مؤتمر الخصوبة والعقم: حلم الإنجاب لم يعد مستحيلاً

مؤتمر الخصوبة والعقم: حلم الإنجاب لم يعد مستحيلاً
لا تزال مشكلة العقم وتأخر الإنجاب من المشكلات الشائعة والمؤرقة جداً بين الكثير من الأسر حيث يظل حلم الأمومة والأبوة وإنجاب طفل من الأحلام التى تبدو مستحلية التحقيق لدى البعض، ولذلك فالأطباء المتخصصون فى مجال العقم وتأخر الإنجاب فى سباق مستمر من أجل الوصول إلى حلول طبية تعالج مشكلات العقم من أجل تحقيق حلم إنجاب طفل، حيث تؤكد الإحصائيات العالمية أن مشكلة العقم لدى الزوجين أصبحت مشكلة مشتركة حيث يشارك الزوج بنسبة 50% والزوجة 50%، ولكن فى الفترة الأخيرة قد ارتفعت تلك النسبة عند الرجال، ومن ضمن الحالات الصعبة لدى الرجال عدم وجود الحيوانات المنوية، التى قد تمثل نسبة لا تقل عن 10% من إجمالى حالات عقم الرجال، من هنا جاءت أهمية المؤتمر الدولى للخصوبة والعقم الذى حمل عنوان «تأخر الإنجاب.. نظرة شاملة لعلاج الزوجين»، والذى نظمه مستشفى «آدم» الدولى للخصوبة والعقم.
استمرت فعاليات المؤتمر على مدار يومين وشارك فيه العديد من الأطباء من الدول العربية والأجنبية لاستعراض أحدث الأبحاث التى أجريت حديثاً فى مجال علاج حالات العقم وتأخر الإنجاب فضلاً عن استعراض أحدت الطرق العلاجية المتطورة فى هذا المجال.
يقول الأستاذ الدكتور مدحت عامر، أستاذ الذكورة والتناسل والجراحات الميكروسكوبية الدقيقة والعقم بكلية طب قصر العينى، لـ«الوطن»، إن المؤتمر يهدف إلى مناقشة كل ما هو جديد فى علاج حالات العقم وتأخر الإنجاب، مضيفا أن المؤتمر ارتكز خلال جلساته العلمية على تقديم نقطة ضوء وأمل لمن يعانون من مشكلات العقم وتأخر الإنجاب، حيث قام المؤتمر بعرض العديد من الأبحاث التى يقدمها نخبة من الأساتذة بكليات الطب المصرية التى تجعل الأمل باقياً ومستمراً وسط زحام الحياة وضغطها العصبى، وتجدد أمل الأمومة لدى السيدات من خلال مجموعة من الأبحاث التى تتناول أكبر دراسة موسعة لنسب الحمل فى حالات الحقن المجهرى باستخدام الحيوانات المنوية العادية مقارنة بالحيوانات المنوية المستخلصة عن طريق عينة الخصية وعلاقة تأخر الإنجاب عند الزوج بوجود الضعف الجنسى، وتجميد البويضات للحفاظ على خصوبة الزوجات.[FirstQuote]
وأشار «عامر»، رئيس المؤتمر، إلى أن المؤتمر ناقش موضوعات عدة منها مناقشة أكبر دراسة موسعة لنسب الحمل فى حالات الحقن المجهرى، وعمليات منظار الرحم التى قد تفيد كثيراً لتحسين الخصوبة عند الزوجات، وأحدث دور لعلم الجينات الجزيئية فى فحص الأجنة قبل إرجاعها للرحم فى الحقن المجهرى، وعلاج العيوب الخلقية بالرحم، التى يسهل اكتشافها بالموجات الصوتية ثلاثية الأبعاد والتجميد البطىء والسريع للبويضات، وما يرتبط بذلك من توقعات مرجوة أبهرت المشاركين وتحمل العديد من الآمال للباحثين عن الإنجاب.
وأوضح «عامر»، رئيس مجلس إدارة مستشفى «آدم» الدولى للخصوبة والعقم، أن أسباب العقم عند الرجال قد ترجع إلى عوامل متعلقة بالغدد مثل تأخر مرحلة النضوج والبلوغ لدى الطفل إلى رجل أو انخفاض فى نسبة هرمون الذكورة «التستوستيرون»، أو أسباب تتعلق بالخصيتين مثل وجود خلل فى الجينات أو الكروموسومات ينتج من عدم نزول الخصيتين إلى كيس الصفن، إلى الخصيتين الهاجرتين، مما قد يسبب تلف الخصيتين أو عدم وجود الخصيتين أصلاً أو دوالى الخصية أو إصابة الخصيتين بالتهاب شديد مما قد يؤدى إلى تلف الخصيتين أو وجود خلل ما فى السائل المنوى.
أما عن أسباب العقم عند السيدات فيقول «عامر» إنها ترجع إما لأسباب مهبلية مثل انسداد المهبل الذى يمنع إدخال العضو الذكرى بالمهبل أو أسباب تتعلق بالرحم أو بعنق الرحم أو خلل فى وظيفة المبيض.
من جابنه قال الأستاذ الدكتور سلام جبريل، استشارى ورئيس خدمات أمراض النساء والولادة، مدير برنامج أطفال الأنابيب بمستشقى البحرين التخصصى، لـ«الوطن»، إنه توجد أسباب أخرى عامة مثل العوامل الوراثية، والتدخين الذى أصبح ظاهرة منتشرة وتؤثر سلباً على إمكانية الإنجاب، كما أن التعرض المستمر للإشعاعات والكيماويات قد يؤثر سلباً على الخصوبة والقدرة الإنجابية، هذا بالإضافة إلى أن تناول المخدرات، وبعض العقاقير مثل الترامادول، قد يؤدى أيضاً إلى العقم، وأحيانا ما تساهم زيادة الوزن فى انخفاض القدرة الإنجابية.
وأضاف «جبريل»، أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة الخليج العربى، أن نسب العقم فى دول العالم تقريباً متقاربة ولا فرق بين الدول العربية والأجبنية وتصل النسبة بوجه عام فى الرجال إلى نحو 40% بينما تصل فى السيدات إلى نحو 30%، ويرجع ذلك إلى أن الرجال أكثر عرضة للتأثيرات البيئية والمهنية وأكثر عرضة للتلوث والمبيدات والكيماويات الصناعية.
وعن دور الحقن المجهرى يؤكد «عامر» أن عمليات الحقن المجهرى مفيدة جداً لكثير من حالات العقم لدى الرجال حيث تجرى كثير من العمليات حسب كل حالة لاستخراج الحيوانات المنوية، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المستشفيات المتخصصة فى مجال العقم عند الرجال بدول الشرق الأوسط محدود جداً حيث إن المعظم يهتم بعقم السيدات أكثر من الرجال. وأشار «عامر» إلى أن للحقن المجهرى دوره الفعال لعلاج حالات العقم فى العالم أجمع حيث تصل نسب النجاح العالمية إلى نحو 55% من إجمالى الحالات التى تجرى.
وعن أحدث الطرق العلاجية يقول، لـ«الوطن»، الأستاذ الدكتور «جين فيليب وولف»، أستاذ أمراض النساء والتوليد وأطفال الأنابيب بفرنسا، إن من أهم الأساليب العلاجية المتطورة فى مجال علاج العقم وتأخر الإنجاب من خلال الإخصاب الطبى المساعد هو نجاح تجميد الحيوانات المنوية والأجنة والبويضات، وتعتبر هذه التكنولوجيا المتطورة فى مجال الإخصاب خارج الجسم ناجحة جداً كما أنه قد حدث تقدم ملحوظ فى طرق تجميد الخلايا المختلفة من الحيوانات المنوية والبويضات المخصبة والأجنة وارتفعت نسب النجاح بشكل ملحوظ.
ويوضح «وولف» أن فكرة التجميد تقوم على حفظ الخلايا فى درجات برودة منخفضة جداً بغمرها فى النيتروجين السائل الذى تبلغ درجة برودته 196 درجة مئوية تحت الصفر ويتم ذلك تدريجياً وتحمى الخلايا بإضافة مواد معينة تساعد على سحب المياه من داخل الخلية حتى لا تتكون كرستالات حادة تدمر الخلية، ويمكن حفظ الخلايا فى النيتروجين السائل مدة طويلة تصل إلى عدة سنوات بدون أن تتأثر.
وعن مميزات تجميد الأجنة يؤكد «وولف» أنها تتمثل فى رفع احتمالية فرص الإنجاب كما أنها تتيح اختيار أفضل الأجنة مما يرفع احتمالية نجاح الحمل حيث إن نسب نجاح الحمل من خلال هذه التقنية تعد عالية جداً كما أن حفظ الحيوانات المنوية المجمدة يصلح لفئات عديدة من المرضى مثل الرجال الذين ينتجون حيوانات منوية ضئيلة أو من فسدت حيواناتهم المنوية مع مرور الوقت.
ويؤكد «وولف» أن تجميد الأجنة له فوائد عديدة أيضاً حيث إنه فى كثير من حالات أطفال الأنابيب تنتج السيدة أجنة أكثر من العدد الذى يتم إرجاعه فى الرحم، فى مثل هذه الحالات يمكن تجميد هذه الأجنة الزائدة على الحاجة مع هذه الأجنة المجمدة، التى يتم اختيارها بعناية شديدة يمكن إرجاعها إلى الرحم خلال دورة طبيعية وقد يماثل علاج نقل الأجنة المجمدة نتائج علاج أطفال الأنابيب وأحياناً أفضل؛ وذلك لعدم استخدام الأدوية التى تقلل من قابلية الرحم لاستقبال الأجنة.
ويقدم الأطباء نصائح عامة قد تسهم فى تعزيز القدرة على الإنجاب، فينصح «عامر» بضرورة ممارسة رياضة المشى والابتعاد عن التوتر والضغط العصبى الشديد والحفاظ على وزن صحى، وعدم تأخر سن الزواج عن الـ35 حيث إن بعد هذه السن يمكن فى بعض الحالات أن تقل القدرة الإنجابية وذلك بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء وليس على مستوى السيدات فقط كما هو متعارف عليه، كما لا يستحب تأخير الحمل الأول عند الزواج وتناول موانع الحمل حيث إن ذلك قد يؤدى إلى انخفاض القدرة الإنجابية فيستحب أن يتم منع الحمل بعد الحمل الأول من الزواج، أما عن طبيعة التغذية فيؤكد «عامر» أن الغذاء ليس له صلة بتعزيز القدرة الإنجابية ولكن بوجه عام فإنه يستحب تناول الأغذية الصحية التى لا تحتوى على نسب عالية من الدهون والابتعاد عن الأغذية المعلبة والمواد الحافظة، والإفراط فى تناول الأسماك والمأكولات البحرية لا يعزز من القدرة الإنجابية عند الرجال كما هو متعارف عليه بل بالعكس فقد ثبت أن دول شرق آسيا، خاصة تايلاند، أصحبوا يعانون من ضعف الخصوبة والعقم نتيجة الإفراط فى تناول المأكولات البحرية والأسماك، ويستحب تناول الأسماك مرة واحدة فى الأسبوع.