من التهجير القسرى للأقباط إلى التطهير العرقى للمصريين!
تجددت ظاهرة التهجير القسرى للأقباط، فهى ظاهرة قديمة، ظهرت فى ثمانينات القرن الماضى عن طريق تنظيم الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد (قبل المراجعات)، وللكاتب بحث أوضح فيه كيف هجَّرت تلك الجماعات 43 أسرة من صعيد مصر (المنيا وأسيوط) وذلك فى الفترة من 1987 حتى 1996.
تجدد تلك الظاهرة بدأ من أحداث قرية شربات بالعامرية ثم بعض قرى أسيوط مثل نجع رزيق ثم دهشور وأخيرا رفح بسيناء. الظاهرة القديمة لم تكن تستهدف تفريغ الوطن من أقباطه بل كانت تستحل أموالهم فى صيغة «إتاوات» تسمى فى شرعهم جزية، أما الظاهرة الجديدة فهى تقترب من مفهوم التطهير العرقى المبنى على أسس دينية، لأن الجماعات التكفيرية السلفية تعتمد بالأساس فى تهجير الأقباط على ما يسمى فقه «التكفير»، والظاهرة الجديدة مخطط متكامل على غرار ما كان يحدث من قبل الوكالة اليهودية فى خمسينات القرن الماضى. وما أشبه اليوم بالبارحة فالمخطط الجديد يعتمد على الشائعات والأرقام والإحصائيات المخيفة تارة والعنف تارة أخرى، وكما جرى تجريف مصر من اليهود وتهجيرهم طوعا أو قسرا، تقوم بعض الدوائر المتأسلمة والمتأقبطة بهذا الدور مع الأقباط الآن. هذا الفكر التكفيرى الوهابى لا يعترف حتى بالآخر المسلم مثل الطرق الصوفية أو حرق الأضرحة وصولا إلى قتل المسلمين الصائمين فى رفح، فما بالك بالأقباط؟ ويعتمد المخطط على أبعاد مختلفة تبدأ بالعنف والعقاب الجماعى مثل حرق وهدم ثلاثة كنائس (العذراء بإمبابة - مار جرجس بالماريناب بأسوان - الشهيدين بأطفيح)، جنبا إلى جنب مع قتل 50 قبطيا وجرح 511 فى أحداث إمبابة وماسبيرو ومنشية ناصر وأبوقرقاص فى الفترة من أبريل 2011 وحتى أبريل 2012. الاتجاه الثانى فى المخطط هو الفتاوى المخيفة التى تكفر الأقباط مثال فتوى فضيلة الشيخ وجدى غنيم وفضيلة الشيخ الدكتور ياسر برهامى عضو اللجنة التأسيسية للدستور، وفى سياق صناعة التخويف ظهرت الوحدة الوطنية فى أروع تجلياتها وقد خرجت علينا إحدى المنظمات القبطية فى سبتمبر 2011 ببيان ادعى رصد هجرة أكثر من 100 ألف قبطى بعد استفتاء 19 مارس 2011، ورصد البيان فى أمريكا 50 ألفا و14 ألفا فى أستراليا و17 ألفا فى كندا ونحو 20 ألفا فى أنحاء أوروبا، فما كان من كاتب السطور سوى الإسراع بالاتصال بمصادر مطلعة بسفارات أمريكا وكندا وأستراليا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وبالسؤال والتحرى عن أرقام وإحصائيات الهجرة فى عامى 2010 و2011، أفادت تلك المصادر بأن الأرقام الحقيقية من المصريين بغض النظر عن ديانتهم 6411 مصريا هاجروا إلى تلك الدول حتى نهاية 2010، أما فى عام 2011 فلم يحصل على حق الهجرة إلى هذه الدول حتى نهاية أكتوبر 2011 إلا 2804 مصريين فقط، أى إن أرقام الهجرة انخفضت من سنة 2010 إلى 2011 بنسبة 59%، كما شددت تلك المصادر على أن رقم الـ50 ألفا لأمريكا غير منطقى لأن الهجرة العشوائية الأمريكية (القرعة) تقبل فيها حكومة الولايات المتحدة خمسين ألفا من جميع أنحاء العالم، فكيف يتأتى ذلك الرقم (50 ألف مصرى مسيحى فى 2011)؟ والغريب أن تقوم بعض الفضائيات (المتأقبطة) بالترويج لتسهيلات هولندية لهجرة الأقباط، الأمر الذى كذبته الحكومة الهولندية. يا خفىَّ الألطاف نجنا مما نخاف!