حكاية سيدة حولت منزل والدتها لنصبة شاي في سوق الجمعة: شقيانة على عيالي

حكاية سيدة حولت منزل والدتها لنصبة شاي في سوق الجمعة: شقيانة على عيالي
بين أروقة «سوق الجمعة» في السيدة عائشة وجدت ضالتها منذ عدة أعوام، لكسب لقمة العيش البسيطة، بتقديم المشروبات الساخنة كالشاي والقهوة، فتلحق بالتجار على مدار اليوم، حاملة «صينيتها» المعدنية المثقلة بالأكواب، وتعود ليلا إلى منزلها، تجر قدميها بصعوبة، وتدفعها عاطفة الأمومة إلى استكمال مهامها لأطفالها ووالدتها المريضة، بصدر رحب.
ولاء فتحي، 35 عاما، واجهت صعوبات مريرة بعدما هجرها زوجها وأصبحت دون سند يراعها، لتربية أبنائها وحمايتهم من مصير مجهول، كاد يصل بها إلى مرحلة التسول، لتلجأ إلى والدتها وتحتمي بجدران منزلها في السيدة عائشة، لكن سرعان ما أصابها مرض عضال جعلها عاجزة عن الحركة، لتقرر تحويل جزء من مسكنها إلى مصدر رزق ببيع الشاي، وسرعان ما تمكنت من حصد شهرة واسعة بسوق الجمعة: «بقوا يقولولي يا معلمة، بس أنا متواضعة جدا والدنيا كلها بتحبني»، لتُعرف باسم «أم رانيا».
أشهر بائعة شاي في سوق الجمعة: نفسي أشوف ولادي أحسن الناس
في البداية لم تكن «أم رانيا» تملك سوى جنيهات قليلة تكفي لقضاء يوم واحد فقط، ولكن مع عملها ودعم التجار لها، باتت أشهر بائعة شاي في سوق الجمعة، وتملك وفرة من المال تساعدها في تربية أبنائها: «فكرة المكان ده جاتلي بعد الطلاق وأمي بقت عاجزة، فعملت المشروع في بيت والدتي علشان أكسب لقمة عيشي، وبعمل كوباية شاي بـ3 جنيه بس».
15 عاما، قضتها الأم الأربعينية داخل السوق، وقفت خلالها كالرجل، ووضعت أمام عينيها أطفالها فقط، فتحاول بكل الطرق حمايتهم ومساعدتهم علي تخطي الصعاب: «آخر اليوم بروح ضهري مقسوم لكن مبسوطة إني راجعة برزق العيال ونفسي أشوف ولادي أحسن الناس»، وفقا لحديثها لـ«الوطن».
«أم رانيا»: والدتي عندها الكلى من زمان وبجري علشان علاجها
جانب آخر مظلم في حياة «أم رانيا»، وهو مرض والدتها بالكلى منذ سنوات، فتتولى رعايتها بجانب عملها مع أطفالها: «أنا زعلانة عشان أمي مرمية في المستشفى ونفسي تقوم لي بالسلامة، هي تعبانة ونفسها تغسل الكلى، مش عاوزة مساعدة من الناس غير إنهم يشجعوني بكل أدب واحترام».
لم تكن تتمنى «أم رانيا» أن تخوض تلك الرحلة من المعاناة بهذا العمر، فكانت تأمل مسبقا أن تظل داخل بيتها في كنف زوجها ولكن ربما الأمور الجيدة لا تستمر طويلا، على حد قولها: «مكنتش متخيلة إني في السن ده أتعب وأشقى، بس محدش بيختار نصيبه، أنا اتحطيت في ظروف صعبة بس أنا واضحة وبحكي قصتي وعاوزة حد يقويني مع ربنا على اللي أنا فيه»، متمنية أن تتمكن من تجاوز تلك المعاناة وشفاء والدتها وإتمام أطفالها تعليمهم حتى يخرجون كأشخاص أسوياء للمجتمع دون تقصير منها.