إعادة افتتاح «طريق الكباش».. الأقصر تستعيد مجدها القديم

كتب: أمانى خيرى

إعادة افتتاح «طريق الكباش».. الأقصر تستعيد مجدها القديم

إعادة افتتاح «طريق الكباش».. الأقصر تستعيد مجدها القديم

حفل هو الأكبر فى تاريخها، والأضخم من حيث التجهيزات والتنظيم والتنسيق، والأفضل فى الإعداد والتجهيز بمشاركة أوركسترا بقيادة المايسترو نادر عباسى.. هذا ما ينتظر مدينة الأقصر غداً داخل معبد الأقصر وأمام طريق الكباش وعلى التوازى مع كورنيش النيل، حيث الاحتفال العالمى بإعادة افتتاح طريق الكباش الأثرى الممتد لمسافة 2700 متر، ويصل بين معبدى الكرنك والأقصر.

مع أنغام الموسيقى سينتقل المتابعون للحفل من أنحاء العالم إلى عالم الأسرار العظيمة، عالم المصريين القدماء، ليتم الإعلان عن افتتاح طريق الكباش، أو طريق المواكب الكبرى، وهو أطول طريق أثرى فى مصر والعالم.

وبعروض مستوحاة من الطقوس الفرعونية يقدم شباب وفتيات الأقصر من أعمار متقاربة عروضاً فنية وهم يرتدون زياً لاحتفالات المصريين القدماء بألوان زاهية تتناسب وتتماشى مع لون الأثر والحفل العالمى لافتتاح الطريق، وعلى خلفية موسيقى تصويرية، بمشاركة فنانين عرب وأجانب، ويتم ذلك كله وسط أضواء ليلية رائعة تُنير طريق الكباش وإضاءة خافتة تتماشى مع الحدث الكبير، مع عروض بالمراكب فى نهر النيل، تُقدم أمام ضيوف من مختلف الدول الأجنبية من السفراء والشخصيات السياسية والتنفيذية من جميع الدول الأجنبية.

تطوير «الكباش» يعيد الحياة إلى أشهر معالم المدينة السياحية

تستعد مدينة الأقصر السياحية لاستعادة مكانتها القديمة من خلال إعادة افتتاح طريق الكباش فى حفل عالمى يُقام بعد غداً الخميس داخل معبد الأقصر، وعلى امتداد طريق الكباش الذى يربطه بمعبد الكرنك، بحضور عدد كبير من الشخصيات المهمة على المستويين المحلى والدولى، ويتضمن الحفل عروضاً متنوعة فرعونية استعراضية وفنية، بمشاركة عدد كبير من الفنانين العرب والأجانب فى حفل كبير ومهم لم تشهده المحافظة منذ سنوات طويلة ويُعيد مكانتها السياحية على البرامج السياحية العالمية مرة أخرى.

طريق الكباش طوله 2700 كم، يضم على جانبيه 1200 تمثال، وعرض الطريق 76 متراً، أما التماثيل الموجودة على جانبيه فهى عبارة عن كتلة من الحجر الرملى تتخذ عدة أشكال؛ أبرزها شكل أبوالهول برأس كبش، ويرمز الكبش إلى أن الإله آمون، كما كان فى اعتقاد المصريين القدماء، يقوم بحماية المعبد من السرقة، وتضم التماثيل بعض النقوش التى تشير إلى اسم الملك وبعض الألقاب الخاصة به.

واستعدت المحافظة للحفل العالمى من خلال تطوير عدد كبير من ميادينها مثل ميدان الملك عبدالله وميدان النوفيتيل وميدان الشيراتون وميدان المحطة، وأضافت الهوية البصرية لبعض منها، بجانب رصف عدد من الشوارع وتشجيرها وتزيينها.

بدأت أعمال الحفائر لإعادة إحياء طريق الكباش عام ٢٠٠٢، مع تولى الدكتور سمير فرج منصب رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر قبل تحويلها لمحافظة، والدكتور منصور بريك منطقة الأقصر الأثرية.

«غريب»: واجهنا صعوبات كبيرة

وقال الطيب غريب، مدير معابد الكرنك، إن المشروع واجه صعوبات فى البداية نتيجة وجود منشآت حكومية ومنازل للأهالى ودور عبادة إسلامية ومسيحية فى محيط الطريق، وتقسيم الطريق لـ٥ قطاعات؛ يمتد القطاع الأول لمسافة ٥٠٠ م من ناحية معبد الأقصر ويضم قسم الشرطة القديم وكنيسة وثلاثة مساجد، منها مسجد المقشقش، وبعض البازارات العشوائية، فيما تمتد المرحلة الثانية لمسافة ٩٥٠ م وتضم مجموعة من مبانى ومنازل الأهالى بارتفاعات تصل لـ٣ أدوار ومسجداً، أما القطاعان الثالث والرابع فكانا عبارة عن مجموعة من الأراضى الزراعية خلف مكتبة مبارك فى ذلك الوقت، والقطاع الخامس كان يضم منطقة سكنية وطريقاً عاماً فى نجع أبوعصبة وتم إخلاؤها منذ ثلاث سنوات.

وتابع مدير عام معابد الكرنك، لـ«الوطن»، أن أعمال الحفر والتنقيب بدأت فى القطاعات المختلفة حتى عمق ٦م، حتى تم العثور على بداية الطريق وما يحتويه من تماثيل الكباش، حيث عُثر على بعض من هذه الكباش سليمة بشكل كامل، بينما عُثر على أغلبها فى حالة سيئة جداً نتيجة التعديات التى تعرض لها الطريق خلال العصور القديمة المختلفة، وتعرضت هذه التماثيل للتخريب سواء بالتدمير أو بالسرقة.

وأضاف الدكتور مصطفى الصغير، المشرف العام على إحياء طريق الكباش، أن محتويات طريق الكباش الناتجة أثناء أعمال الحفر كانت متنوعة؛ أبرزها العثور على عدد من معاصر النبيذ التى كانت تُستخدم فى العصر الفرعونى القديم، والعثور على مناطق صناعية متعددة أوضحت أعمال الكشف فيما بعد استخدامها فى صناعة الفخار، وضمت المواد التى عُثر عليها بعضاً من مستلزمات صناعة النبيذ، وكل هذه المواد تؤكد تميز طريق الكباش بوجود نشاط اقتصادى قوى كان يتم داخله والذى تم التأكد منه خلال أعمال الحفائر المستمرة، وتم العثور على عدد من الحمامات الرومانية.

«الصغير»: مسار خاص لتنقل ذوى الإعاقة

وقال «الصغير» إنه تمت إضافة إضاءة ليلية رائعة للطريق لتزيده جمالاً، وتتيح إمكانية زيارته فيما بعد فى الصباح والمساء، حيث تم تصميم مشروع إضاءة متميز للطريق، وتمت أعمال تطوير بالطريق، حيث يضم عدداً كبيراً من اللافتات الإرشادية التى توضح مسار الطريق للسياح المصريين والأجانب من الزوار على طول الطريق وامتداده بين معبدى الأقصر والكرنك، وتوضح بعض اللافتات ما يحتويه الطريق وبعضاً من محتوياته، كما أن مداخل طريق الكباش يتم تطويرها لتكون مؤهلة لاستقبال جميع الزوار من جميع الدول سواء من الأجانب أو المصريين، من حيث وضع عدد من الاستراحات للجلوس عليها أثناء التنقلات والسير، ويضم الطريق تصميم مسار خاص لذوى الإعاقة للسير خلال الزيارة دون أى معوقات، مع إضافة كافتيريا للمشروبات الساخنة والباردة يمكن الجلوس عليها أثناء التنقلات بالطريق.

«عثمان»: أهميته لا تقل عن اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون وسيحول المحافظة لمتحف مفتوحتس

«خطوة رائعة للسياحة الثقافية التى تراجعت فى فترة من الفترات»، بهذه الكلمات تحدث محمد عثمان، رئيس لجنة التسويق السياحى فى محافظة الأقصر، عن دور طريق الكباش الأثرى فى استعادة دور المحافظة السياحية لتكون محط أنظار العالم من جديد، مؤكداً أن أهمية هذا الطريق لا تقل عن اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، حيث سيعمل على تحويل المحافظة السياحية إلى متحف مفتوح.وأشار رئيس لجنة التسويق السياحى إلى طلب العديد من الشركات وضع طريق الكباش الأثرى فى البرنامج السياحى للزوار ليعطى فرصة كبيرة للسياح للإقامة أكثر داخل الأقصر، وبالتالى زيادة الدخل القومى لمصر، كما أن هذا الطريق سيخلق فرص عمل كبيرة للعمالة الأقصرية لما يحتويه من محلات للهدايا وغيرها من العربات الإلكترونية التى تحتاج لعمالة من أهالى المحافظة.

«المواكب الكبرى».. طريق أنشأه ملوك قدماء وتم اكتشافه على فترات منذ 1949

عُرف إعلامياً بـ«طريق الكباش»، لكن تسميته الصحيحة فى العصر القديم هى طريق المواكب الكبرى، حيث كان الطريق الوحيد لمرور المواكب الفرعونية الكبرى خلال الاحتفالات القديمة وأشهرها احتفالات «عيد الإبت» لدى المصريين القدماء، وفى هذا العيد كان يسير على الطريق مجموعة من الكهنة، حاملين الزوارق والمراكب سيراً على الأقدام فى خطوات ثابتة، معلنين بدء الاحتفالات وسير الموكب الفرعونى، بداية من معابد الكرنك شمال محافظة الأقصر «طيبة سابقاً»، ومتجهين ناحية معابد الأقصر وسط مدينة الأقصر لبدء الاحتفالات.

ويُعد الطريق أقدم وأطول طريق أثرى فى العالم، حيث يتعدى طوله 2700 متر، كما تم اكتشافه فى فترات متتالية ومراحل زمنية مختلفة، كما تمت أعمال تطويره كذلك فى مراحل متتالية ومختلفة عن بعضها البعض، بمشاركة كبار الشخصيات من العلماء الأثريين المصريين، وأسهم فى أعمال التطوير شخصيات تنفيذية أدت دوراً محورياً فى إنهاء أعمال التطوير التى بدأت وانتهت فى الطريق خلال عدة سنوات متتالية من أعمال الهدم والإزالة لعدد كبير من المنشآت الحكومية ودور العبادة الإسلامية والمسيحية، فضلاً عن أعمال التطوير التى لا تزال قائمة حتى انتهاء الحفل العالمى.ويقول الباحث الأثرى يوسف رشيد إنه لم يتم اكتشاف طريق «الكباش» أو «المواكب الكبرى» فى تاريخ محدّد، لكن على عدة فترات ومراحل زمنية مختلفة ومتتالية، وبدأ أول أعمال اكتشافه على يد الدكتور زكريا غُنيم، عالم الآثار الشهير، وتحديداً عام 1949، أثناء إجراء مساحى لمعابد الكرنك وإزالة بعض المخالفات المتراكمة التى كانت تحيط بها حينها، مع دراسة نوعية التربة المحيطة فى ذلك الوقت، تمهيداً لبدء أعمال حفائر فى الموقع، لكن كانت هناك صعوبة وعدم استواء فى الأراضى، التى أقيمت عليها معابد الكرنك بالكامل، فضلاً عن وجود عدة مبانٍ ومنشآت تحيط بالمعبد تمت إزالتها فى ما بعد، منها مبانٍ خاصة بمسجد أبوالحجاج الأقصرى، وكنائس ومنازل قديمة، كما تم التخلص من مياه الفيضان بنهر النيل.

أثرى: أول اكتشاف كان على يد زكريا غنيم أثناء إجراء مساحى لمعابد الكرنك.. وتم استكمال الأعمال عام 2006 بواسطة منصور بريكا

ويُضيف «رشيد» لـ«الوطن» أنه تم إجراء عمليات تحقيق وتقصى التماثيل الموجودة داخل معابد الكرنك ومكانها الأصلى من قِبل الدكتور زكريا غنيم، وبالفعل تم التوصّل إلى الموقع الأصلى لتماثيل طريق الكباش، لذا تمّت أعمال الحفائر، وتم التوصل إلى 8 من تماثيل أبوالهول أو تماثيل الكباش، وهى فى حال عشوائية، مستكملاً: تم استمرار أعمال الكشف عن تماثيل أبوالهول، وبالفعل توصل الدكتور محمد عبدالقادر لعدد ١٤ تمثالاً ما بين عامى ١٩٥٨ حتى ١٩٦٠م، ثم اكتشف الدكتور محمد عبدالرازق عدد ٦٤ تمثالاً لأبى الهول، أعقبته اكتشافات الدكتور محمد الصغير، حيث أجرى الكثير من أعمال الحفائر التى تمّت فى طريق الكباش، الذى يمتد من معابد الكرنك إلى الصرح العاشر حتى معبد موت.

ويوضح الباحث الأثرى أنه تم إنشاء أول وحدة أثرية خاصة بطريق الكباش من قبل الدكتور مصطفى الصغير، ثم استكمال الأعمال من خلال الأثرى منصور بريك عام 2006، حيث قام بإجراء استكمال للعمل فى نطاق منطقتى خالد بن الوليد، وكذلك منطقة المطحن، فيما أنشأ المهندس رشيد مجلع، المدير العام الرسمى الأثرى بقطاع مصر العليا وأقدم مصرى بالمركز الثقافى الفرنسى لإعادة إعمار معابد الكرنك وطريق الكباش، «موديل» أو «ماكيت خشبى» خلال عمله فى طريق الكباش طوال الـ35 عاماً، وبعد إنهاء أعمال الرفع المساحى، وكذلك المعمارى للطريق، تم إنشاء ماكيت أو نموذج للطريق فى مبنى قاعة الزائرين بقطاع الأمن المركزى غرب الأقصر، عقب التأكد من حدود واتجاهات الطريق، فرغم مرور 20 عاماً لم تكن جميع الاكتشافات واضحة، فضلاً عن هدم عدة منشآت للتأكد والتحقق من طريق المواكب الكبرى.

ويربط طريق المواكب الكبرى بين معبدى الأقصر والكرنك بطول وامتداد يصل إلى 2700 متر، كما يمتد طريق الكباش من ناحية الشمال من معابد الكرنك وجنوباً من معبد الأقصر، ويمر الطريق بمعبد موت أحد معابد الكرنك شمال محافظة الأقصر السياحية، ويضم الطريق عدداً كبيراً من التماثيل تتخذ 3 أشكال وليس شكلاً واحداً، فيوجد ما بين الصرح العاشر لتمثال موت فى معابد الكرنك، تماثيل بجسم أسد ورأس كبش، وهذا التمثال يشير إلى المعبود الإله آمون، أما طريق المواكب الذى يوجد أمام بوابة معبد خونسو، أحد معابد الكرنك، فتتخذ فيه التماثيل شكل الكبش شكلاً وجسماً، ويتقدّم كل كبش تمثال صغير يعود إلى الملك الذى أنشأ هذه التماثيل، أما بخصوص النوع الثالث والأخير من تماثيل الكباش فيتخذ شكل تمثال أبوالهول بجسم أسد ورأس إنسان، كما تمتد هذه التماثيل بداية من معبد موت فى الكرنك وحتى معبد الأقصر، ويغلب على هذه التماثيل تمثال أبوالهول.


مواضيع متعلقة