طبيب أحمد زكي يكشف أسرار أيامه الأخيرة: شعر بالفراق ومثل مشهد وفاته أمامي

كتب: أحمد الأمير

طبيب أحمد زكي يكشف أسرار أيامه الأخيرة: شعر بالفراق ومثل مشهد وفاته أمامي

طبيب أحمد زكي يكشف أسرار أيامه الأخيرة: شعر بالفراق ومثل مشهد وفاته أمامي

سبعة عقود وأكثر مضت على ميلاد الفنان أحمد زكي، الذي رحل عن عالمنا تاركًا أعمالًا فنية مغايرة ولحظات من الصدق الخالص وموهبة فريدة اندمج بها مع الشخصيات، ولم يبخل عليها من ذاته وأعصابه، ومن كثرة إتقانه للمشاهد التي قدمها، فلا يمكن لك أن تلاحظ تفصيلة من شخصيته تظهر أثناء التمثيل بين ملامح الأدوار التي قدمها، حتى تاه اسمه في زحام الموهبة التي جعلت منه بارعًا في السينما المصرية، وممثلًا لأغلب فئات الشعب.

«أنا شاب لكن عمري ألف عام.. وحيد لكن بين ضلوعي زحام».. ربما كانت كلمات الشاعر الراحل صلاح جاهين، معشوق الفتى الأسمر أحمد زكي، الذي وُلد بالشرقية في مثل هذا اليوم من عام 1949، هي الأكثر تعبيرًا عن مسيرته وبدايات حياته الفنية، وهو من نعده الآن أحد أعظم فناني السينما العربية على الإطلاق.

إن أكثر ما يميز مسيرة أحمد زكي هو ظهوره المتفرّد وتعلقه وإخلاصه لأعماله حتى نهايتها، فآخر أيامه كان يشعر باقترابه من الموت، وتمنى أن يفارق الحياة وهو لا يزال يمارس المهنة التي يعشقها، ووفقًا للدكتور ياسر عبد القادر، صديق رحلته الفنية والطبيب المعالج له، أن الفنان الراحل تدهورت صحته تزامنًا مع ارتدائه ملابس فيلم "حليم" على خشبة المسرح، وكان يغني وقتها جزءًا من أغنية «قارئة الفنجان» للعندليب عبد الحليم حافظ.

أحمد زكي يفقد بصره في آخر أيامه 

الفنان أحمد زكي في أيامه الأخيرة فقد شيئًا عزيزًا عليه وهو بصره لحظة وقوفه على خشبة مسرح مدرسة السعيدية، ويقول الدكتور ياسر عبد القادر رفيق أيامه الأخيرة: «أثناء تصوير آخر لقطة من فيلم حليم، لحظتها كان يودع الجماهير ويلوّح بيده وأخبرني أنه لا يرى سوى الظلام ولم يكن أحد يعلم بالأمر لمدة 10 أيام كاملة، وتظاهر خلالها بعكس ذلك».

«يا ياسر أنا مش شايف حاجة».. الجملة التي وقعت على صديقه وطبيبه كالصاعقة ليقترب منه على خشبة المسرح، ثم أخذ بيده إلى خارج المكان للتأكد من صحة الأمر، وتبيّن أنه حدث نتيجة تعرضه لوعكة شديدة، فطلب أحمد زكي من صديقه ألا يبوح بالأمر: «ساعتها اتعامل مع الناس بشكل طبيعي كإنه بيشوف وكان بيلبس نضارة وبيمسك جورنال كأنه بيقراه».

لقاء الدكتور الباز 

يؤكد الدكتور ياسر عبد القادر، خلال حديثه لـ«الوطن»، أن الفنان أحمد زكي ظل 10 أيام يُخفي الأمر وابتعد خلالها عن الأنظار، حتى التقى به الدكتور الراحل أسامة الباز، المستشار السياسى للرئيس السابق محمد حسنى مبارك.

وخلال حديثهما كان الراحل أحمد زكي يوجه أنظاره ناحية صوته ما يشير إلى فقدانه الرؤية، ولحظتها كان الأول قد انتهى من حديثه، وعندما تحرك «الباز» استكمل الفنان الراحل الحديث ولم يعلم أنه لم يعد يقف أمامه في هذه الأثناء، ويصف طبيب الفنان الراحل هذا الموقف قائلًا: «رأيت دموعه تنهمر من عينيه إذ أدرك الموقف وسألني، هو الأستاذ أحمد فقد بصره؟».

في أثناء الفترة التي كان يصور فيها مشاهد فيلمه الأخير «حليم» الذي صدر عام 2006، كان منشغلاً للغاية بأدق تفاصيله، والملاحظ أن تأثيرها انتقل إلى حياته الشخصية، ويواصل الطبيب: «انشغلت معه أيضًا بها وكنت أرمق له النظرات وهو مندمج بشغف ناحية الشاشة ينظر بعمق إلى العندليب الراحل عبد الحليم حافظ، ويقلد حركات يده بطريقة صادقة ومنطقية».

مثّل مشهد احتضاره مع ملك الموت 

وبينما كان الفنان وصديقه يعيشان أجواء حياة العندليب، كان أحمد زكي يشعر باقتراب وفاته وفي إحدى جلساتهما بفندق رمسيس هيلتون، الذي كان يقيم فيه الأخير، سارع ناحية الأريكة وبسط جسده عليها ومثّل أمامه مشهدًا تخيليًا كاملًا مع ملك الموت، إذ بدأه بالتحدث معه عن اللحظات التي سيقبض فيها روحه ثم وقف وعاد مرة أخرى وجلس وقال له: «أنا هنزل أجهز العزا بتاعي في الحامدية الشاذلية»، يقول صديقه: «نظرًا لعبقريته شعرت أنه يحتضر وقتها، وأن ملك الموت زار المكان في لحظة، وغادرنا وكأن المشهد لم يكن تمثيليًا على الإطلاق». 

هاجس عدم الإتقان ورسالة عادل إمام 

يختتم الطبيب المعالج لـ أحمد زكي حديثه قائلًا إنه عاش طوال حياته بهاجس خوفه من عدم إتقان ما يفعله، على الرغم من موهبته الكبيرة، ولم يكن يصدق حب الناس له سوى في آخر أيامه.

وتابع أنه مع لحظات مرضه، تزاحم جمهور الراحل ومحبوه وأصدقاؤه أمام المستشفى الذي يعالَج فيه للاطمئنان عليه، ووصف ذلك بقوله: «حالته الصحية ماكانتش تتسع للناس عشان تزوره، فاقترحنا إنهم يكتبوله جوابات» وحينها تلقى رسالة من الفنان عادل إمام  كتب فيها: «ألف سلامة عليك يا زيكو».


مواضيع متعلقة