صنع الله إبراهيم: «داعش» كفرة والسلفيون الخطر القادم

كتب: محمد عبد الجليل

صنع الله إبراهيم: «داعش» كفرة والسلفيون الخطر القادم

صنع الله إبراهيم: «داعش» كفرة والسلفيون الخطر القادم

يرى الكاتب والروائى الكبير صنع الله إبراهيم، أن مصر حالياً فى وضع انتظار، مشيراً إلى أن الشعب من حقه أن يحصد نتاج ثورتين قام بهما بحثاً عن التغيير، وعن العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة. ويرى «صنع الله» أن خطر الجماعات السلفية يتأكد يوماً بعد يوم، لافتاً إلى أن التخبط الحالى بين القوى السياسية بات أمراً غير مطمئن، ورفض القبول بفكرة احتمال قيام مصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الشعب لن يقبل هذا على الإطلاق بعد أن استوعب الدرس جيداً. فى حواره لـ«الوطن» يتحدث صنع الله إبراهيم عن تنظيم داعش، وعن ملامح المشهد السياسى، وكذلك عن روايته الأخيرة «برلين 69» وأيضاً الواقع الأدبى وتغيراته. ■ فى البداية كيف تصف الوضع الحالى فى مصر؟ - مصر كلها الآن تعيش فيما يمكن أن يطلق عليه «وضع الانتظار»، انتظار لنتائج ثورتين قام بهما سعياً نحو حياة أفضل، انتظار للتطورات التى يرجوها الشعب، انتظار لأن تأخذ العملية السياسية ملامح أكثر وضوحاً مما هى عليه، وللأسف البوادر الموجودة حالياً، التى يمكن من خلالها استشراف المستقبل بعضها غير مطمئن ومؤلم إلى حد ما، منها التخبط والتفرق الحادث بين القوى السياسية، وتصدر الأحزاب الكرتونية للمشهد، كذلك الحديث اليومى المتكرر عن التحالفات، الذى بات يثير الضحك، خاصة مع بداية عودة بعض الوجوه القديمة من نظام مبارك إلى المشهد مرة أخرى من خلال سيطرتها على بعض وسائل الإعلام. ■ كيف ترى دعوات المصالحة مع «الإخوان» التى يطلقها البعض من وقت لآخر؟ - هذا الأمر غير مقبول من قبل المجتمع المصرى وكل القوى الفاعلة فى المجتمع المصرى، وفى رأيى غير قابل للحدوث، إلا فى حالة وجود ضغوط دولية مكثفة لأجل ذلك، ولكن على المستوى الشعبى هناك حالة من الرفض القوية لا يمكن أن يقف أمامها شىء، خاصة مع وجود عمليات تفجيرات مستمرة. ■ وبالنسبة للجماعات السلفية كيف ترى وجودها فى المشهد؟ - أعتبرهم خطراً يتأكد يوماً بعد يوم، ومؤخراً وجدتهم على صفحات خاصة بهم فى مواقع التواصل الاجتماعى، يعتبرون أن العلمانيين والشيعة كفار، وهذا كلام خطير ويجب أن يقف عند حده، وفى رأيى أن الجماعات السلفية تتركز فيها كل القوى والتيارات الرجعية فى المجتمع، خاصة مع طرحها العديد من الأفكار عن تطبيق الشريعة وهو ما تم تجاوزه من فترة. ■ هل من الممكن أن يتقبل المجتمع المصرى السلفيين مثلما حدث من قبل مع «الإخوان»؟ - لا أعتقد أن الشعب من الممكن أن يتقبلهم مثلما حدث مع «الإخوان»، خاصة أن المجتمع اكتسب خبرة فى التعامل مع من يخلط الدين بالسياسة، ولكنى أيضاً أعتقد أن الخطر سيظل قائماً لعدة أسباب، الأول أن الدين يمثل أمراً مهماً لدى الشعب المصرى باختلاف طبقاته وثقافاته، والثانى أنه لم يتم حل جميع المشاكل المادية والاجتماعية لدى المواطن، والمشاكل تزداد تعقيداً كل يوم، وهناك محاولات لكبت الحركة الجماهيرية بنسبة ما من خلال قانون التظاهر أو الملاحقات الأمنية، وأرى أن الاتجاه لتقييد الحريات له أسباب منها وجود العمليات الإرهابية التى تعطى ذريعة للقبضة الأمنية لأن تتوغل، وهناك رغبة أساسية عند السلطة فى فرض سيطرتها، وبلا شك أنه بعد أكثر من ثلاثة أعوام من الثورة تعلم الناس ألا يتسرعوا فى الأحكام على ما يحدث، وألا ينخدعوا بظاهر الأحداث، خاصة أنه باتت لديهم حالة من الملل والإحباط نتيجة الأحداث المتتالية وعدم شعورهم بالتغيير الحقيقى فى مستوى المعيشة على الأقل، وفى رأيى أنه ينبغى الالتفات إلى تحقيق مستوى معيشة جيد وكريم بأسرع ما يمكن، وتحقيق إنجازات على المستوى الشعبى، وقد تحملت هذه الطبقة الكثير.. «الغلابة» فقط هم من يتحملون فى هذا البلد. ■ ما رأيك فى الرئيس عبدالفتاح السيسى كشخصية وكرئيس جمهورية؟ - لا أحب أن أحكم عليه كشخص، وكل ما يهمنى أنه جاء برضا شعبى ويحظى بجماهيرية كبيرة، ولكن العبرة فى رأيى بتحقيق إنجازات ملموسة على أرض الواقع يشعر بها كل أبناء الوطن، وأعلم جيداً أن المشاكل المتراكمة لن تحل فى يوم وليلة أو فترة قصيرة، ولكنى لم أر أى مؤشرات قوية لحل تلك المشاكل، ولكننا فى الانتظار وسنرى.[FirstQuote] ■ كيف ترى تنظيم «داعش» وهل تتوقع وجوده فى مصر خلال الفترة المقبلة؟ - أراه آخر محاولة من قوى الظلام والرجعية والكفر، هؤلاء «كفرة»، وهو لا شك صنيعة أمريكية باعتباره أحدث طبعة من تنظيم «القاعدة»، ويساهم فى وجوده العديد من الأنظمة العربية سواء بالتمويل أو الدعم اللوجيستى أو ترك مجال له يتحرك فيه بحرية، وأتصور أن معظم التنظيمات الموجودة فى مصر مثل أنصار بيت المقدس، وبعض العناصر المتطرفة لـ«الإخوان» يقفون تحت نفس المظلة التى تحمى «داعش» وتدعمه. ■ فى روايتك الأخيرة «برلين 69»، لماذا اخترت ألمانيا كأرض للأحداث؟ - اخترت ألمانيا، وتلك الحقبة الزمنية بالتحديد لأننى عاصرتها وعشت بها وتأثرت بأحداثها وتداعياتها خلال فترة إقامتى هناك، وأود أن أذكر أننى أحمل بداخلى هذه التفاصيل لهذا المشروع الروائى منذ أكثر من أربعين عاماً، وكانت تشغلنى الكثير من الموضوعات المثارة مثل التجربة الاشتراكية والعلاقة بألمانيا الغربية، وكنت أشعر أننى أريد الكتابة عن تلك الفترة الثرية بكل ملامحها، وظل المشروع يتأجل بسبب انشغالى بمشاريع أخرى، حتى جاء وقته فى 2014. ■ ولماذا قررت استدعاء تلك الأحداث فى الفترة الحالية على وجه التحديد؟ - هناك فكرة أساسية خلف استدعائها فى هذه الفترة، وهى أن الثورة عندما تقوم فى أى بلد تخلق سلطة جديدة ومجتمعاً جديداً ومختلفاً، وهذه السلطة بدورها تخلق مجموعة من المتناقضات التى يتمخض عنها إما أن يسير المجتمع للأمام أو يتجمد ويرجع للخلف، وهذا ما حدث فى الاتحاد السوفيتى، وفى التجربة الاشتراكية عموماً، بالفعل كانت هناك نية لتطبيق قواعد جديدة للعلاقة بين الدولة والشعب، وفى الموقف من الملكية ثم جاءت العديد من العوامل مثل الظروف العالمية والظروف المحلية وآلية السلطة نفسها، لتفرز مجموعة معينة تحاول الاحتفاظ بمكانها، وبحكم السن ترفض التجديد والتغيير والأفكار الجديدة، والخلاصة فى النهاية أنه ينبغى علينا عدم الانسياق خلف تفكير يفيد بأن الثورة عندما تقوم فإنها ستحقق كل شىء، فهذا تفكير خاطئ، فالثورة عندما تخلق وضعاً جديداً يكون محملاً بثورة أخرى، وهذه هى الفكرة الجوهرية فى الموضوع. ■ لماذا تخليت فى الرواية عن أسلوب التوثيق الذى اتبعته فى العديد من الروايات السابقة مثل «ذات»، و«شرف» و«بيروت بيروت»؟ - كل موضوع يفرض طريقة تناوله، وفى تلك الأعمال كنت ألجأ للتوثيق عندما كنت أرغب فى التأكيد على حدث ما، ولكن هذا أسلوب لا ينسحب على جميع أعمالى، وبالتالى لم أره مناسباً لرواية «برلين 69». ■ إذا فكرت فى كتابة رواية عن الفترة الحالية، كيف سيكون مدخلك لتوثيقها؟ - لا أدرى.. ففى رواية «ذات» لجأت لعناوين الصحف والأخبار لأنها كانت تقريباً المصدر الوحيد للمعلومات فى تلك الفترة، وكنت أرى أن هناك العديد من العناوين والأخبار، فى حالة ربط بعضها البعض، فإنها ستخدم غرضاً معيناً أو فكرة بعينها، والآن الوضع بات مختلفاً بسبب وجود المعلومات بكثافة على الإنترنت، مما يفقد الأمر فعاليته.