وزير الري: المياه أبرز القطاعات المتأثرة سلباً بتغير المناخ في مصر

كتب: الوطن

وزير الري: المياه أبرز القطاعات المتأثرة سلباً بتغير المناخ في مصر

وزير الري: المياه أبرز القطاعات المتأثرة سلباً بتغير المناخ في مصر

شارك الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، في جلسة حوارية اليوم بعنوان «مسؤولية المجتمع الدولي تجاه الأمن المائي المستدام»، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم والمنعقد حالياً بشرم الشيخ.

تغير المناخ يهدد الإنتاج الغذائي حول العالم

وفي كلمته، قال عبدالعاطي، إنَّ قضية التغيرات المناخية تُعد من أهم القضايا التي يواجهها العالم في الوقت الحالي، نظراً للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على جميع الحياة وخاصة التأثيرات السلبية على الموارد المائية، مشيراً إلى أنَّ تغير المناخ يهدد الإنتاج الغذائي حول العالم، إضافة للتسبب في ارتفاع منسوب سطح البحر الذي يهدد الأراضي المنخفضة حول العالم ومنها دلتا نهر النيل، إضافة للتأثير غير المتوقع على كميات الأمطار بمنابع الأنهار، الأمر الذي يضع قطاع المياه على رأس القطاعات المتأثرة سلباً بالتغيرات المناخية.

وأوضح أنَّ الغازات المسببة للاحتباس الحراري تزايد بشكل هائل خلال القرن الماضي، وحتى الآن بالتزامن مع إزالة الغابات الأمر الذى أدى لتراكم انبعاثات الغازات الدفيئة، ولا يزال هذا التزايد في استمرار الأمر الذي يستلزم اتخاذ إجراءات حاسمة للتخفيف من الإجراءات المسببة للتغيرات المناخية ، وتنفيذ مشروعات كبرى للتكيف مع الآثار السلبية لهذه التغيرات.

70% من الكوارث الطبيعية في العالم مرتبطة بالمياه

وتابع أنَّ التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية أصبح واقعاً نشهده الآن في العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة، مبينًا أنَّ 70% من الكوارث الطبيعية في العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها، الأمر الذى يستلزم إجراءات لمواجهة هذا التحدي بشكل عاجل وفوري، إذ أن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة وكلفة في المستقبل إذا لم يتمّ اتخاذ إجراءات جذرية في الوقت الحالي، الأمر الذي يستلزم زيادة التعاون وتبادل الخبرات بين مختلف دول العالم في مجال المياه، باعتبار أنَّ قضية المياه هي قضية محورية في مجال تحقيق التنمية المستدامة.

كما أشار وزير الري، إلى لتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على قطاع المياه، وما ينتج عن ذلك من نقص كميات المياه والحاجة لإعادة استخدامها أكثر من مرة، الأمر الذي يؤدي لتدهور نوعية المياه، وبالتالي انتشار الأوبئة والجوائح التي يعاني منها العالم، كما أن زيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة سيؤدي لانتشار الفقر وتراجع مستوى المعيشة الأمر الذي يمثل بيئة خصبة للجماعات المتطرفة.

وأوضح عبدالعاطي، أنَّ التغيرات المناخية تُعد من أبرز التحديات التي يواجهها قطاع المياه في مصر إلى جانب الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية، الأمر الذي يستلزم وضع السياسات اللازمة واتخاذ العديد من الإجراءات وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى للتكيف مع هذه التأثيرات السلبية وتحقيق الإدارة المتكاملة والمثلى للموارد المائية، وزيادة المرونة في التعامل مع مختلف التحديات، مؤكداً في الوقت ذاته على ما تمتلكه مصر من خبرات وطنية يمكنها التعامل مع التحديات التى يواجهها قطاع المياه.

وأشار إلى تنفيذ مصر العديد من المشروعات الكبرى للتكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، إذ جرى إنشاء نحو 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول، وتنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 120 كيلومترا والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 110 كيلومترات، إضافة للتوسع في إعادة استخدام المياه بهدف تنفيذ مشروعات للتوسع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة التصحر من خلال إنشاء محطات معالجة ثلاثية للمياه بطاقة تصل إلى 15 مليون متر مكعب يومياً.

وأكّد عبدالعاطي، أنَّ الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه في مصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أي مشروعات أحادية يجرى  تنفيذها فى دول حوض النيل، دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه في مصر.

مصر تعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل

واستعرض عبدالعاطي الموقف المائي في مصر، مشيراً إلى أنَّ مصر تعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل، وتصل احتياجات مصر المائية الى نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ60 مليار متر مكعب سنوياً، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا، ويجرى سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنوياً.

وتابع أنَّه لمواجهة هذه التحديات وضعت الوزارة خطة لإدارة الموارد المائية حتي عام 2037 بالتعاون مع كل الوزارات المعنية باستثمارات تتجاوز الـ50 مليار دولار من المتوقع زيادتها الى 100 مليار دولار، تهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً وتوفير البيئة الداعمة لقضايا المياه.

وأوضح أنَّه خلال هذه الخطة جرى تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التي تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية، مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقي والتحول للري الحديث، مشيراً إلى أهمية التوعية بقضايا المياه التي نجحت على سبيل المثال في قيام المزارعين بالتحول لنظم الري الحديث في زمام 800 ألف فدان على نفقتهم الخاصة.

وأضاف أنَّ مصر تتطلع لاستضافة مؤتمر المناخ المقبل لعام 2022 (COP27) ممثلة عن القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أنَّه فرصة ذهبية لعرض تحديات القارة السمراء فى مجال المياه، مع وضع محور المياه على رأس أجندة المؤتمر، مشيراً إلى أنَّه إيماناً من الدولة المصرية بأهمية محور المياه في ملف تغير المناخ، تمّ إطلاق عنوان «المياه على رأس أجندة المناخ العالمي» على أسبوع القاهرة الخامس للمياه والمزمع عقده فى شهر أكتوبر من العام المقبل 2022، مؤكداً أهمية أن تحظى التحديات المرتبطة بقطاع المياه بالاهتمام الدولي الكافي وخاصة في الدول الإفريقية.

وأكّد عبدالعاطي، أنَّ التعاون بين مصر والدول الإفريقية يُعد أحد العلامات البارزة للتعاون المتميز بين الدول والمبني على أسس من الأخوة وتبادل الخبرات، مشيراً لما تقوم به مصر من دعم للتنمية في دول حوض النيل والدول الإأفريقية من خلال العديد من المشروعات التي يجرى تنفيذها على الأرض، إذ أنشأت مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية في عدد كبير منها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية، والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسي النهرية، ومساهمة الوزارة في إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الإفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر في مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.

ولفت وزير الري، إلى أنَّ مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل خزان أوين بأوغندا الذى قامت مصر بتمويله، إضافة للعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزي وشاراشارا وتانا بلس التي لم تعترض مصر على إنشائها، ولكن إنشاء سد ضخم مثل سد النهضة، ودون وجود تنسيق بينه وبين السد العالي هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذي يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا، على الرغم من أن مصر عرضت على إثيوبيا العديد من السيناريوهات التي تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85% فى أقصى حالات الجفاف، مضيفًا أن وجود آلية تنسيقية في إطار اتفاق قانوني عادل وملزم يعد ضمن إجراءات التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

واستعرض عبد العاطي، مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط الذي يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل، ويشتمل على ممر ملاحي وطريق وخط سكه حديد وربط كهربائي وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.

وأشار إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الإقليمي ويجمع دول الحوض باعتبار أنَّ النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة علي نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مع تأكّيد دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم، والعمل على توفير فرص العمل، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي فضلاً عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكل المجالات، الأمر الذي ينعكس على رؤية المشروع التي تتمثل في قارة واحدة، ونهر واحد، ومستقبل مشترك.


مواضيع متعلقة