بريد الوطن.. بالون على رصيف (قصة قصيرة)

بريد الوطن.. بالون على رصيف (قصة قصيرة)
بالون وما زال بألوانه الزاهية فى منافسة شريفة مع رياح ليالى ديسمبر الباردة، وعلى طرقات بالية موحشة لم تأبه لزهو ألوانه ولا لبراءة هدفه، تركوه فى ليالى ديسمبر دون يد تحاوط خيطه الرفيع، تساعده للذهاب لبيت دافئ ملىء بما يشتهيه الأطفال، أو يسد خواء أمعائهم ليمتلئ البيت بأجمل السيمفونيات على الإطلاق، سيمفونيات الضحكات المبهجة.
لكن البالون ظل وحيداً يواجه عواصف الوحدة والصقيع دون كلل ودون ملل فى الوصول إلى بيت ملىء بالسعادة كما تخيل.
رحل البالون بسرعة، فلا يريد الموت على أيادٍ تشفق عليه، رحل ناكساً رأسه يحمل أسى عدم تحقيق حلمه بالبيت الدافئ، وسد خواء الأمعاء الفارغة وبهجة الضحكات الرنانة، وسيجوب الشوارع أملاً فى تحقيق ذلك الحلم الذى أصبح بعيداً، لكن البالونة لم تستسلم وحملت على عاتقها عرض مشكلة البالون، لكن دون أن تمس كينونته وبهاء ألوانه الشفقة، فسعت على تحقيق حلمه وكثير من الأيادى مدت يدها لتهدى للبالون أملاً كبيراً فى الذهاب إلى البيت الدافئ.
بحثت البالونة والأيادى على البالون مدة ليست بالقصيرة حتى وجدوه وساعدوه، ومُدت الأيادى لتلتقفه من على هاوية اليأس وأُنقد البالون وأمسكت به يد وحلمه فى البيت الدافئ وسد خواء الأمعاء الفارغة تحقق.
دخل إلى البيت ليجد زوجته التى تنتظر رجوعه بفارغ الصبر وعلى يدها صغيره الرضيع، فابتسم ورفع الطعام وعلبة اللبن التى يحتاجها رضيعه، وأخبرها أنه وجد عملاً حقيقياً بأجر ثابت، ولن ينقصهم شىء مرة أخرى، بإذن الله، فرحت الزوجة ودمعت عيناها واحتضنته، فارتفع صوت ضحكات الصغير بعد أن أطعمته والدته طعامه وعمَّت البهجة البيت.
رحاب إبراهيم عجم
يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي: bareed.elwatan@elwatannews.com