التعصب الرياضي.. كيف نقضي عليه «دون معلم»؟

وصلت العلاقة بين جماهير كرة القدم في مصر إلى مرحلة «معقدة»، لا أريد القول «فتنة»، لكنها أوشكت أن تقترب من ذلك المصطلح السيئ.. هنا مذيع يستخدم «منصته» التي تضم «شاشة» و«ميكروفون».. «تَّوجُه».. ونفس المذيع لديه صفحة على موقع التواصل الاجتماعي لا هدف له سوى زيادة المشاهدات من خلال التعليقات و«التسخين»، وصناعة جزء من الفتنة.. وهناك أهل الـ«يوتيوب» وصفحات «السوشيال ميديا» فهم مصدر في الصناعة، وسبب رئيسي لهذه الجريمة المحتملة.

وبعيدًا عن هؤلاء.. هناك إدارات في الأندية تعشق «التلقيح والصراع والمكايدة».. فقد افتقدنا جميعًا لـ«الرقي» في التحاور والقدرة على تقبل وجهة نظر الآخر.. افتقدنا «الكبير» في «صناعة الكرة» الذي يتدخل ويأخذ القرارات ويمنع ويعاقب.. وحدث المنع والعقاب في بعض الأندية.. والبعض الآخر تُرك وربما هلل لهذا التجاوز.. فهل ينتهي التعصب في جلسة أو اثنين «عرفيا».. هل نمنعه بجلسات رسمية؟

هل يذهب رؤساء الأندية خاصة محمود الخطيب الذي كان يلاقي قبولًا واسعًا من قِبل غالبية «الزملكاوية»، قبل أن يشوهه رئيس الزمالك الموقوف، حينما كان يظهر وكأنه مسلسل يومي مفروض على الشاشة.. لا هدف له سوى «التشويه».. وهناك المحترم حسين لبيب من يدير الزمالك الآن.. متزن.. وقور.. قادر على إدارة حوار.. ولكن هناك إجراءات ضرورية لابد أن تتم قبل تلك الخطوة.. ملخصها في السطور التالية:

ــ أي خطأ من مذيع في قناة يمتلك فيها «منصة»، ويتعامل على أنها بيتهم، يتم إيقافه حسب الخطأ من شهر لـ6 أشهر، مع توقيع غرامة مالية مناسبة على المحطة.

ــ أي مذيع يستخدم صفحته الشخصية في إثارة الجماهير من خلال «بوست ورا بوست»، لـ«التلقيح والمكايدة»، تغلق صفحته شهرًا على الأقل «يتعلم فيهم الأدب.. ملناش سيطرة على فيس بوك.. يتجاب المذيع ويتشد ويتروق.. وأكيد هيتعلم الآدب».

ــ أي مسئول رياضي في ناد كبير أو صغير.. «يغلط أو يتكلم بشكل غير مناسب أو يتهكم على نادي يتوقف من 6 أشهر إلى سنة».

ــ أي لاعب كرة قدم أو سلة أو طايرة أو أي لعبة معروفة، يأتي بسلوك غير رياضي.. يتم إيقافه من 6 أشهر إلى سنة.. «لو كان صلاح نفسه مثلا».. السلوك غير الرياضي.. هو «الشتائم».. والاشتباك مع الجمهور سواء في الملعب أو على السوشيال.

ــ منع اللاعبين القدامى مثيري الفتن من الظهور نهائيًا على شاشات التليفزيون.. «أحمد بلال.. عمرو الصفتي.. شوقي السعيد.. شادي محمد.. أحمد عيد عبدالملك.. إبراهيم سعيد.. مدحت عبد الهادي».. مع كامل الاحترام لشخصهم وتاريخهم الكروي.

ــ منح فرص أكبر لظهور «المحترمين»، على سبيل المثال لا الحصر لدينا: «عبد الحليم علي.. محمد جودة.. حسني عبدربه.. أحمد الكاس.. إسماعيل يوسف.. محمد بركات.. سيد معوض».. والثنائي الراقي حازم إمام وحسام غالي، معًا في برنامج منتشر مع مذيع لا يعرف لـ«التسخين طريق».. ويكون الحوار رياضيًا.. طبيعيًا.. بعيدا عن التنظير، و«اغسل إيدك قبل وبعد الماتش».. تحليل منطقي وجهات نظر دون هوى.. الخطأ نقول عليه خطأ دون مواربة ولعب على الحبال.

ــ تكوين لجنة حديدية في اتحاد الكرة بعيدة عن «ميوعة» لجنة الانضباط.. تكون محايدة تماما.. لا حمراء ولا بيضاء.. مجموعة تملك ضميرًا إنسانيًا ومهنيًا.. لا تربطها مصلحة مع أي ناد أو فريق.. تكون قراراتها نافذة.. حتى تطبق ما كتبته عالية على الأندية واللاعبين من عقاب ومحاسبة.

ــ تفعيل قوي دون أهواء لدور المجلس الأعلى للإعلام، في معاقبة حقيقية ووقف حقيقي رادع للجميع وحاسم كـ«السيف» لنصل إلى ما نرجوه وهو سيطرة على حالة الانفلات الموجودة.

ــ باستمرار.. أتابع فضيلة الشيخ الدكتور المحترم أسامة الأزهري.. وهو رجل له شأن عظيم وسيكون له شأن أكبر مستقبلًا بعلمه وتبحره في الدين.. ولطريقته الهادئة المرنة والجميلة في عرض الأمور، خاصة حينما يظهر مع الإعلامي المحترم رامي رضوان.. وأمس وجه «الأزهري» دعوة للصلح يحضرها الكبار من الأهلي والزمالك.. هذا أمر مهم.. وجلسة لا بد منها.. ولكن بعيدًا عن المسجد كما طلب فضيلته.. والجلسة ضرورية، لكن بعد تفعيل القانون وتطبيقه بإحكام وقوة ودون مجاملات وأهواء وانتماءات فاضحة.

ــ أما عودة الجماهير لملاعب كرة القدم.. كما حدث في دوريات أوروبا.. فهو أمر غاية في الأهمية وضرورية.. والحديث عنه يكون بعد نزع فتيل التعصب بين الجماهير.. فتنة زرعها أحدهم، عندما تركت لها الفضائيات ساحة فسيحة للسب والشتم والخوض في الأعراض دون محاسبة.. دون رقابة.. دون قانون.

القصة كاملة في القانون وتفعيله وتطبيق اللائحة على «الأحمر والأبيض».. ما كتبته في السطور السابقة «أمنيات».. أتمناها تتحقق وتقترب من التنفيذ.. أتمناها لأن «مصر الجديدة» تستحق منا الأكثر والأفضل.. تنتظر منا أن نكون على قدر المسئوولية وعلى قدر ما يحدث.. لا أن نشاهد ونقف في موقف المتفرج.. كرة القدم في مصر كبيرة، ولن تستقيم وتعود إلى سابق عهدها، إلا بانضباط المنظومة كاملة.. انضباط يعيد إلينا «مصر الحلوة».. مصر الحلوة في كرة القدم.