« الوطن » داخل قوات المظلات: «رعد السماء» على «أعداء مصر»

« الوطن » داخل قوات المظلات: «رعد السماء» على «أعداء مصر»
- قوات المظلات
- المناطق الجبلية المنعزلة
- القوات المسلحة
- شمال سيناء
- قوات المظلات
- المناطق الجبلية المنعزلة
- القوات المسلحة
- شمال سيناء
حين تراهم، فإن المعركة فى طريقها للحسم؛ فهم رجال لا يهابون الموت، ولا يعرف الخوف لقلوبهم طريقاً، فهم «الرعد الساقط من السماء»، وإحدى أهم الأدوات الحاسمة التى تمتلكها القيادة العامة للقوات المسلحة، التى لا تتحرك إلا للتحديات الكبرى، فينقضون من أماكن لا يُشاهدها العدو، ويفاجأ بهم، يسقطون منه الكثير، ويُمهدون الطريق لـ«القوة الرئيسية» القادمة مثل الدبابات وعربات الجند المُدرعة لحسم المعركة، هم رجال قوات المظلات المصرية، الذين يُصنفون رفقة رجال قوات الصاعقة، ضمن قائمة أفضل القوات الخاصة فى العالم أجمع.
«القفز» من ارتفاعات «فوق مستوى الرؤية».. والاستعانة بمعدات حديثة لتنفيذ المهام بدقة عالية وتكلفة منخفضة
«الوطن» التقت عدداً من قادة وضباط قوات المظلات فى «أنشاص» بمحافظة الشرقية، لتنقل للرأى العام المصرى مدى مستوى الكفاءة والقدرة القتالية العالية التى وصل إليها «وحوش السماء»، والتى بدأناها بلقاء عدد من كبار قادة «القوات»، الذين ذكروا لنا أن مهامهم خاصة للغاية، فهم قوات خفيفة الحركة، عملهم الأساسى خلف الخطوط المُعادية، وفى المناطق المُنعزلة، والتى يصعب الوصول إليها، ما يتطلب تدريباً وإعداداً خاصاً للغاية؛ حيث إن كل مقاتل فى قوات المظلات هو «بطل»، يستطيع أن يُحقق كل ما يُطلب منه، بدون أو بأقل خسائر. بداية يوم مقاتلى قوات المظلات المصرية يبدأ من الإعداد البدنى لهم، عبر «طابور الضاحية»، وهى مسافة تُقارب الـ10 كيلومترات، يجريها «وحوش السماء»، يومياً، مع إجراء العديد من التدريبات القتالية، والرياضية، والبدنية، حتى يستطيعوا أن يحافظوا على معدلات لياقة بدنية عالية، تُمكنهم من التعامل مع طبيعة مهامهم الخاصة للغاية، لكن القفز من الطائرة ليس بالأمر الهين، فتخيل أنك دون تدريب أو إعداد تقفز من ارتفاعات عالية تُقدر بالكيلومترات أعلى سطح الأرض، لذا فإن قوات المظلات تمتلك جهازاً يُسمى بـ«عمود الهواء»، حسبما ذكر الرائد محمود صالح، أحد أبطال قوات المظلات.
ويضيف الرائد محمود صالح، لـ«الوطن»، أن أحد أبطال «المظلات» يجلس خلف جهاز حاسب آلى فى «عمود الهواء»، يعده عبر برامج خاصة لتتحكم فى الأنبوب، يُمثل سرعات رياح مختلفة قد يواجهها المُقاتل لدى إسقاطه من السماء، وكيفية تحرك الفرد المقاتل لأعلى وأسفل، ويميناً ويساراً، لتحقيق التوازن فى الهواء، وعقب عدة مرات من الدخول لهذا الجهاز يتم اختبار المقاتلين وهم مرتدون «للمظلات»، وعقب تحكمهم الكامل فى تحركاتهم، يرتدون أسلحتهم، وكامل معداتهم ليتم اختبارهم قبل التوجه للقفز الحقيقى من الطائرات.
ويشير إلى أن رجال المظلات يقفزون من ارتفاعات فوق مستوى النظر البشرى العادى، وهو ما يقول عنه الرائد محمود صالح، أحد أبطال قوات المظلات، إنه أحد التدريبات الرئيسية لـ«وحوش السماء»؛ فهناك نوعان من القفز الحر، الأول «قفز حر عسكرى»، والآخر «قفز حر رياضى»، موضحاً أن الأول لتنفيذ المهام القتالية والعملياتية، والثانى للاشتراك بالمسابقات الدولية أو الاحتفالات.
ويضيف أنهم يدربون الضباط وضباط الصف على القفز من الارتفاعات المختلفة، حتى لو كانت ارتفاعات لا يوجد بها أكسجين كافٍ، نظراً للطبيعة الخاصة لـ«المظلات»، كقوات خاصة يجب أن تكون جاهزة لأى مهمة، موضحاً أن هذا الأمر يُصعب من عملية رصدهم من القوات المعادية، لتعمل القوات حسب المهمة المكلفة بها، سواء الاستيلاء على أرض المعركة المنتظرة لتأمين مرور القوات الرئيسية من مكان معين، أو إرشاد القوة الرئيسية للتحرك، أو تنفيذ عمليات نوعية خاطفة، موضحاً أن وجودهم فى أى مكان بمثابة تمهيد لمهمة كبرى منتظرة، أو لمباغتة العدو لتحقيق النصر فى كلتا الحالتين.
مُقاتل: لا فارق بين «جندي» و«ضابط».. نعامل الجميع أنهم «أبطال» فهم سيواجهون نفس الخطر
ويوضح أن تدريباتهم تتضمن كل الظروف، سواء إمكانية وصول الطيران الناقل لهم لمنطقة العملية، وهنا يُطبقون أسلوب قفز يُسمى «القفز من الارتفاعات العالية والفتح على ارتفاع منخفض»، الذى يسقط المقاتل فيه كالرعد من السماء فى نقطة معينة، وهناك تدريبات فى حال عدم تمكن الطيران من الوصول للنقطة المطلوب تنفيذ العملية فيها، لوجود عدائيات دفاع جوى أو طيران معادٍ، وهنا ينقلهم لمكان معين.
تدريبات من نوع خاص لتأهيل «المُقاتل» للسيطرة على المناطق الجبلية والبعيدة و«الجزر المنعزلة»
لكن تدريب القافزين عبر «عمود الهواء» منفرداً لتحقيق «الاتزان» لن يكون كافياً لضمان قدرة قتالية عالية، والطيران كثيراً له تكلفة مرتفعة، لذا عمدت قيادة قوات المظلات للاستعانة بـ«الطيران الشراعى»، لكنه ليس الطيران الذى بدأت به عمليات الطيران الأولى منذ أكثر من 100 عام، ولكن بمعدات «الدلتا»، حسبما ذكر الرائد حلمى فوزى، أحد أبطال المظلات، لـ«الوطن»، موضحاً أنها معدات تسمح بطيران «طيار المعدة الدلتا»، وبصحبته الفرد المطلوب إسقاطه من ارتفاعات عالية، بما يُقلل من تكلفة التدريب، أو الوصول لمناطق يصعب الوصول إليها مثل المناطق الجبلية، والمناطق المنعزلة.
ولم تكتف قيادة قوات المظلات بتقليل تكلفة التدريب عبر توفير معدات طيران شراعى حديثة، لكنها أقامت أيضاً «مُحاكى» للتدريب، الذى يُؤهل طيارى تلك الطائرات الحديثة على تنفيذ مهامهم بأعلى درجات الأمان والسلامة والكفاءة القتالية العالية.
وعقب التدريب على المهارات الخاصة بالقفز الجوى، تحت مختلف الظروف، ينتقل مقاتل المظلات إلى «مجمع التدريب على الاقتحام الجوى»، وهنا يتحول «القافز من السماء» لـ«مقاتل شامل»، قادر على تنفيذ مهام قتالية برية، وحتى «تحت الماء»، حسبما ذكر عميد أركان حرب محمد سعد، الذى لفت إلى أن التدريب لا يفرق بين ضابط أو ضابط صف أو جندى؛ حيث إنهم جميعاً يعدون على أنهم «أبطال»، سيواجهون خطراً واحداً، وسينفذون مهمة واحدة، ومن ثم يجب التعاون والتكامل الكامل بينهم للنجاح فى المهمة المكلفين بها.
ويوضح العميد محمد سعد أن هذا المجمع التدريبى القتالى فريد من نوعه، مشيراً إلى أنهم حينما عمدوا لإنشاء هذا «المُجمع» عملوا على مناهج وبرامج تدريبية معينة، تتوافق مع أحدث المعايير العالمية فى إعداد فرد القوات الخاصة، وتُحدث باستمرار، لضمان أعلى كفاءة قتالية ممكنة.
ويشير النقيب أكرم عكاشة، أحد رجال قوات المظلات، إلى أن «المجمع» يؤهل الفرد المقاتل للتعامل مع التهديدات المختلفة، والبيئات المختلفة التى سيتعامل معها فى تنفيذ أى مهمة، مثل الجبال، أو المزارع بما فيها من أشجار، أو مبان، أو قرى حدودية قد يوجد فيها تهديد يجب التعامل معه، موضحاً أن التدريب يتضمن التدريب على صعود وتسلق تلك البيئات المختلفة، والنزول بمختلف الطرق، سواء جذوع أشجار، أو خشب، أو مواسير، وغيرها، حتى يكون المقاتل جاهزاً لتنفيذ المهمة التى قد يكلف بها.
مُجمع متكامل من ميادين التدريب على «الاقتحام الجوى»..
ويضيف النقيب أكرم عكاشة، لـ«الوطن»، أنه يتم تدريب رجال المظلات أيضاً على التعامل مع التحديات المائية، وكذلك ميادين رماية يتدرب فيها المقاتل على الرماية بسرعة ودقة، وبمختلف الأوضاع.
ولم يتوقف دور رجال المظلات على «إسقاط المقاتلين»، والتدريب على القتال، ولكن لهم دور مهم فى «الإمداد»، سواء إسقاط المياه أو الطعام أو الوقود أو الذخيرة للمقاتلين، وحتى المعدات الثقيلة مثل المركبات بأنواعها وغيرها، حسبما ذكر الرائد محمد جمال، أحد مقاتلى المظلات المصرية، مشيراً إلى أن الجانب الروسى، على سبيل المثال، أبدى انبهاره بسرعة إعدادهم للمركبات للإسقاط من الطائرات.
وعن دور «وحوش السماء» فى مكافحة الإرهاب بشمال سيناء، يقول العقيد محمد جاد، أحد رجال قوات المظلات، إنهم يواجهون عدواً ليس له تنظيم معين ولا يقاتل فى ساحات قتال تقليدية أو معروفة، وقوات المظلات لديها قدرة عالية على القتال فى المدن والمناطق المبنية وحروب العصابات.
أحد أبطال «سيناء»: الإرهابيون كانوا يهربون فور وصولنا.. والحياة عادت لطبيعتها
ويوضح العقيد محمد جاد، لـ«الوطن»، أنهم لدى اقترابهم من أى بؤرة إرهابية كانت عناصرها تهرب خلف الجبال والتباب الصحراوية، مشيراً إلى أن الأمور عادت لطبيعتها فى شمال سيناء، والحياة عادت فى شوارع العريش والشيخ زويد وغيرها، ونادراً ما يتم رصد عناصر إرهابية حالياً.
فيما يقول العقيد زكى محمد، أحد رجال المظلات، إنهم نجحوا فى تكبيد العناصر الإرهابية خسائر كبيرة، موضحاً أن الإرهابيين لم يتوقعوا أن القوات المسلحة وقوات إنفاذ القانون المصرية قادرة على الوصول للأماكن التى طهرتها من الإرهاب.