أخيراً.. مدينة المليونية الجديدة «خالية من الألغام»

أخيراً.. مدينة المليونية الجديدة «خالية من الألغام»
على بعد 10 كيلومترات من مزلقان العلمين القديمة، تقع أرض مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالى، أرضها لا تخلو من النباتات الخضراء المتناثرة فى أطرافها الشاسعة، طهرتها القوات المسلحة مؤخراً من ألغام الحرب العالمية الثانية، وسلمتها إلى وزارة الإسكان لإنشاء مدينة مليونية عليها، فى إطار خطة تنمية الساحل الغربى والاستفادة من خصوبة التربة فى العلمين.
زائر المنطقة يلحظ بسهولة سوء حالة الطريق المؤدى إلى أرض المدينة المليونية الجديدة من ناحية العلمين القديمة، خاصة بعد مزلقان السكة الحديد، فهو طريق ضيق غير مستوٍ ويحتاج إلى إعادة بناء قبل الإنشاءات المقترحة، حتى يتحمل عبور السيارات الثقيلة أثناء عملية البناء والتشييد، أما الطريق الذى يربط المنطقة بالطريق الدولى القاهرة - العلمين، فهو أفضل حالاً من الطريق الأول لكنه ضيق جداً ويعانى من بعض الكسور.
الأرض المقترحة لإنشاء المدينة المليونية الجديدة صحراء جرداء وتخلو تماماً من أى مظاهر للحياة، ولا يوجد بها أى لافتة تشير إلى إنشاء مدينة جديدة فى المنطقة، ولم يوضع بها حجر أساس لبدء عملية الإنشاء. وعند سؤال أحد أهالى العلمين عن المدينة الجديدة قال: «دى لسه فاضية وقدامها 4 سنين لما تطلع»، يحدها شمالاً ترعة الشيخ زايد أو الحمام كما يسميها البعض، وتبعد عن منخفض القطارة بنحو 90 كيلومتراً، ويجاورها بعض المبانى والاستراحات الخربة والمهدمة. ويقع بالقرب منها بعض المزارع الخضراء الجديدة، بجانب الأراضى التى يزرعها أهالى العلمين قمحاً وشعيراً فى فصل الشتاء على مياه الأمطار. أما غرب المنطقة فتوجد فيها القوات التى تقوم بتطهير الأراضى من الألغام على مسافة بعيدة.
أمام أرض العلمين الجديدة، فكان يسير رزق محمد القطعانى بسيارته النصف نقل البيضاء، تحدث الرجل الأربعينى قائلاً: «نحن الآن فى نطاق المدينة المليونية، وهى تبدأ من جنوب ترعة الشيخ زايد وتمتد على مساحة 88 ألف فدان، وتبعد عن مدينة العلمين نحو 10 كيلومترات، هذه المنطقة كان فيها ألغام والجيش طهرها وسلمها للحكومة، والقوات المسلحة تطهر حالياً المناطق الواقعة غرب العلمين وجنوب سيدى عبدالرحمن، لأن شريط الألغام ممتد حتى هضبة السلوم فى أقصى حدود مصر الغربية. حياتنا فى البادية تعتمد على الصحراء سواء فى حرفة الرعى أو الزراعة، ولذلك قتل الكثير من أهالينا بسبب انفجار الألغام، وللأسف لم يتم تعويضهم مادياً أو معنوياً».

مقابر الكومنولث بالعلمين
يضيف «القطعانى»: «يوجد عدد كبير جداً من المزارع الخضراء فى المنطقة، حاجة تفتح النفس، الأرض هنا محتاجة ميه بس، لو زرعت فيها أى فاكهة هتطرح بعد سنتين، أما المياه الجوفية فتتفاوت أعماقها حسب المنطقة التى يتم الحفر فيها، فقد يصل العمق أحياناً إلى 200 متر أو 100 متر، وفى بعض الأحيان تكون المياه الجوفية مالحة ولا تصلح للزراعة، وبالتالى يتم زيادة العمق بشكل أكبر. مياه ترعة الشيخ زايد لا تصل إلى هنا حالياً، وتم غلقها بعد ثورة يناير فى عام 2011، ونطالب بفتح الترعة مع البدء فى تنفيذ مشروعات التنمية المستقبلية، لأنها ستحتاج كميات كبيرة من المياه. سمعنا عن المدينة المليونية منذ فترة طويلة، لكن لم يحدث أى جديد على الأرض حتى الآن، نتمنى أن يستفيد أهالى المنطقة والبسطاء من المشروع الجديد، وألا يكون مقتصراً على المستثمرين الكبار فقط».
ويقول مصدر أمنى بمحافظة مطروح، رفض ذكر اسمه: «بذلت القوات المسلحة جهوداً كبيرة على مدار العشر سنوات الماضية لتطهير العلمين من الألغام، وهو ما سمح باتخاذ قرار إنشاء مدينة جديدة على أرض كانت مملوءة بالألغام قبل سنوات، ورغم هذه الجهود لا تزال المنطقة تضم ملايين الألغام، حيث يصل عدد الألغام الموجودة فى محيط العلمين وحدها إلى 12 مليون لغم، على مساحة تقدر بـ630 ألف فدان، لأن العلمين كانت مسرحاً لعمليات حربية رهيبة راح ضحيتها أكثر من 90 ألف قتيل أثناء الحرب العالمية الثانية، وتم تطهير 57 ألفاً و440 فداناً فى منطقة العلمين، من إجمالى 630 ألف فدان يوجد بها ألغام وأجسام قابلة للانفجار».[SecondQuote]
وعن التقسيم الإدارى الجديد المقترح تنفيذه فى الفترة المقبلة وتسمية العلمين محافظة جديدة، يقول أحمد أبومحمود، من أهالى مدينة العلمين القديمة: «تقسيم محافظة مطروح مترامية الأطراف سيعود بالنفع على أهالى العلمين والحمام حتى مدينة الضبعة وفوكة، وسوف يفتح مشروعات جديدة ويوفر مشقة السفر إلى مدينة مطروح لإنهاء الأوراق الرسمية، ويخلق فرص عمل جديدة للشباب، فالمنطقة يوجد بها رفات جنود يزيد عددهم على 20 ألف جندى أجنبى، وهناك احتفالية سنوية تتم بالمنطقة لتأبينهم، وقد تقدم مستثمرون أوروبيون بمشروع سياحى للحكومة منذ عامين لإقامة بانوراما لمعركة العلمين بين دول المحور والحلفاء، أسوة بـبانوراما حرب أكتوبر، بحيث يتم تهيئة المنطقة وإظهار المواقع الحربية والتدشينات العسكرية وإقامة مجسمات صناعية تبين سير المعركة من البداية إلى النهاية، بحيث يقوم السائح برحلة متكاملة من الساحل الشمالى إلى منخفض القطارة، لتصبح هذه المنطقة مزاراً سياحياً عالمياً يتضمن فنادق ومنشآت سياحية، ويمكن وقتها استغلال القرى السياحية بالساحل الشمالى على مدار العام، بدلاً من استغلالها فى موسم الصيف فقط».

القطار الذى يربط العلمين بالإسكندرية ومطروح
من جانبه، يقول اللواء سلام طنطاوى محمود، رئيس مركز ومدينة العلمين: «إن فكرة إنشاء محافظة جديدة للعلمين جيدة جداً، وسيكون لها فائدة كبيرة، لأنها ستستقطع جزءاً كبيراً من محافظة مطروح الممتدة على مساحة 500 كيلومتر على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وبعمق يصل إلى 300 كيلومتر، وهذا بلا شك يضعف سيطرة المحافظة على هذه المساحة الشاسعة، لذا كان من الضرورى تقسيم هذه المساحة للسيطرة عليها لتحقيق التنمية. وعلى الرغم من عدم صدور ترسيم حدود حتى الآن، فإن العلمين وسيدى عبدالرحمن منطقتان سياحيتان واعدتان، كما أن صاحب قرار إنشاء محافظة جديدة باسم العلمين ذكى جداً لأن العلمين مدينة معروفة على مستوى العالم، حيث انتهت فيها الحرب وغيرت موازينها لصالح دول الحلفاء، وتشهد المدينة احتفالات صاخبة فى شهر أكتوبر من كل عام، للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية، ويحرص سفراء الدول الغربية ووزراء الخارجية والوفود السياحية على زيارة مقابر الكومنولث والمتحف الحربى ومقابر دول المحور خلال شهر أكتوبر، بجانب زيارات السياح المتقطعة على مدار العام مع أسر الجنود الغربيين المدفونين هنا».
ويضيف «طنطاوى» قائلاً: «المخطط العام لتنمية الساحل الغربى يتضمن 4 مشروعات عملاقة؛ أولها: إنشاء مدينة العلمين الجديدة على مساحة 88 ألف فدان جنوب مدينة العلمين بنحو 10 كيلومترات جنوب ترعة الحمام، لجذب 30 مليون نسمة خلال الثلاثين سنة المقبلة بعد إنشاء البنية التحتية المناسبة لحجم المشروع، وإنشاء مناطق صناعية وزراعية جديدة. أما المشروع الثانى فيتمثل فى إنشاء مركز سياحى عالمى على ساحل البحر المتوسط بجوار سور مارينا الغربى، على مساحة تصل إلى 15 كيلومتراً يقوم بتنفيذه مكاتب استشارية عالمية، وسيضم منتجعات وفنادق كبيرة. [FirstQuote]
وسيكون إنشاء مدينة مارينا الجديدة ثالث المشروعات العملاقة، وسيتم إنشاؤها جنوب مارينا القديمة وجنوب الطريق الدولى الساحلى، وتقوم وزارة الإسكان حالياً بعقد اجتماعات مع سكان تلك المنطقة للبدء فى تنفيذ الإنشاءات. أما المشروع الرابع فهو منخفض القطارة الذى يقع جنوب العلمين، لكن ملامحه الرئيسية لم تحدد حتى الآن رغم طرحه منذ سنوات. كما سيبدأ طريق محور التنمية بالقرب من العلمين مروراً بالواحات ثم طريق أكتوبر وحتى الوادى الجديد، ونعمل الآن بالتعاون مع وزارة السياحة على زيادة فترة الزيارات والسياحة للساحل الشمالى لمدة 8 أشهر بدلاً من 3 أشهر مثل الآن، لتحقيق الاستفادة القصوى من حجم الاستثمارات فى المنطقة وعدم قصرها على فترة الصيف فقط». وحول تخصيص شاطئ عام لأهالى العلمين قال اللواء «طنطاوى»: «فكرنا فى تخصيص المنطقة المجاورة لشاطئ مارينا للأهالى، لكن تم تخصيصها لإنشاء منطقة سياحية عالمية، ونعمل حالياً على تجهيز مكان آخر فى سيدى عبدالرحمن وتل عيس».