الإهمال يهدد بانهيار تراث «مهندس الفقراء»

الإهمال يهدد بانهيار تراث «مهندس الفقراء»
تتعرض قرية المهندس حسن فتحى الأثرية بمحافظة الأقصر، لإهمال جسيم من قبل الجهات المعنية، تسبب فى انهيار أجزاء كبيرة من منزل مهندس الفقراء، كما يطلقون عليه، نظراً لاهتمامه بعمارة الغلابة والبسطاء، المتميزة بمبانيها المعمارية ذات القباب العالية والتى بناها فى أربعينات القرن الماضى وقام بتسكين عشرات الأسر من المهجرين الذين كانوا يسكنون فوق المقابر الفرعونية بالمحافظة وتتميز ببرودتها صيفاً ودفئها شتاءً.
واضعاً يده على رأسه جرّاء ما حدث من تجاهل وإهمال المسئولين تجاه هذا التراث المعمارى، قال حسين يوسف أبوالحجاج، حارس منزل المهندس حسن فتحى، الكائن بمنطقة القرنة الأثرية بالبر الغربى بالأقصر: «الحكومة كرمت كارتر ورممت بيته وسابوا بيت المهندس حسن فتحى، ابن البلد اللى كان همه وشغله الشاغل الفقراء فى مصر والعالم».
وتابع «أبوالحجاج»: «شاهدت منذ يومين وزير الآثار يتفقد المسجد العمرى بقنا، الذى انهار بعد الحريق الذى شب فى المسجد، وسمعته يتحدث عن أن الوزارة ستقوم بترميم المسجد، وسألت نفسى: هل ينتظر الوزير انهيار منزل المعمارى الشهير حسن فتحى حتى يقوم بزيارته ويطالب بترميمه؟».
وأكد أن انهياراً جزئياً بالمنزل وقع خلال الأسبوع الماضى بسبب ارتفاع «الأملاح فى التربة»، وكان المنزل قبل ثورة يناير قبلة للسائحين والمهتمين بالتراث والفن المعمارى، إلا أن الانهيارات التى حدثت فى المنزل جعلت السائحين يخشون من زيارته خوفاً من انهياره على رؤوسهم، كما أن الباب الرئيسى مغلق تماماً بسبب الانهيارات، وأصبح المنفذ الوحيد لدخول المنزل شرفة صغيرة خلفية، مشيراً إلى أن المنزل أنشئ بطريقة تجعله بارداً فى الصيف، ودافئاً فى الشتاء، حيث استخدم أسلوب بناء القباب وهى طريقة اشتهر بها المهندس حسن فتحى الذى قام بتأليف كتاب عن تجربته الفريدة فى البناء وأطلق على الكتاب اسم «عمارة الفقراء».

جدران مهدمة وواجهات تحتاج لترميم.. والسر غياب الرقابة
وأضاف «أبوالحجاج»: «زار نائب مدير منظمة اليونيسكو قرية المهندس حسن فتحى، وانبهر بما رأى من بناء فريد، وحزن على الإهمال الذى ضرب معالم القرية، وبالفعل كان هناك مشروع يموله اليونيسكو بقيمة 10 ملايين دولار تقريباً لإحياء وتطوير القرية، ولكنه توقف دون إبداء أسباب، ما تسبب فى انهيار جزء كبير من المنزل ومن الخان الذى أسسه حسن فتحى لتعليم أبناء القرية الحرف اليدوية، كما أصدر قراراً بغلق المسجد بسبب وجود تشققات بجدرانه، كذلك أغلق قصر ثقافة القرية الذى يعتبر من أقدم وأهم معالم القرية، حيث يشبه تصميمه المسارح الرومانية القديمة، كما أزيل مركز الشباب بالقرية وتحول إلى حوائط خرسانية شوهت الشكل الجمالى للقرية التاريخية».
ولفت إلى أنه خاطب وزارة الآثار من أجل إنقاذ ما تبقى من تراث القرية إلاّ أن الوزارة أكدت أن القرية تابعة لوزارة الثقافة، فخاطبنا «الثقافة» التى أكدت أن القرية تخضع لإشراف محافظة الأقصر، وخاطبنا المحافظ وزار القرية منذ عام وأكد أنه سيخاطب الجهات المعنية من أجل إنقاذ هذا التراث الفريد، ولكن حتى الآن لم يتحرك أحد، ونستيقظ يومياً على انهيارات جديدة بالمعالم التاريخية للقرية، آخرها انهيار أجزاء كبيرة من منزل مؤسس القرية، المهندس حسن فتحى.
وأشار أحمد الجمل، أحد المهتمين بالقرية، إلى أن المبانى الأثرية تحتاج لمشروع ترميم عاجل لما تبقى من معالمها مثل المسجد والخان وقصر الثقافة ومنزل المهندس حسن فتحى، الذى كان يطلق عليه فقراء العالم «مهندس السعادة»، حيث ضرب الإهمال ربوع القرية التى كانت حتى وقت قريب مقصداً لعشرات السائحين والمهتمين بالتراث فى العالم.
مشيراً إلى أن المهندس حسن فتحى كانت له مقولة مأثورة شهيرة وهى (فقراء العالم محكوم عليهم بالإعدام بسبب سوء السكن، هؤلاء هم زبائنى)». ويضيف «الجمل» أن القرية التاريخية التى شيدت على طراز فريد لإيواء المهجرين من أبناء منطقة القرنة الأثرية الذين كانوا يعيشون فوق المقابر الفرعونية، التى كانت تضم 90 منزلاً، وضمت القرية قصر ثقافة ومركز شباب ومسجداً وخاناً وسوقاً، أصبحت عنواناً كبيراً للإهمال والفساد، حيث لم يتبق من معالمها الأصلية سوى 15% بعد أن تآكلت جدران المنازل وتشققت أسقفها ومالت حوائطها وتغيرت معالمها ونال منها الإهمال وتحولت إلى عشش لتربية الماشية والدواجن، مؤكداً أن رئيس مركز التراث العالمى ونائب رئيس منظمة اليونيسكو زارا القرية بصحبة 40 عالماً وخبيراً دولياً فى مجال العمارة وتم إجراء مسح شامل وتشكيل ثلاث لجان لحفظ وحماية ما تبقى منها إلا أن المشروع ذهب أدراج الرياح. من جانبه، أكد الدكتور عبدالحكيم كرار، رئيس منطقة آثار جنوب مصر، أن القرية لا تتبع وزارة الآثار برغم القيمة التاريخية للقرية، حيث تعتبر نموذجاً فريداً من نوعه، مشيراً إلى أن الأرض التى شيدت عليها القرية تتبع منطقة آثار الأقصر وقام محافظ الأقصر بمخاطبتنا من أجل الموافقة على ترميم القرية ووافقنا على طلبه، ودور الآثار ينتهى عند إعطاء التصريح الخاص بالعمل فى القرية فقط.