الدولة تجهز لإطلاق أول استراتيجية قومية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة مدتها 10 سنوات تشارك فيها «المالية» و«الصناعة» و«القطاع المصرفى»

الدولة تجهز لإطلاق أول استراتيجية قومية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة مدتها 10 سنوات تشارك فيها «المالية» و«الصناعة» و«القطاع المصرفى»
كشفت قيادات الصندوق الاجتماعى للتنمية فى ندوة خاصة لـ«الوطن» عن أن الدولة تتجه لإطلاق استراتيجية قومية مدتها 10 سنوات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تشارك فيها جهات مختلفة، أبرزها وزارتا «الصناعة» و«المالية» والقطاع المصرفى وفى مقدمته البنك المركزى والمستفيدون من التمويل، وحددت قيادات الصندوق أبرز 5 محاور لتلك الاستراتيجية. وقالت قيادات الصندوق إنهم يستهدفون محاربة الفقر ومجابهة أزمة البطالة، وتركز خطتهم التوسعية للفترة المقبلة على تمويل المشروعات الصناعية والطاقة المتجددة، وطرح حزمة من الإجراءات والبرامج الائتمانية لـ«الصغيرة والمتوسطة» فى المشروعات التنموية بمنطقة محور قناة السويس وغيرها.
■ ما الأهداف والسياسات العامة لعمل الصندوق الاجتماعى للتنمية منذ إنشائه؟
- أنشئ الصندوق عام 1992 بقرار جمهورى كجهة مستقلة تتبع رئاسة مجلس الوزراء بهدف مكافحة الفقر وخلق فرص عمل للشباب، تزامناً مع التحول إلى اقتصاديات السوق الحرة ووقت أن تفاقمت مشكلة البطالة بعد عودة العمالة من دول الخليج بسبب الحروب فى المنطقة وتحديداً فى العراق والكويت، ويعد الصندوق ضمن أدوات الدولة لمكافحة البطالة.
نحن منتشرون فى كافة محافظات الجمهورية عبر المكاتب الإقليمية والمكاتب التى تحتوى على منظومة الشباك الواحد، التى تسهل على العملاء إمكانية استخراج كافة التراخيص والإجراءات اللازمة للحصول على التمويل المناسب لمشروعاتهم.
■ البعض يظن أن الصندوق عبء على موازنة الدولة، بينما تتنوع مصادر تمويله داخلياً وخارجياً من شركاء التنمية والدول المانحة، فنريد إلقاء الضوء على تلك النقطة.[FirstQuote]
- الصندوق لا يتلقى دعماً من موازنة الدولة، وهو جهة مستقلة له موازنته الخاصة، ويعتمد على عدة مصادر تمويل، أبرزها شركاء التنمية، ولا نتلقى ودائع من العملاء، ونعمل بهدف اجتماعى وتحت إطار تحسين مستوى معيشة الفرد. ويجب الإشارة إلى أن هناك استمرارية واستدامة فى التمويل من شركاء التنمية، مثل البنك الدولى والاتحاد الأوروبى والصناديق العربية، من بينها صندوق أبوظبى و«خليفة» و«الكويتى»، بالإضافة إلى اليابان «الجايكا» منذ إنشاء الصندوق. وخلال فترة ما بعد ثورة يناير استطعنا جذب شركاء جدد للتنمية، مثل الوكالة الفرنسية للتنمية وبنك الاستثمار الأوروبى، وكانت بمنزلة رسالة سياسية مهمة حول ثقة تلك المؤسسات فى عمل الصندوق والاستثمار فى مصر، خاصة أن الدول والجهات المانحة تقوم بزيارات ميدانية للمشروعات للتأكد من جدوى المشروعات وتنفيذها على أرض الواقع.

هناء
وبعد ثورة 30 يونيو حصلنا على أول قرض من العالم الخارجى من البنك الدولى بقيمة 300 مليون دولار، وتم البدء فى سحب أول شريحة لتنفيذ المشروعات المعنية بالتمويل بعد أن تم توقيعه فى أبريل الماضى، وذلك بعد أن حصلنا على جائزة البنك نفسه لأفضل مشروع فى المنطقة بقيمة 300 مليون دولار حصلنا عليها فى وقت سابق.
■ ما الدور التمويلى الذى قام به الصندوق الاجتماعى للتنمية منذ إنشائه فى السوق المحلية؟
- قمنا بضخ نحو 18 مليار جنيه منذ إنشاء الصندوق وحتى الآن، استفاد منها نحو مليونى عميل، ونستهدف العام الحالى منح مليارى جنيه حتى نهاية 2014 بغرض توفير نحو 185 ألف فرصة عمل، وتم تحقيق نحو 70% من خطة العام الحالى خلال النصف الأول. وفى فترة سنوات الثورة وتحديداً من 2011 إلى 2013 صرفنا نحو 6 مليارات جنيه لنحو 497 ألف مشروع صغير ومتناهى الصغر، ونحو 183 مليون جنيه لمشروعات التنمية المجتمعية والبنية الأساسية.
■ من الواضح أن الدولة لديها اتجاه لتنشيط المشروعات الصغيرة فى الوقت الحالى، فما دور الصندوق فى ذلك الإطار؟
- نعمل حالياً على استراتيجية قومية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تشارك فيها 3 مجموعات عمل؛ الأولى خاصة بالوزارات المعنية، وعلى رأسها «الصناعة» و«المالية»، والثانية تضم وسطاء التمويل مثل البنوك، وفى مقدمتها البنك المركزى واتحاد البنوك وبنوك القطاعين العام والخاص، والجمعيات التى تعيد التمويل لمشروعات متناهية الصغر. والمجموعة الثالثة هو المستفيد النهائى، ونعمل حالياً على تنفيذ عدة ورشات عمل لوضع تلك الاستراتيجية، بدءاً من وضع تعريف موحد لتلك المشروعات، خاصة أن هناك تعريفات مختلفة فى السوق المحلية لدى تلك الجهات، وسيتم إعادة النظر فى القانون المحدد لذلك، وذلك تحت إشراف وزارة الصناعة.
■ ما أبرز محاور تلك الاستراتيجية القومية والمدة الزمنية للانتهاء منها؟
- نعمل من خلال ورش العمل على وضع استراتيحية قومية مدتها 10 سنوات للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، ومن المتوقع أن تنتهى خلال فترة من 6 إلى 8 أشهر، وتستهدف دعم استمرارية تلك المشروعات وتعظيم حجمها لتحول الصغيرة إلى متوسطة، ومنها إلى المشروعات الكبيرة.[SecondQuote]
وتتضمن الاستراتيجية القومية وفقاً للخطوط العريضة التى نعمل عليها حالياً 5 محاور أساسية، هى: التنسيق بين الجهات التى تتعامل مع القطاع، والحصول على التمويل، والخدمات غير المالية، والبيئة التشريعية وهى فى غاية الأهمية، وريادة الأعمال عبر تغيير ثقافة العمل الحر وعلاج العيوب المؤسسية، ما بين التعليم وسوق العمل، وعدم التلاقى بين العرض والطلب، وهو ما يركز على تأهيل الشباب لذلك.
■ ما توجهات الصندوق الاستراتيجية خلال المرحلة المقبلة؟
- استراتيجيتنا للفترة المقبلة تركز على التوسع فى تمويل المشروعات الصناعية، ونعمل على تنويع أدواتنا التمويلية بغرض تحريك السوق من خلال أدوات جديدة ومبتكرة، مثل التأجير التمويلى والتخصيم ورأس المال المخاطر والتمويل الإسلامى، بخلاف ما نقوم به من مواكبة ما يجرى فى الدول التى لديها تجارب ناجحة فى ذلك الإطار، بالإضافة إلى تمويل مشروعات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية.
■ كيف يمكن أن يسهم الصندوق فى مشروع تنمية محور قناة السويس؟
- قمنا بزيارة محور قناة السويس لنرى كيف يمكن أن نسهم فى المشروع القومى، وأصبحت لدينا آلية لتمويل المقاول الصغير، وأجرينا لقاءات مع الهيئة الهندسية لعمل خدمات تسويقية متنقلة لخدمة المشروعات فى منطقة قناة السويس والمشروعات الأخرى التى يجرى طرحها.
■ تعتمدون على البنوك فى التوسع الائتمانى للمشروعات الصغيرة، فما العقود المستهدف إبرامها فى المرحلة المقبلة؟
- نحاول زيادة محفظة التمويل عبر القطاع المصرفى، ونستهدف إبرام عقود لإعادة تمويل مبالغ قيمتها 350 مليون جنيه عبر البنك الأهلى المصرى والمصرف المتحد، ويعد البنك الأهلى المصرى أكبر المتعاملين مع الصندوق لتمويل المشروعات الصغيرة.
■ ما حجم المحفظة التمويلية القائمة؟ وكيف يتم التصرف فى أموال الجهات المانحة؟
- ندير حالياً محفظة قيمتها 6 مليارات جنيه، ونقوم بتدويرها وفقاً للمشروعات التى يتم تمويلها، وتصرف الدول والجهات المانحة الدفعات المالية وفقاً لاحتياجات المشروعات وجدولها الزمنى للاستخدامات والسداد.
■ هناك معاناة كبيرة من المواطنين لاستيفاء متطلبات الحصول على التمويل فى ظل صعوبة استخراج التراخيص وخلافه من المستندات، فكيف يعمل الصندوق على حل تلك المشكلات؟
- لا تزال هناك عقبات تواجه تمويل القطاع، وأهمها تحويل المشروعات من القطاع غير الرسمى إلى الرسمى، وسيتم ذلك من خلال محفزات ضريبية والتأمينات الاجتماعية والتراخيص والتسجيل. ونود الإشارة إلى أن أبرز ما يواجه تلك المشروعات من عقبات يتعلق أيضاً بالإدارات المحلية، ويجب أن تجلس كافة الجهات المعنية من الحكومة على طاولة واحدة لتذليل تلك العقبات.

نيفين
■ ما التمويلات الجديدة التى يعمل الصندوق على جذبها من الخارج؟
- نعمل حالياً على جذب تمويلات جديدة بقيمة 162 مليون يورو، موزعة بواقع: 67 مليون يورو لمشروعات التنمية المجتمعية من البنك الدولى والاتحاد الأوروبى، و80 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، و15 مليون يورو كمنحة للمناطق غير المؤهلة. وجارٍ التفاوض على قروض أخرى فى الوقت الحالى.
■ يقوم الصندوق على تحديث مستمر لخريطة الفقر كل 5 سنوات، فما معايير تحديد ذلك؟
- نعد خريطة الفقر بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، لأنه يجرى دراستين؛ الأولى كل 10 سنوات للتعداد السكانى، والثانية للدخل والإنفاق كل عامين. وقمنا بعمل خليط بين الدراستين وجمعنا بين معاييرهما، واستطعنا من خلالها تحديد المعايير الخاصة بالفقر على مستوى كافة القرى والمحافظات. وتلك الخريطة تمكننا من تحديد وترتيب جميع القرى والمراكز من الأكثر إلى الأقل فقراً، وبالتالى يمكننا الوقوف على المناطق الأكثر احتياجاً ووضع قائمة أولويات لها.
ويتم بناء تلك الخريطة وفقاً لنسبة عدد الفقراء مقارنة بالتعداد السكانى فى تلك المناطق، فقد تكون هناك مناطق أكثر فقراً لكن تعداد السكان فيها منخفض. وفى حقيقة الأمر أن جميع الدراسات فى مصر تقول إن التغير فى ترتيب مناطق الفقر محدود، حيث لا تزال مناطق الصعيد هى الأكثر فقراً حتى الآن، وإن الاحتياج لديها كبير جداً.
■ هل تقوم الدولة بمراعاة ذلك الاحتياج وفقاً لقائمة المناطق الأكثر فقراً خلال المرحلة الأخيرة؟
- الدولة وجهت مجهوداً لتنمية تلك المناطق، إلا أن الاحتياج كان أكبر من المجهود المبذول.[ThirdQuote]
■ ما دور مكاتب الصندوق فى المحافظات فى تنفيذ استراتيجية العمل؟
- المكاتب الإقليمية هى الذراع التنفيذية للصندوق، وتقسم إلى 5 مناطق رئيسية تغطى المحافظات عبر 31 مكتباً فى 27 محافظة، بالإضافة إلى وجود أكثر من مكتب فى المحافظات التى تتمتع بطبيعة صناعية خاصة، وتقوم تلك المكاتب بتنفيذ السياسات العامة للصندوق، سواء الخدمات المالية وغير المالية، ويتنوع المستفيدون منها بين كافة فئات المجتمع؛ من شباب الخريجين وأصحاب الحرف والمشروعات الصغيرة والأسر الفقيرة.
■ هل هناك علاقة ما بين خريطة الفقر والطلب على التمويل؟
- خريطة الفقر توضح أولويات التنمية، وليس بالضرورة أن تكون المناطق الأكثر فقراً هى الأكثر طلباً للتمويل، بينما يتعلق الأمر بنوعية النشاط وحجمه وفرص الاستثمار المتاحة، وهو ما نقوم به داخل المحافظات، فلدينا توجه جغرافى وقطاعى بما يوفر الميزة النسبية للتنمية.
■ ما تطورات تمويل المشروعات متناهية الصغر لديكم؟
- قمنا بضخ نحو 4.6 مليار جنيه منذ بدء عمل الصندوق فى المشروعات متناهية الصغر، موزعة على نحو 1.6 مليون، وتم منح نحو 66% من تلك المحفظة خلال الفترة من 2009 وحتى اليوم، واستحوذت فترة ما بعد يناير 2011 على نحو 50% من إجمالى تلك التمويلات، وهو ما يوضح تطور نشاط الصندوق فى ذلك القطاع خلال أصعب الفترات التى مرت بها البلاد، ونعتمد على الجهات الوسيطة فى منح ذلك التمويل، مثل الجمعيات الأهلية والبنوك، ولدينا حالياً 426 جهة وسيطة للتمويل، من بينها 4 بنوك هى الأهلى المصرى ومصر والقاهرة والتجارى الدولى. ونود الإشارة إلى أن التمويل متناهى الصغر لدينا يغطى المناطق الأكثر فقراً فى الجمهورية، وتستحوذ مناطق الصعيد على نحو 50% من ذلك التمويل.
■ أصحاب المشروعات الصغيرة يعتقدون أن الاعتماد على التمويل الذاتى أفضل من الاقتراض، خاصة فيما يتعلق بمشكلات التعثر وتعرضهم للحبس، فما رؤيتكم حيال ذلك؟
- أولاً الحصول على التمويل يساعد أصحاب تلك المشروعات فى تعظيم حجم أعمالهم وإجراء توسعات قد لا تسمح السيولة لديهم بها، ونود التأكيد على أن دورنا اجتماعى ولا نستهدف إلحاق الضرر بأحد، بل نعمل على دعمهم وزيادة أنشطتهم، ونتابع العملاء بشكل جيد حتى سداد التزاماتهم المالية، وعندما يحدث أول إنذار بتعثر أى من العملاء نقوم بدراسة موقفه، وفى حالة وجود ظروف خارجة نعمل على مساعدته بشتى الطرق.
■ ما المشكلات التى تقابلكم فى منح التمويل ودور الدولة فى تذليلها؟
- يقابل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر مشكلات كثيرة ومعقدة، وحتى الآن كل أجهزة الدولة بما فيها الوزارات المعنية بالتنمية لم تضع يدها على المشكلات التى تواجهها.