كورونا يحاصر «الفستان الأبيض».. تراجع أعداد عقود الزواج في زمن الجائحة (بيانات)

كورونا يحاصر «الفستان الأبيض».. تراجع أعداد عقود الزواج في زمن الجائحة (بيانات)
- فيروس كورونا
- عقود الزواج
- تاثير كورونا على الزواج
- أوميكرون
- فيروس كورونا
- عقود الزواج
- تاثير كورونا على الزواج
- أوميكرون
لم يتخيّل أكثر المتشائمين أنّ فيروسا صغيرا لا يُرى بالعين المجردة، ظهر في مقاطعة ووهان الصينية بنهاية 2019، قد يُصبح «وحشا كاسرا» تنهزم أمامه اقتصادات الدول، وترتفع معه نسبة التضخم العالمية، ويتحول إلى جائحة شديدة الحدّة، لم تلق بأهوالها فقط على هؤلاء الذين فقدوا عملهم، أو أُصيبوا بالفيروس، أو اضطروا للبقاء في منازلهم خوفا من تبعات مجهولة وغير محسوبة، لفيروس لم يفرّق بين صغير أو كبير، بل أثرت على قرار شباب كُثر بـ«دخول القفص الزوجي»، خوفا من حياة قد تنهدم أو يصيبها مكروها في لحظة بسبب (كوفيد - 19).
كانت الأمور بدأت في الهدوء، وبدأ العالم يتعايش مع الفيروس وكأنّه جزء أساسي منه، المدارس والمؤسسات عادت للعمل من مقراتها، والحدائق والمتنزهات والسينمات والمطاعم فتحت أبوابها أمام الجميع، لكن التحوّرات الكثيرة التي ظهرت على الفيروس زرعت الرعب في نفوس العالم، وكان أكثرها حدّة وخطورة كما صنّفته منظمة الصحة العالمية «أوميكرون»، من حيث دائرة الانتشار واحتمالية تكرار الإصابة، ما كتب بدوره سطر جديد في مسلسل الغموض الذي تعيشه البشرية منذ عامين، ودفع «أميرة»، لرفض فكرة الزواج في ظل جائحة كورونا، إلى جانب كثيرين غيرها قرروا أنّ «الوقت غير مناسب لحياة جديدة».
كورونا يهدد «فكرة» الزواج
«لن أبني حياة خاصة قد ينهيها كورونا في أي وقت».. كان قرار الشابة التي أكملت عامها الثلاثين، خوفا من الفيروس وتحوراته وتبعاته التي لا تنتهي: «الوضع خطير، ظنّنا أنّ اللقاحات سيطرت على انتشار كورونا، لكن حتى اللحظة يظهر لنا أبناءه وتحوراته وآخرها أوميكرون».
ترى الشابة الثلاثينية التي حصلت على بكالوريوس من إحدى الجامعات المصرية في حديثها مع «الوطن»، أنّ الوضع غير آمن لبدء حياة جديدة «قد يهدمها الفيروس في أي لحظة».
«الصحة العالمية» تحذّر من أوميكرون
منظمة الصحة العالمية حذّرت بدورها من «أوميكرون»، معتبرة إياه «خطر كبير للغاية»، كما شددت على أنّ معدل العدوى لم يتضح بشكل دقيق حتى الآن، ورجحت انتشار المتحور حول العالم.
وطالبت المنظمة المختصة بحماية صحة الإنسان، بوضع خطط عالمية لمواجهة الأزمات المترتبة على استمرار كورونا، متوقّعة الضغط على أنظمة الرعاية الصحية، ما قد يزيد بدوره معدلات الإصابة والوفاة الناتجة عن الفيروس.
رسم توضيحي لإصابات ووفيات كورونا في مصر
لـ«إيمان»، 22 عاما، حكاية مختلفة مع كورونا، الذي قضى على قصة حبها وتسبب لها في «اكتئاب شديد»، تقول: «كنت مخطوبة لشاب أحببته منذ دراستي في الجامعة عام 2018، كنا نخطط للزواج في صيف 2020، لكن وجود خطيبي في الكويت آنذاك بغرض العمل عطّل خطة العائلتين، وبعدها جاء قرار تعليق الطيران بين مصر وعدد من الدول بينها الكويت، ضمن إجراءات الوقاية من كورونا.
في 19 مارس 2020، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تعليق حركة الطيران في المطارات المصرية كافة، لوقف تفشي فيروس كورونا، وخلال فترة تعليق الطيران، بدأت الفنادق والمنشآت السياحية تنفيذ خطة للتعقيم، وقدّرت الخسائر حينها بأكثر من 2.25 مليار جنيه.
إيمان تواجه المجهول بسبب تعليق الطيران إثر كورونا
توقف حركة الطيران دون موعد محدد لعودتها، دفع أسرة «إيمان» إلى «فسخ خطبتها»، وهو ما تحدّثت عنه الشابة العشرينية لـ«الوطن» التي أكدت أنّها تعرّضت لأزمة نفسية شديدة وأٌصيبت باكتئاب: «كنا نواجه المجهول، وانتظرنا عودة لا تأتي لنحو عامين، فاضطر والدي إلى فسخ الخطبة وحجّته في ذلك أنّ (العمر بيجري)، وأنّ المجتمع الشرقي يرى أنّ الفتاة يجب أن تتزوج في سن صغير كي لا تصبح (عانس)».
سجلت عقود الزواج في عام 2020 النسبة الأقل خلال السنوات الخمس الأخيرة، بنسبة انخفاض بلغت 5.6% مقارنة بالعام 2019، إذ سجلت في عام 2020 مقدار 876015 عقدا بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بينما في عام 2019، قدّرت بـ927844 عقدا، بانخفاض بلغ 51829 خلال عام واحد.
معدل الزواج في مصر
لم تكن ثقافة الأشخاص وأفكارهم فقط هي المحرك الأساسي لقراراتهم بشأن الزواج في ظل جائحة كورونا، ولعبت الظروف الاجتماعية والاقتصادية دور آخر في التأثير على مؤشر الزواج طوال فترة الجائحة، وخضعت «نيرة» تحت وطأة الظروف المعيشية شديدة التعقيد إلى قرار أسرة خطيبها بفسخ الخطبة، بسبب عجز والدها عن توفير متطلبات زواجها، بعد استغناء جهة عمله عنه وفقد مصدر رزقه اليومي.
كورونا يعصف بزواج نيرة
كانت «نيرة» الحاصلة على بكالوريوس تجارة، وتعيش في إحدى قرى الجيزة، على وشك الزواج قبل أن يظهر كورونا ويعصف بـ«حياة لم تبدأ بعد»، متأثرة بقرار صاحب المشروع الذي كان يعمل والدها لديه «عامل باليومية» وهو القطاع الذي يضمّ نحو 4 ملايين عامل، بالاستغناء عنه وعن كثيرين غيره، لتقليل النفقات في ظل جائحة لم تكن ملامحها قد ظهرت بعد، فور إعلان فرض حظر التجوال ضمن الإجراءات الاحترازية التي فرضتها الحكومة لوقف انتشار الجائحة.
اضطرت أسرة الفتاة العشرينية لبيع جزء من أثاث المنزل الذي تعيش به لتوفير المتطلبات الأساسية للحياة من مأكل ومشرب، كما حاول والد «نيرة» الحصول على منحة العمالة غير المنتظمة التي أقرتها الحكومة في ظل جائحة كورونا، لكن لم تحصل عليها، تقول لـ«الوطن»: «نجحنا في التسجيل بعد العديد من المحاولات، لكن رسالة المنحة لم تصلنا».
دراسة لأثر فيروس كورونا على الحالة العملية للمشتغلين - الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء
أعلنت الحكومة خلال الموجة الأولى لجائحة كورونا، صرف 500 جنيه شهريا لمدة 3 أشهر للعمالة غير المنتظمة لمواجهة تداعيات الأزمة، وقال حينها محمد سعفان وزير القوى العاملة، إنّ مليون و200 ألف سجلوا بياناتهم للحصول على الإعانة، بينما يقدّر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعدادهم بـ14 مليون مصري.
ورغم جلوس والد نيرة على أحد الأرصفة بمنطقة فيصل، مع عشرات آخرين يحملون عدة «الفواعلية»، في انتظار زبون يرغب في «تكسير حيط»، لتوفير بعض المال للإنفاق على أسرته، لم ينجح الأمر، وابتعد حلم استكمال تجهيزات زواج ابنته رويدا رويدا عن المنال، وهو ما لم تحتمله أسرة العريس التي قررت فسخ الخطبة في النهاية، لعدم قدرة أسرة نيرة على الالتزام بمتطلبات الزواج المادية.
دراسة ترجح بقاء العازبات دون زواج فترة أطول بسبب كورونا
ما تزال الدراسات الخاصة بفيروس كورونا مستمرة، والتي أكدت تأثير الفيروس على الحياة الاجتماعية والاقتصادية لسنوات مقبلة حتى بعد انحساره، إذ كشفت دراسة نشرت في Science Codex، شارك بها 12 عالما، أنّ كورونا يؤجّل العديد من حالات الزواج، وأنّ النساء اللاتي يستطعن تحمل نفقات البقاء بمفردهن من المرجح أن يبقين عازبات لفترة أطول.
وأكدت مارتي هاسيلتون، أستاذ علم النفس ودراسات التواصل في جامعة كاليفورنيا، أنّ النساء وجدن أنفسهن خلال جائحة كورونا تحت وطأة ضغوط إضافية تتعلق بأعمال المنزل ورعاية الأطفال والأزواج.