بروفايل| عمر المختار.. أسد الصحراء وشيخ المجاهدين

كتب: أحمد ناجي

بروفايل| عمر المختار.. أسد الصحراء وشيخ المجاهدين

بروفايل| عمر المختار.. أسد الصحراء وشيخ المجاهدين

مُقاوم ليبي حارب قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرضه، حارب الإيطاليين وهو في سن الـ 53، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الطليان، وأجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا، فنُفذت فيه العقوبة بالرغم من كبر سنه، وقد بلغ حينها 73 عامًا. هو السيّد عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي، وُلد في البطنان ببرقة في الجبل الأخضر، في 20 أغسطس 1858، كفله أبوه ورباه تربية إسلامية حميدة على طريقة الحركة السنوسية القائمة على القرآن والسنّة النبوية، ولكن عمر لم يعايش والده كثيرًا، حيث وتوفى وهو في طريقه لمكة لأداء فرائض الحج. حصد عمر المختار انتباه شيوخه في صباه، ما جعلهم يهتمون به في معهد الجغبوب الذي كان منارة للعلم، مكث عمر المختار في معهد الجغبوب ثمانية أعوام ينهل من العلوم الشرعية المتنوعة كالفقه والحديث والتفسير، ومن أشهر شيوخه الذين تتلمذ على أيديهم: السيّد الزروالي المغربي، والسيّد الجوّاني، والعلّامة فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني، وغيرهم كثير، وشهدوا له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة. عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، ونزلت قوَّاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة في 19 أكتوبر، ونجح شيخ المجاهدين بجمع 1000 مقاتل معه، وأسَّس معسكرًا خاصًا له في منطقة الخروبة، ثم انتقل منها إلى الرجمة، والتحق بالجيش العثماني. وجد عمر المُختار نفسه قد تحوَّل من مُعلّم للقرآن إلى مُجاهد يُقاتل في سبيل بلاده ودينه لدفع الاحتلال عنها. كان قد اكتسب خبرة كبيرة في أساليب وتكتيكات الحروب الصحراويَّة أثناء قتاله الفرنسيين في تشاد، وكان له معرفة سابقة بجغرافيَّة الصحراء وبدروبها ومسالكها وكل ما يتعلَّق بها، فاستغل هذه المعرفة وتلك الخبرة ليحصل على الأفضليَّة دومًا عند مجابهته الجنود الإيطاليين غير العارفين بحروب الصحراء وغير المعتادين على قيظها وجفافها. أخذ المختار يقود رجاله في حملات سريعة على الكتائب العسكرية الإيطاليَّة، فيضربونهم ضرباتٍ موجعة ثمَّ ينسحبون بسرعة إلى قلب الصحراء. ذهب عمر المختار في مارس سنة 1923 إلى مصر بصحبة علي باشا العبيدي لمقابلة الأمير محمد إدريس ولعرض نتيجة عمله، وليتلقى منه التوجيهات اللازمة، فحاولت إيطاليا الاتصال بعمر المختار وعرضت عليه بأنها سوف تقدم له المساعدة، إذا تعهد بالسكن في مدينة بنغازي أو المرج، وملازمة بيته تحت رعاية وعطف إيطاليا، إنها مستعدة أن تجعل عمر المختار الشخصية الأولى في ليبيا كلها. شارك المختار بعدة معارك من أشهرها "معركة بئر الغبي، ومعركة أم الشافتير"، وفي شهر أكتوبر سنة 1930، تمكن الجيش الإيطالي من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة، وبعدها عُثر على جواد المختار في ميدان المعركة، فصُدر قرار بالقضاء عليه. وفي الساعة الخامسة مساءً في 15 سبتمبر 1931 جرت محاكمة عمر المختار التي أعد لها الطليان مكان بناء برلمان برقة القديم، وكانت محاكمة صورية شكلًا وموضوعًا، إذ كان الطليان قد أعدوا المشنقة وانتهوا من ترتيبات الإعدام قبل بدء المحاكمة وصدور الحكم على المختار، ويبدو ذلك جليًّا من خلال حديث غراتسياني مع المختار خلال مقابلتهما، حين قال له: "إني لأرجو أن تظل شجاعًا مهما حدث لك أو نزل بك"، فأجابه المختار: "إن شاء الله". في صباح اليوم التالي للمحاكمة، حضر 20 ألف من الأهالي وجُمع المُعتقلين السياسيين من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم، وجاء المُختار مُكبَّل الأيادي وفي الساعة التاسعة صباحًا سُلَّم إلى الجلّاد، وبعد دقائق كان قد عُلّق على المشنقة وفارق الحياة.