بورصة الدواجن.. العيش لخبازه
أسس علم الاقتصاد توضح الطرق البسيطة لتصميم خطة تسويق لأى سلعة، حيث يجب أن ترتكز على عنصرَى «العرض» و«الطلب»، ومراعاة توازن السوق عند معادلة سعرية تضمن الربحية للمنتج والرأفة بالمستهلك.
ولضمان نجاح خطة تسويق أى سلعة، ينبغى أن يضعها خبير محايد، وليس منافساً أو منحازاً، بمعنى أنه لا يجوز عقد اجتماع فى الغرفة التجارية يخص إدراج الدواجن وبيض المائدة ضمن البورصة السلعية لوزارة التموين، لأن «الغرفة التجارية» هى بيت التجار والمستوردين، خاصة إذا كان هناك بيت شرعى للمنتجين هو «اتحاد منتجى الدواجن».
الدعوة لعقد اجتماع يخص مشكلات أو مصالح منتجى الدواجن والبيض ينبغى ألا تتم من خلال المستوردين والتجار، الذين لا يهمهم سوى تشغيل ماكيناتهم وزيادة حصتهم من سوق الدجاج والبيض فى مصر، بما يستوردونه، سواء بالمجمدات، أو بالبيض المبستر أو المسحوق، وهو أمر يضر بالصناعة الوطنية.
ومن الثابت أن جميع دول العالم تسن قوانين ولوائح ضد الإغراق، وذلك لحماية المنتجات المحلية، وما يقترن بها من حماية فرص وظيفية وتأمين سلامة استثمارات معظمها قروض بنكية بفوائد والتزامات تصب فى خانة مصلحة وطن ومواطن.
البورصة السلعية حل من الحلول الفريدة التى تفرضها تداعيات خلل السوق وعشوائية البيع واستغلال ضعف المنتجين لسلع يضرها التخزين أو يُتلفها، مع تعطيل العمل بالمعادلة الاقتصادية السعرية التى تضمن ربحاً للمنتِج يستعين به على مواصلة الإنتاج، كما تؤمِّن المستهلك ضد الجشع، مع وضع هامش ربح عادل للتجار (حلقات التسويق الوسيطة) يحقق لهم جدوى العمل بأموالهم وآليات توزيعهم.
والقضية ليست فى إيجاد آليات حقيقية لتسويق الإنتاج الداجنى، فمن يعترض على إدراج الدواجن والبيض ضمن البورصة السلعية ليس موضوعياً ولا نزيهاً، لكن الأمر يتطلب سلامة الإجراء، وهذا لن يتم بمعزل عن المنتجين وخبراء الإنتاج المعنيين فى المقام الأول بهموم الصناعة، والعارفين بخباياها على أرض الواقع.
وهنا يجب الأخذ فى الاعتبار ضرورة التمثيل الجيد لطبقات المنتجين، حيث إن تكاليف الإنتاج تختلف باختلاف حجم المربى أو المُنتِج، وطبيعة عنبر التسمين أو البيّاض، فتراجُع إنتاجية البيض خلال الشهرين الماضيين بنسبة تبلغ نحو 12٪، بسبب تقدم عمر قطعان البياض ووجود بعض الأمراض التى تقلل كفاءة بيت البيض لدى الأم، معلومة لا يعرفها إلا «مربى» خبير، أو أستاذ رعاية دواجن، يمسكان جيداً بمفاتيح حسابات التكاليف الحقيقية فى هذا المجال.
ليس طبيعياً أن يأتى تشكيل اللجنة العليا لحلول مشكلات صناعة الدواجن بعدد قليل من المنتجين لا يتناسب مع حجمهم الفنى والمالى فى المنظومة، وأن تتم الدعوة من الغرفة التجارية لمناقشة آليات تسويق حصادهم ضمن البورصة السلعية، وقد يتصور البعض أن «الهدف النبيل تبرره الوسيلة العرجاء»، لكن لا يمكن لتاجر (مستورد أو صاحب مجزر أو صاحب سيارات توزيع) أن يقف وقوفاً صحيحاً ودقيقاً على صياغة معادلة سعرية تشمل كافة تكاليف الإنتاج اليومية ذات الصلة بالأسعار المتحركة دائماً لمدخلات الإنتاج، والمحفوفة يومياً بمخاطر الأوبئة والنفوق وتراجع الإنتاجية.
نهاية: يحضرنى المثل الشعبى «إدى العيش لخبازه»، ولا يصح أن يؤتمن تاجر العنب على تسعير محصول المزارعين عند حصاده وطرحه فى الأسواق، كونه سيضع مصلحته فى قائمة الأولويات.