هل دار الإفتاء تفرِّط فى الدين؟!
- إمام وخطيب
- الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
- السيد عبد الوهاب
- برج العرب
- عبد العال
- أحمد حسن
- أداء
- أستاذ
- إمام وخطيب
- الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
- السيد عبد الوهاب
- برج العرب
- عبد العال
- أحمد حسن
- أداء
- أستاذ
الهجمة الشديدة التى تتعرض لها دار الإفتاء عموماً، وبعد حملة «اعرف الصح» خصوصاً، ليست جديدة، ولا علاقة لها بالفقه أصلاً، ولكنها مرتبطة بالموقف العام والقوى والمؤثر لدار الإفتاء فى قضايا مواجهة التطرف والخرافة والتشدد والغلو، لأن الدار على رأس المؤسسات التى تقف ضد التطرف بأفكاره وأنظمته. فالمقصود تشويه الدار؛ لئلا تصير مرجعية، لأن المترتب على كونها مرجعية هو شهادة وفاة لهذه الجماعات، وفى سبيل ذلك يأخذ الهجوم على الدار فكرة التهويل: بتكبير ما من حقه التصغير، والتهوين من مجهودات الدار، والتشكيك فى كل شىء. وهنا أسجل عدة نقاط:
الأولى: أن القول بأن فتاوى دار الإفتاء تميِّع المسائل الفقهية، وأن الأزهر له موقف صلب، هو وهْم حاولت تنظيمات الغلو والتطرف إقناع الناس به، والحقيقة أنه لا خلاف بين الأزهر والإفتاء فيما يخص المنهج العلمى والفتوى الشرعية، فالاحتفال بالمولد النبوى، والتعامل مع البنوك، والموقف من التوسل والتصوف والمذهبية والعقيدة والدولة والوطن والمرأة والحجاب والختان والجماعات الدينية بمختلف تنظيماتها... إلخ، كل ذلك موقف واحد من كلتا المؤسستين، ومؤخراً لقيت الدار هجوماً بسبب فتوى التداوى بالخنزير عند الضرورة، ونفس الفتوى خرجت من الأزهر الشريف.
الثانية: أن دار الإفتاء مع كل ما تقوم به من حرب ضد التطرف وجماعاته وأفكاره وتتلقى فى سبيل ذلك سيلاً لا ينقطع من الشتائم والبذاءات يطلقها بعض من يدَّعون الدفاع عن الدين، فإنها فى المقابل تجتهد فى قبول النقد وتجويد العمل وتصويبه لو لزم ذلك.
الثالثة: أن حملة «اعرف الصح» ينبغى ألا تتوقف عند بيان ما زرعته التيارات المتشددة فى المجتمع، بل عليها أن تتعدى ذلك لمواجهة الإلحاد وأفكاره وفلسفته. وقد رصد الباحث هيثم أبوزيد عدة مغالطات أو أوهام تروج من خلالها تيارات الغلو أن دار الإفتاء تفرِّط فى الدين، منها:
١- وهْم أن الإباحة تعنى التفريط فى الدين وهدم ثوابته، وقد تمكنت الجماعات من نشر هذا الوهم من خلال خلطها الدائم بين ما هو فقهى وما هو وعظى.
٢- وهْم أن الإباحة تعنى التبعية للسلطة، حيث روجت الجماعات أن المؤسسات الدينية الرسمية ليست إلا أدوات فى يد الحكام لمحاربة الإسلام، وضربه من داخله، كان سيد قطب أول من نظَّر لها فى كلامه عن قصة «مسجد الضرار» لهذا المعنى.
3- وهْم اعتبار الفتوى بالإباحة والجواز دليلاً على التفريط والتبعية للسلطة، وهذا نتيجة حتمية للخلل الفكرى عند أتباع هذه الجماعات، الذين يجزمون بالتحريم فى عدد كبير من المسائل الخلافية.
٤- عدم ذكر الدار للأقوال الأخرى فى المسألة، وهذا الاعتراض يمثل تسلطاً على الدار وعلمائها، فالسائل لا يريد أن يعرف اختلاف العلماء، بل يريد إجابة واضحة، يلتزم بها دون تشتيت أو إغراق فى تفاصيل، وليس من واجب المفتى أن يستعرض أقوال العلماء فى المسألة أمام السائل.
٥- عدم ذكر الأدلة على ما ينشرونه من أجوبة، وهذا التضليل نتاج للخلط المستمر بين مقام التدريس ومقام الإفتاء.. فالأدلة والاستدلالات وصولاً إلى استخراج الحكم الشرعى مكانها الدرس الفقهى لا الفتوى.
٦- وهْم خلل الأولويات: ومن أسخف الاتهامات الموجهة إلى الدار أن لديها خللاً فى أولويات القضايا التى تتعرض لها، والحقيقة أن الجمهور هو من يحدد جدول أعمال الدار من خلال أسئلتهم، وأمناء الفتوى إنما يجيبون عن أسئلة وردتهم بالفعل.