محمد صلاح و100 مليون صورة!
ليست القصة فى خسارة «الكرة الذهبية» ولا تراجع محمد صلاح من المركز الخامس إلى السابع فى السباق إليها.. إنما القصة فى اختلاط الهوى بالموضوعية فى اختيار الجوائز الكبرى فى العالم من الكرة إلى نوبل.. فأى مراقب لكرة القدم يعرف أن معايير الاختيار للفوز بهذه الجائزة، التى تبدأ من شكل ومستوى الأداء الذى يقدمه ويظهر به اللاعب المرشح بالموسم الحالى للمسابقة، فضلاً عن الأرقام المتحققة مثل تسجيل الأهداف وصناعتها للزملاء بالملعب مع احترام الأداء الجماعى للاعب وقدرته على قيادة فريقه، كذلك الألقاب التى يحملها والجوائز التى حصل عليها واللعب النظيف، وأخيراً أضيف التأثير على مواقع التواصل الاجتماعى.. وبحساب وتقدير كل ذلك يتفوق محمد صلاح بشكل كامل.
فعلى صعيد تحقيق البطولات والألقاب العالمية يأتى دور محمد صلاح مع منتخبنا الوطنى حيث حقق المركز الثالث فى كأس الأمم الأفريقية تحت 20 سنة فى عام 2011، والوصيف فى كأس الأمم الأفريقية عام 2017، فضلاً عن الوصول لكأس العالم فى روسيا عام 2018.
بينما مع ليفربول حقق بطولة دورى أبطال أوروبا موسم 2018-2019 وكما الحال فى أفريقيا فهذه هى البطولة الأهم والأقوى فى أوروبا، كذلك حصل محمد صلاح على كأس العالم للأندية عام 2019 والدورى الإنجليزى العام الماضى وكذلك السوبر الأوروبى فى العام نفسه!
وفى الأرقام القياسية فإن محمد صلاح هو هداف مصر فى بطولة كأس الأمم الأفريقية برصيد 14 هدفاً وهدفين فى كأس العالم ليكون حتى الآن الأكثر تهديفاً محققاً رقم عبدالرحمن فهمى الذى لم يحققه أحد بعده منذ عام 1934!
بينما مع ليفربول فهو هداف الدورى الإنجليزى، حيث حقق فى 38 مباراة 32 هدفاً فى موسم 2017-2018 وهو أيضاً أسرع لاعب يسجل 50 هدفاً مع ليفربول فى الدورى الإنجليزى خلال 69 مباراة فى 2018-2019 وهو كذلك أكثر لاعب سجّل خلال موسم واحد فى تاريخ الدورى الإنجليزى برصيد 44 هدفاً فى 2017-2018! وهو أكثر من نال جائزة أفضل لاعب فى ليفربول خلال موسم واحد: 7 أشهر فى 2017-2018.
والاستمرار فى الحديث عن إنجازات وأرقام محمد صلاح يحتاج إلى عدد خاص من هذه الجريدة المحترمة، لكن أردنا فقط التذكرة -والذكرى تنفع المؤمنين- ببعض أرقام نجم مصر والعرب ليكون التضامن معه واقعياً وليس عاطفياً وليس فيها بالطبع هذه المتعة وذاك الجمال الذى يشعرنا به وينقله لنا ويضعنا فيه بأهدافه التى يسجلها.. فلم تكن أهدافه ضربات حظ يدعمه فيها القدر ولا همزات وصل بوضع الكرة فى الشباك من أمام المرمى.. إنما يحقق أهدافه كما نراها.. سرعة ولياقة لا حدود لهما.. انتشار فى أماكن صحيحة يبدو فيها التوقع صائباً بنسبة مائة بالمائة.. اختراق يكون دائماً هو الأسرع والأخطر والأجمل ليكون إما مسجلاً أو مساعداً زملاءه للتسجيل أو مشكّلاً خطورة كبيرة أو محدثاً خلخلة فى دفاعات الخصم!
لم يكن ساعى بريد يقف أمام المرمى ليدفع الكرة بداخله بعد مجهود كبير بذله زملاؤه.. وكل هذه المتعة لا يحتسبها فيما يبدو هؤلاء القائمون على الجائزة!
هؤلاء -مسئولو الجائزة- وقد وضعوا شروطاً جديدة منها التعامل مع التواصل الاجتماعى (السوشيال ميديا) وكان الأولى فى عالم يعج بالمشكلات والأزمات أن يكون فعل الخير والتفاعل مع المجتمعات نفسها، وهى الحالة التى حقق فيها صلاح نموذجاً مهماً ومثالاً يُحتذى به ليس للاعبى الكرة والرياضيين إنما لكل من يمتلكون قدراً فائضاً بأى درجة من المال.. وهو ما قدرته مؤسسات أخرى منها فوربس قبل عامين.. والجميع يعرف كيف بنى «صلاح» على نفقته مستشفى بسيون المركزى الذى تكلف نحو 17 مليون جنيه.. كيف أسس على نفقته أيضاً المعهد الأزهرى بقريته بتكلفة اقتربت من 18 مليوناً و750 ألف جنيه، فضلاً عن وحدة توزيع منتجات غذائية وسلمها للوحدة المحلية بقريته.. فضلاً عن المرتبات الشهرية التى حددها عمدة القرية العام الماضى بـ60 ألفاً شهرياً تذهب لعشرات الأسر، فضلاً عن الأعمال التى تذهب لأفراد بخلاف دعم وتمويل الراغبين فى الزواج، بالإضافة إلى تبرعاته على المستوى الوطنى العام من تبرعاته لصندوق «تحيا مصر» وتبرعه للمعهد القومى للأورام.. وغيرها وغيرها!
الآن.. وقد تحول محمد صلاح إلى رمز لكل العرب.. تجد صورته بطول مبنى ضخم بالعراق الشقيق أو صوره فى محال أو على أغلفة مجلات وصحف أو تقليداً لتسريحته بالأردن أو سوريا أو الأراضى الفلسطينية المحتلة أو بالمغرب والخليج وفى كل بلد عربى.. نقول آن الأوان لنتعلم أن نعمل عملاً جماعياً خصوصاً إذا تعلق الأمر بالكرامة والاعتبار.. صحيح أننا فى رياضة وهى مكسب وخسارة.. إنما ذلك فى الملعب على رؤوس الأشهاد وليس فى كواليس الغرف المغلقة والمعايير المتغيرة.. لذلك فلتكن صور محمد صلاح على أغلفة حساباتنا على كل مواقع التواصل الاجتماعى فى أول مباراة قادمة لمحمد صلاح.. وبالطبع المصريون فى طليعة الجماهير العربية.. الذين يجب أن يصل صوتهم وتصل رسالتهم للعالم أجمع!
إلى 100 مليون غلاف لمحمد صلاح!