترأست الهيئة الاجتماع السنوي لأكبر لجان المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (اجتماع GEMC) لاحتضان بيئات تكنولوجية مختصة بابتكار حلول في التكنولوجيا المالية وتسريع الاعتماد على تطبيقاتها في الأسواق المالية لأول مرة في تاريخ سوق المال المصري.

 

 


مواضيع متعلقة