قناة السويس تهزم «بنما» بـ«القاضية»
![قناة السويس تهزم «بنما» بـ«القاضية»](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/271305_Large_20140926090853_19.jpg)
خلقت المنافسة على كعكة التجارة العالمية ومحاولات جذب شركات النقل العملاقة صراعاً حامياً بين الدول ذات الممرات المائية التجارية، وعلى رأسها مصر التى تمتلك قناة السويس، وبنما المالكة لقناة بنما، فى الوقت الذى ذكر تقرير منظمة التجارة العالمية لعام 2012 أن حجم التجارة العالمية بلغ 18.3 تريليون دولار، نصيب النقل البحرى منها 90% بواقع 9 مليارات طن بضائع، وسط توقعات بوصول معدلات النمو العالمى إلى 5% مع حلول 2030، وتأكيد منظمة الأونكتاد على الوصول إلى نسبة نمو 8% فى معدلات النقل التجارى البحرى، بما يعادل 407 ملايين حاوية، للعام نفسه.
![](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/medium/271306_Large_20140926091209_19.jpg)
مشروع قناة السويس يضع مصر على خارطة المنافسات العالمية للممرات الملاحية الدولية
فى عام 2006 شرعت حكومة بنما فى تنفيذ خطة لتطوير وتوسعة قناة بنما «77 كيلومتراً طولاً»، التى يعبر من خلالها 5% من حركة التجارة العالمية، بقيمة 5.25 مليار دولار من أجل توسعة مجموعة الأهواس التى أصبحت غير قادرة على استيعاب الأجيال الجديدة من الناقلات البحرية العملاقة، إلا أن هذه الخطة التى كان مقرراً الانتهاء من أعمالها مطلع العام الحالى، تعطلت نتيجة مطالبة التحالف الدولى القائم بأعمال التطوير الحكومة البنمية بـ1.6 مليار دولار مبالغ إضافية، ما يقارب حجم الإيراد السنوى للقناة. وفى فبراير جرى التوصل لاتفاق بين التحالف وهيئة القناة، وفى تصريحات لصحيفة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية، قال المشرف على مشروع التوسعة فرناندو جونزالز إن كمية الخرسانات التى استخدمت فى الإنشاءات تكفى لبناء 100 عمارة ذات أربعين طابقاً، وأكد رئيس قناة بنما خورخى كويجانو، أمام مؤتمر جنوب كارولينا للتجارة الدولية، الانتهاء من 75% من أعمال التطوير على أن يبدأ مرور السفن العملاقة فى مايو المقبل. لكن يبدو أن استجابة بنما للتطورات المتلاحقة فى صناعة السفن كانت قصيرة المدى، ففى الوقت الذى وسعت بنما المجرى الملاحى للقناة والأهواس لاستيعاب سفن قادرة على حمل 13000 حاوية من الجيل الجديد الذى يسمى «بوست بنامكاس» بعمق 180 قدماً عرض الغاطس، بدلاً من الطاقة الاستيعابية الحالية 5 آلاف حاوية، ذكر موقع «جى أو سى» المختص بالشئون البحرية والملاحة أن جيلاً جديداً من السفن العملاقة يجرى إنشاؤه حالياً، بطاقة استيعابية تصل إلى 24 ألف حاوية.
يصب هذا كله فى أن القدرة التنافسية لقناة السويس ستصبح الأكبر، مقارنة بقناة بنما، خاصة فى ظل عوامل أخرى، ففى 3 أغسطس الماضى ذكر الموقع الرسمى لهيئة قناة السويس أن أكبر حاملة للحاويات «ماديسون مايرسك» عبرت القناة بحمولة 18270 حاوية بوزن يقدر بـ200 ألف طن. وفى تصريح لقناة بلومبرج فى مارس 2013 أكد الرئيس التنفيذى لشركة مايرسك للنقل البحرى سويرين سكو أن الشركة ستوقف التعامل مع قناة بنما، التى يمر بها حوالى 13 ألف سفينة سنوياً، بدءاً من الشهر التالى، وستحول سفنها إلى قناة السويس، نظراً لقيام هيئة قناة بنما برفع تعريفة المرور 3 مرات فى السنوات الخمس الماضية، لتصبح 450 ألف دولار لعبور سفينة بحمولة 4500 حاوية، مع وجود احتمالات لزيادة الرسوم مرة أخرى بعد الانتهاء من الأعمال التوسعية، إلى جانب عدم قدرة القناة على استيعاب السفن الأكبر حجماً التى توفر فى الطاقة وتدر ربحاً أكبر، بسبب ضيق قناة بنما وصعوبة المرور بها، أخذاً فى الاعتبار أن القناة اتجاه واحد ولا تسمح بالمرور الليلى للسفن مع إعطاء الأولوية للسفن التجارية والعسكرية الأمريكية.[FirstQuote]
ولا ينبغى إغفال الميزة التنافسية لقناة من ناحية الربط التجارى بين الموانئ الصينية والأمريكية، فعلى سبيل المثال تستغرق السفينة التى تبحر من ميناء شنغهاى إلى ميناء نيويورك فى الساحل الشرقى الأمريكى مروراً بقناة بنما 25 يوماً بينما تستغرق المسافة نفسها مروراً بقناة السويس 28 يوماً، ما يمثل عبئاً إضافياً فى الطاقة والوقت بزيادة تتراوح بين 4 و5%. وتمثل قناة بنما بعداً استراتيجياً مهمًا للولايات المتحدة، لأن 70% من السفن التى تعبر قناة بنما سنوياً تتجه إلى موانئ ولايات الساحل الشرقى للولايات المتحدة التى يعيش بها 30% من السكان. جدير بالذكر أن الولايات المتحدة سلمت بنما إدارة القناة فى عام 1999 بناء على معاهدات «توريخوس كارتر» التى تعطى الجيش الأمريكى الحق فى التدخل حال تعرض حياد القناة للخطر.
وإلى جانب الحفاظ على صادراتها لأمريكا التى بلغت 440.4 مليار دولار فى 2013 طبقاً لوزارة التجارة الأمريكية، تسعى الصين إلى تعزيز التجارية البينية مع دول أمريكا اللاتينية والكاريبى لتصل إلى 500 مليار دولار أمريكى فى غضون عشر سنوات، طبقاً لوكالة أنباء شينخوا الصينية فى يوليو الماضى، ما دفع الطموحات الصينية تجاه البحث عن بديل أسرع ومضمون، ومن هنا جاءت فكرة حفر قناة نيكاراجوا بطول 278 كيلومتراً تمتد من نهر بريتو المطل على المحيط الهادئ مروراً ببحيرة نيكاراجوا إلى نهر بنتو جوردا الذى يصب فى المحيط الأطلنطى، ومن المزمع الانتهاء من أعمال حفر قناة نيكاراجوا بحلول 2020 بتكلفة تصل إلى 40 مليار دولار، إضافة إلى القدرة على السماح بمرور سفن تحمل حاويات بوزن ربع مليون طن، ومن المقرر أن يتم إنشاء ميناءين بحريين ومطار جوى ومناطق دعم لوجيستى، لتكون القناة منافساً قوياً لقناة بنما، نتيجة لبعض الميزات النسبية، كتوفير الوقت والطاقة وعدم الحاجة للانتظار مقارنة بـ26 ساعة تحتاجها الشاحنات البحرية لعبور قناة بنما، إلا أن المختصين بالشئون البيئية أعلنوا عن وجود محاذير بيئية تعوق حفر هذه القناة نتيجة للآثار الضارة التى قد تلحقها ببحيرة نيكاراجـــوا مصدر المياه العذبة الأهم بالبلاد.