شباب شرم الشيخ.. وشباب 25 يناير

أميرة خواسك

أميرة خواسك

كاتب صحفي

من المؤكد أن المصريين قد أسعدتهم تلك الصورة الراقية المتحضرة التى ظهر عليها منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ على مدى الأيام الماضية، والمستوى الراقى الذى تم به تنظيم هذا الحدث الذى يزداد أهمية عاماً بعد عام، ونحن نرى شباباً من معظم دول العالم ومن مصر يملأ الدنيا بفكره وطموحه وآماله ومرحه وإقباله على المستقبل. وحين أرى تلك الصورة المبهجة، أتذكر تلك السنوات الأولى من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى وكيف لعب المتآمرون على شباب مصر ليصنعوا هوة بينهم وبين رئيسهم، وكان منهم من يردد كلاماً حين تناقشه فيه تكتشف أنه يكرر ما يبثه المغرضون عن غير وعى ولا اقتناع!

المتآمرون هنا ليست جماعة الإخوان وحدها، ولكن معها قوى شر كثيرة حُركت من قبل شباب ٢٥ يناير ٢٠١١، وما تلاها من أحداث عنف، وتشويه منظم للمجتمع المصرى ما زلنا نعانى آثاره حتى يومنا هذا.

لكننا اليوم ونحن نرى المئات من شباب مصر الموهوبين والواعدين، وهم يستقبلون شباب العالم ويتفاعلون معه، ويتبادلون الأفكار والأطروحات ويناقشون أدق قضايا العالم، وهم أنفسهم قادمون من قطاعات عمل عديدة، نجد أننا كنا على الطريق الصحيح. خاصة بعد أن أصبح ملايين من شباب مصر هم من تقوم على أكتافهم مشروعات مصر الكبرى فى كل مكان، من جنوبها لشمالها، ملايين الشباب الذين يعملون فى هذه المشروعات كان المطلوب أن يكونوا عاطلين وأن يكونوا الشرارة التى تشعل النيران فى هذا البلد فى أى وقت، وقد حاول المتآمرون كثيراً، وحددوا المواعيد وأطلقوا الشائعات، واعتقدوا أنهم قاب قوسين أو أدنى من نشر الفوضى فى البلاد، لكن قبضة الدولة المصرية ووعيها فى آن واحد أفسدت مخططاتهم الشيطانية، وها نحن نرى اليوم زهور مصر الحقيقية وهم يزينون هذا الحدث الكبير.

بنظرة فاحصة لهذا المنتدى بالأرقام، نجد أن المشاركين قد بلغوا ١٨ ألفاً على مدى السنوات الثلاث الماضية، ثم توقف العام الماضى بسبب انتشار وباء كورونا، ثم أصرت مصر على عقده هذا العام، رغم كل الظروف الصعبة التى يمر بها العالم، فشارك هذا العام شباب من ١٩٦ دولة، وتناول موضوعات مهمة مثل وباء كورونا، ومواجهة التغيرات المناخية، والتداعيات السلوكية والنفسية فى عالم ما بعد كورونا، وتجارب تنموية فى مواجهة الفقر، ومستقبل العمل وريادة الأعمال، وغيرها من موضوعات كلها تتسم بالأهمية، جهد ضخم، النجاح فيه ليس أمراً سهلاً، خاصة فى دورته التى تُختتم اليوم، التى أقيمت فى ظروف غاية فى الصعوبة، وتحدٍّ لا يمكن لدول كبرى أن تتصدى له، وهو انتشار وباء كورونا، لكن مصر قبلت التحدى، وقدمت للعالم نموذجاً رائعاً بهذا التنظيم الكبير، والتنوع المدروس بدقة، والموضوعات المهمة التى دارت المناقشات حولها، حتى الفنون التى شهدها الافتتاح والأيام التالية له كانت غاية فى الرقى والإبداع.

الحقيقة أن جهداً مشكوراً هائلاً قد تحقق، يعكس صورة مصر الجديدة أو الجمهورية الجديدة، وهى الصورة المشرفة التى تستحقها مصر بجدارة، والتى أسهم فيها كل الأبطال صُناع هذا الحدث الكبير.