بريد الوطن.. ثمن السعادة (قصة قصيرة)

كتب: بريد الوطن

بريد الوطن.. ثمن السعادة (قصة قصيرة)

بريد الوطن.. ثمن السعادة (قصة قصيرة)

وقف الخفير ينظر إلى صف أشجار الزيتون الطويلة، فهم منه بمثابة الولد، ثم أطلق ظفرة حارة وراحت أصابعه تبرم شاربه الذى غطّى شفته العليا فى دلالة واضحة على القوة والزهو برجولته التى لم تغِب شمسها بعد -رغم تخطيه عامه الستين- أشعل الخفير النار فى أغصان الأشجار اليابسة ليُعد لنفسه كوباً من الشاى، ولم يدرِ لمَ تذكر فجأة سنوات عمره الماضية، وكيف أنه تخطى الثلاثين عاماً يعمل خفيراً لتلك الأرض، وبعد انقضاء كل تلك السنوات لا يزال خفيراً مُعدماً، وتساءل بنبرة ملأها الحزن: «ما الذى يحدث لو كنت مالكاً لتلك الأرض؟»، ووجد صوتاً يأتى من داخله.. أتريد أن تكون مثل عونى باشا، الذى لا تدخل جوفه اللقمة إلا وتعقبها عشرات الأدوية، وقد منع عنه الأطباء أكل اللحم والدسم.. وسمع صوته يقول بلا تردد: لا لا.. يفتح الله، ما الذى يحدث له فى تلك الليلة، لقد عاودت نفسه السؤال بصيغة أخرى: ما الذى يحدث إذا كنت غنياً وفى الوقت نفسه أمتلك الصحة والعافية؟ وحينها تذكر الحاج هريدى التاجر المشهور الذى يجمع بين المال والصحة، إلا أنه تذكر أمراً ألجم لسانه، إذ إن الحاج هريدى عقيم لا ولد له، والورثة ينتظرون موته بفارغ الصبر.. أما علاقتهم به فتشبه خيوط بيت العنكبوت تنقطع بمجرد اللمس، وكلاهما ينظر إلى الآخر نظرة كراهية وحقد، وقال فى نفسه: لو كنت مُخيّراً بين المال والولد فأيهما أختار؟ ردّد بداخله: إن السعادة لا تشتريها الأموال ولا تضمنها الصحة، إنما السعادة تنسج خيوطها الأرواح الراضية القانعة.

أشرف غازى

يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com


مواضيع متعلقة