مؤتمر «الإفتاء» ورسائل المفتى
يحظى المؤتمر العالمى السنوى السادس الذى تنظمه دار الإفتاء المصرية (الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء) باهتمام بالغ، يهم المسلم عموماً وليس المؤتمرين فقط، وذلك بالنظر لموضوع المؤتمر (مؤسسات الفتوى فى العصر الرقمى.. تحديات التطوير وآليات التعاون).
ولأن القائمين على المؤتمر، وأولهم فضيلة المفتى رئيس الأمانة، والدكتور إبراهيم نجم الأمين العام، وفريق الإفتاء من علماء وباحثين، إنما ينتمون للمنهج الأزهرى انتماء صادقاً، مما يجعل رسالتهم صادقة.
أيضاً فإن مؤتمرات دار الإفتاء (على وجه الخصوص) تنتهى إلى إجراءات عملية جادة يتم تنفيذها على أرض الواقع فى صورة مشروعات مختلفة ومتجددة يتم الإعلان عنها فى كل مؤتمر، ثم يتم الإعلان عن أنه تم تنفيذها فى المؤتمر الذى يليه.
هذا النجاح جعل الجماعات التنظيمية المنحرفة تعمل، من خلال كتائبها الإلكترونية المنظمة وتأثيرها فى الناس، على تشويه دار الإفتاء، وإن كنا هنا نُحمِّلُ بعضاً من المسئولية للعلماء الذين يقدّمون الفتوى أحياناً دون شرح وافٍ، أو يختارون عناوين غير مناسبة، أو الإعلام (ونعنى هنا الإعلام التابع للدولة المستقل وغير المستقل) الذى يقتطع نصوص الفتاوى بعناوين مثيرة بغرض الحصول على متابعين ولو بهدم المرجعية المعتبرة.
وإن كان لا يُنكر حضور دار الإفتاء فى عيون الإعلام فى الداخل والخارج بعدد مواد منشورة تجاوزت أكثر من ٨٨ ألف خبر ومادة إعلامية.
أرجع للمؤتمر من حيث إن ثمرة جهود دار الإفتاء فى الفتوى، وتصحيح الوعى الجمعى، ومحاربة الفكر المنحرف، فضلاً عن مراكز التدريب، ومنصة هداية، والتعليم عن بُعد، والمؤشر العالمى للفتوى... إلخ، كل ذلك أمور لا تخطئها عين متابع، لكن ينبغى أن تصل لأكبر عدد من المستهدفين، لأن عدم وصولها ظلم للإنجازات المهمة التى تبلورت من دار الإفتاء والأمانة طوال سنوات مضت.
وأما الرسائل التى وجّهها فضيلة المفتى فى المؤتمر فكانت الأولى منها للسيد رئيس الجمهورية من حيث «إدراكه لما تمثله التنظيمات المتطرفة من خطر عظيم، والاستجابة الفورية من دار الإفتاء المصرية ومن الأمانة العامة وعلمائها حول العالم لتحويل تجديد الخطاب الدينى إلى برامج عمل علمية وخطط مشروعات موسوعية وبحثية، سرعان ما خرجت إلى جميع أقطار الأرض».
والحق يُقال: إن تجديد الخطاب الدينى، وإن شهد التقدم الكبير من الدار الذى أشار إليه فضيلة المفتى، فإنه فى المقابل لا تزال خطوات التجديد فى مؤسسات أخرى تمضى ببطء وتعثر شديدين!!
أما الرسالة الثانية فكانت «للمفتين والعلماء المشاركين فى المؤتمر عموماً وعلماء الدار والأمانة خصوصاً من بذلهم الجهود التى مثلت المنقذ للأمة من الفتنة التى حاولت جماعات التطرف إشعال نيرانها فى كل مكان».
كان فضيلة المفتى فى رسالته هذه يمثل السند والحماية لعلماء الدار حين يدعوهم للثبات، وعدم تهيُّب ما يُلقى فى طريقهم من عراقيل، وأن الأمانة العامة تزدهر وتتطور بفضل جهودهم، لأنهم يقفون على ثغر عظيم من ثغور الإسلام الوسطى، وتطوير مسيرة العمل الإفتائى العالمى نحو الرقمنة.
ثم الرسالة الثالثة التى قدم فيها التحية للشعب المصرى العظيم صانع الحضارة.