النمسا تكافح إرهاب الإخوان  

ماهر فرغلى

ماهر فرغلى

كاتب صحفي

أعلنت الحكومة النمساوية، الخميس الماضى، تنظيم مؤتمر تاريخى حول مكافحة الإسلام السياسى، وقالت وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، إن المؤتمر يحمل عنوان «منتدى فيينا لمكافحة الفصل والتطرّف فى الاندماج»، وسيُعقد فى 28 أكتوبر فى قصر «النمسا السفلى» فى فيينا.

يهدف المؤتمر إلى التبادل الدولى على المستوى السياسى والمهنى حول الأيديولوجيات والشبكات والفاعلين وأنشطة الإسلام السياسى فى أوروبا، بالإضافة إلى كيفية مكافحتها.

يعتبر المؤتمر خطوة من خطوات كثيرة اتخذتها النمسا فى مواجهة الإرهاب، بدأت بإقرار المجلس الوطنى قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب والتطرّف يستهدف تعزيز جهود فيينا لحظر نشاطات التنظيمات الإرهابية وملاحقة مموليها، ومنها جماعة الإخوان.

التشريعات التى اتخذتها النمسا تتيح تغليظ العقوبات على البيئات الحاضنة للمتطرفين وتسهل عملية مراقبتهم، وكذلك مراقبة خطاب الكراهية والتشدّد الدينى واستغلال شبكة الإنترنت فى هذه الأغراض، وحظر استخدام الرموز التى تنتمى إلى «داعش» والإخوان والجماعات الأخرى.

وتواجه تشريعات النمسا التى تدعمها ألمانيا بكل قوة مكافحة خطة التكيّف التى تقوم بها جماعة الإخوان فى المجتمعات الأوروبية، والتى عبّر عنها القيادى الإخوانى العالمى شكيب بن مخلوف بقوله: «نحن لدينا برنامج عمل، ولدينا خطة عمل بأوروبا لمدة 20 سنة».

الخطة الإخوانية للسيطرة على المجتمعات المسلمة فى أوروبا تم الكشف عنها عام 2005 حينما وصل الأمن السويسرى إلى ما يُسمى المشروع السرى للإخوان والمكتوب فى وثيقة وجدوها فى منزل يوسف ندا بعنوان (نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية، منطلقات وعناصر ومستلزمات إجرائية ومهمات).

ملخص الخطة الإخوانية هو الاعتماد على الارتكازات المباشرة، مثل المؤسسات القانونية كالمراكز الإسلامية، والجمعيات الدينية، والمنتديات والمؤتمرات، والمراكز السياسية الاستراتيجية، والوسائل الإعلامية، وأما غير المباشرة فهى الوسائل السابقة، دون تواصل مباشر مع التنظيمات، وأما خلايا التجنيد، فهى تلك التى تنشط وسط الطلاب المهاجرين، وطبقات اللاجئين، وفى الأغلب تستخدمها التنظيمات الإرهابية الأخرى، حيث تنخرط لنشر الفكر الجهادى، وضم المتعاطفين مع الجهاد.

الأخطر فى خطة الإخوان المستجدّة هو تشكيل شبكة نخب مؤثرة فى القطاعات المالية والتعليمية والأمنية والحزبية والمدنية والإدارية وزرعها داخل الطبقة السائدة بأوروبا والتركيز على الطلاب، وإنشاء كوادر قيادية من الجيل الجديد من الشباب المسلم، والاهتمام بالتوغل عن طريق المؤسسات التعليمية التى ترفع شارة الإسلامية، وإنشاء معاهد لتدريب أئمة المساجد، والتسلل إلى الهيئات الوسيطة والشركات الكبرى. الآن وفق خطة الإخوان بعد عام 2011 وسقوطهم فى مصر، تتمثل فى التخفيف من الشحنة الأيديولوجية، وانتقال مجموعات من شباب الجماعة الأكثر انفتاحاً على التيارات السياسية الأخرى بأوروبا، وتطبيق خطة هيكلية جديدة تعتمد على اللامركزية فى العمل، واستخدام «التقية السياسية» فى معالجة الأمور السياسية المستجدّة فى الدول الأوروبية، وكذلك الجانب الحقوقى ومؤسسات حقوق الإنسان.

وتركز الجماعة فى أوروبا على استغلال القوانين فى بناء منظمات وجمعيات ومساجد ومدارس فى دول القارة، تحت بند صناعة تنظيم ميدانى شبكى.

هنا تبدو الخطورة الإخوانية، التى أدركتها بعض الدول فى أوروبا، ومنها النمسا، التى تعقد هذا المؤتمر فى ظرف بالغ الأهمية. الميزة الكبيرة فى هذا المؤتمر أنه مؤشر على أن دولاً أوروبية بدأت تشعر بالخطورة الكبيرة لجماعة الإخوان، وأن ذلك بداية الطريق الذى سيفتح المجال لدول أوروبية أخرى لحذو طريق النمسا.