أثر الذكاء الاصطناعى على الفساد الإدارى

فى المؤتمر الوطنى الثالث للشباب المنعقد فى مدينة الإسماعيلية فى شهر أبريل 2017م، وضمن فقرة «اسأل الرئيس»، تقدم أحد الشباب المشاركين فى المؤتمر بسؤال عن الإجراءات المتّخذة لمواجهة الفساد، متسائلاً عما إذا كان من المناسب تعيين مجموعة من الشباب بعدد محافظات مصر، وكل واحد منهم يكون رقيباً على أداء كل المسئولين فى المحافظة الخاصة به واتصاله يكون بالرئاسة فقط دون أن يواجه أى مسئول. ورداً على هذا السؤال، أكد السيد الرئيس أن الدولة لديها إرادة حقيقية فى مكافحة الفساد والتصدى له، مضيفاً أن معدلات الفساد عندنا تظل عالية، وأن ثمة دعماً للأجهزة الرقابية فى الدولة، مستدركاً ومؤكداً أن الدول المتقدمة حاربت الفساد ليس فقط بالأجهزة الرقابية وشفافيتها، وإنما حاربت الفساد بتحييد العامل البشرى، وهذا ليس معناه أن العامل البشرى سيئ. ولكن وضع منظومات ذكية أدى إلى تحييد العامل البشرى من التدخل، ضارباً المثال بالمنظومة الإلكترونية المستخدمة فى الأسواق الكبرى لبيع السلع الاستهلاكية. ومن ثم، فإن تطبيق الآلية ذاتها فى الشهر العقارى وفى أقسام ترخيص المركبات وترخيص السائقين، وبحيث يتم تحييد العامل البشرى، والاعتماد على المنظومات الذكية فى أداء الخدمات.

وفى السابع من سبتمبر الحالى، وخلال تفقده ميناء الإسكندرية، ذكر السيد الرئيس أنه أوضح للحكومة من ثلاث سنين أو أربع أهمية ميكنة الخدمات، مؤكداً ضرورة عمل ميكنة كاملة لكل الأنشطة والخدمات، من أجل تحييد العامل البشرى وإجراءاته، حتى لو اقتضى الأمر إنفاق مائة مليار جنيه. وأكد الرئيس أن ميكنة قطاعات الدولة بالكامل تقضى على الفساد ومعاناة المواطن. وأضاف السيد الرئيس أنه أثناء زيارته إلى دولة سنغافورة فى عام 2017م، لاحظ أن الميناء بأكمله يقوم بتشغيله طاقم مكون من ثمانية أفراد، وأن الأوناش تقوم بتحميل البضائع، دون أن أى تدخل من العامل البشرى فى التحميل والتفريغ. وأكد الرئيس أن الدولة المصرية تسير فى هذا الاتجاه نحو الميكنة الكاملة للخدمات والأنشطة.

وتعليقاً على حديث السيد الرئيس خلال افتتاحه ميناء الإسكندرية، قال مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى إن ميكنة الخدمات تمنع 80% من فرص الفساد، وهو ما يحدث فى الدول المتقدمة مثل سنغافورة، مضيفاً: «المسئولون فى سنغافورة تنبّهوا لأهمية تكنولوجيا المعلومات فى إدارة شئون الدولة مبكراً، وهم من أوائل الدول فى استغلال تكنولوجيا المعلومات، وهى الميكنة فى جميع المصالح الحكومية». وفى ما يتعلق بالحالة المصرية، قال مستشار رئيس الوزراء إن مصر لديها تجربة ناجحة فى الميكنة، فمنذ 2015 والمواطن يشعر بطفرة رهيبة فى هذا المجال. وأوضح مستشار رئيس الوزراء أن بوابة مصر الرقمية بها أكثر من 100 خدمة يستطيع المواطن الحصول عليها وهو فى المنزل، متوقعاً ومعتقداً أنه خلال فترة من ثلاث إلى خمس سنين، ستصل مصر بسرعة شديدة إلى مرتبة عالية فى عملية استخدام تكنولوجيا المعلومات فى الأنشطة والخدمات الحكومية. والواقع أن الفساد يمثل عقبة وحائلاً أمام التنمية المستدامة، حيث يُفضى استشراء الفساد إلى تآكل النسيج الاجتماعى وإضعاف سيادة القانون وتقويض الثقة فى الحكومات، ويؤدى إلى تدهور نوعية حياة المواطنين، ويُرسى بيئة مواتية للجريمة المنظمة ويتيح ازدهار الإرهاب والتطرّف العنيف. ورغم مرور ثمانية عشر عاماً على اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ورغم أن هذه الاتفاقية حققت التصديق شبه الكامل عليها، حيث صادقت عليها 186 دولة حتى شهر سبتمبر 2018م، لا يزال الفساد منتشراً انتشاراً كبيراً فى الكثير من البلدان، حيث ثبت أن التصدى له ومنعه يطرحان تحدياً معقّداً، إذ تجعل طبيعته متعدّدة الأوجه والخفية منه مشكلة معقدة يصعب قياسها. ومن هنا، تأتى أهمية الاعتماد على الميكنة والذكاء الاصطناعى كوسيلة لتحييد العنصر البشرى، وبالتالى منع ظاهرة الفساد من منبعها.

وباستقصاء الدراسات ذات الصلة باستخدام الذكاء الاصطناعى فى منع الفساد، ومن خلال كتابة العبارات ذات الصلة باللغة الإنجليزية على محرك البحث «جوجل»، يمكن أن تجد الكثير من النتائج التى تشير إلى دراسات متنوعة ومختلفة فى هذا الشأن. على النقيض من ذلك، لا توجد دراسة عربية واحدة تتعلق بالموضوع. كذلك، نتمنى أن يهتم مركز البحوث والدراسات الجنائية والاجتماعية بهذا الموضوع. حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل سوء.