مبادرات من أبناء الجاليات الأجنبية في مصر لدعم المصابين ضد كورونا

مبادرات من أبناء الجاليات الأجنبية في مصر لدعم المصابين ضد كورونا
- "أبناء الجاليات الأجنبية"
- دعم المصابين
- مساندة الجميع
- قصر العينى
- "أبناء الجاليات الأجنبية"
- دعم المصابين
- مساندة الجميع
- قصر العينى
مبادرات مجتمعية لدعم مصابى فيروس كورونا، انصهرت فيها فوارق العرق والجنس واللون، ومشاهد إنسانية بين طرقات مستشفيات العزل أبطالها أطباء فى تخصّصات شتى، شكّلت نماذج للمساندة الإنسانية والطبية، وكان أبطالها عناصر من الجاليات الأجنبية المقيمة على أرض مصر. وفى خضم الأزمة التى واجهت العالم بأكمله كان هؤلاء كتفاً بكتف إلى جوار المصريين يدعمون جهود مكافحة الوباء، وفى وقت ربما كانت مغادرة المنزل فيه أكثر خطورة بالنسبة لهم من تجربة مغادرة بلادهم الأم، فاندمجوا بين شعب مصر وباتوا جزءاً من نسيجه وعضواً فاعلاً فى تخفيف آثار الأزمة، وأصبحوا «ولاد البلد» بجهودهم، وفى المقابل قدّمت مصر كل الدعم الممكن لحمايتهم من الفيروس المستجد، إضافة إلى الرعاية الصحية بشكل عام، فضلاً عن كونهم ضيوفاً كراماً على أرض مصر.
أطباء عرب في مستشفيات العزل: كلنا واحد لمواجهة الفيروس القاتل
سيارة إسعاف مسرعة تتوقف أمام باب استقبال المستشفى، تفتح أبوابها فى ثوانٍ معدودة، ويخرج منها مريض «حبيس الأنفاس»، يصارع ضيق التنفس، يصاحبه أحد أبنائه، يتساءل فى لهفة عن الطبيب «النبطشى» لإنقاذ والده.
مشاهد يومية تتكرر على أعتاب مستشفيات العزل، فى ظل أزمة إنسانية كبّلت أيدى الأطباء كباراً وصغاراً، ليظل هذا المشهد عالقاً فى أذهان أطباء مستشفيات العزل، الذين تضم ذاكرتهم الكثير من الحكايات المأساوية، التى زادت غربتهم عن الوطن والأهل من صعوبة المشهد، منهم من جاء من بلاد مزّقت الصراعات أواصر أهلها، يعملون فى مستشفيات عزل مصرية بعد حصولهم على إذن ممارسة المهنة، استأنسوا بأهل مصر، وذهبت وحشتهم، ليبدأوا حياة جديدة على أرض الكنانة.
يمني يخفّف آلام أطفال «أبوالريش الياباني»
من اليمن التى تعانى ويلات الحرب منذ بضع سنوات، اتخذ الطبيب عبدالحكيم النخلانى قراراً بالرحيل، تاركاً خلفه مقر عمله وذكريات طفولته وشبابه، جاء باحثاً عن الأمان والسكينة له ولأسرته الصغيرة فى مصر أم الدنيا، وبدء حياة جديدة على أرضها بعد أن انتمى لصفوف الجيش الأبيض المصرى، كما كان يعمل فى بلاده.
«النخلاني»: الوظيفة الثابتة كانت داعماً لي في بداية حياة جديدة
فى صباح الحادى عشر من يناير عام 2015 استقر الطبيب اليمنى عبدالحكيم النخلانى فى القاهرة، بصحبة زوجته وأبنائه، قادماً من محافظة إب الوسطى، حاملاً هم التفكير فى ظروف المعيشة الجديدة ورأسه منشغل بأوجاع بلاده، حتى التحق بالعمل فى مستشفى أبوالريش اليابانى، وحسب تأكيده لـ«الوطن» كانت الوظيفة الثابتة داعماً له فى بداية حياة جديدة مبهمة الملامح بالنسبة له، ومنذ دخوله المستشفى لم يشعر بغربة.
كواحد من أبطال الجيش الأبيض، رغم اختلاف الجنسية، أضحى الطبيب اليمنى البالغ من العمر 39 عاماً، فى حالة استعداد كامل على مدار اليوم فى مقر عمله خلال أزمة فيروس كورونا منذ ظهور الوباء فى مصر خلال مارس من العام الماضى، لم يتوانَ عن رعاية الأطفال الوافدين إلى «أبوالريش اليابانى»، ويرى فيهم أطفال بلده الذين فرّقت الحرب بينهم وبين آبائهم، ويسعى بكل ما أوتى من قوة لإسكات بكاء أحدهم الذى يصرخ من التعب، وكأنه لم يحتمل أنين الصغار، الذى لا يزال صداه فى أذنيه منذ أن غادر اليمن الذى لم يعد سعيداً.
خلال عمله فى قسم الحضانات، استقبل الطبيب اليمنى المقيم بمصر حالة مولود لديه اشتباه بفيروس كورونا فى الأسبوع الأول من عمره، سرعان ما خضع للتحاليل والأشعة التى أثبتت عدم الإصابة بـ«كوفيد-19»، وقال: «الحالات التى تعانى من أى أعراض حمى أو إسهال نستقبلها فى طوارئ المستشفى وفى قسم الأطفال تخضع للفحص، والحالات التى يتم التأكد من إصابتها بفيروس كورونا يتم تحويلها للمكان المخصص للعزل».
الطبيب اليمنى ما زال يعمل فى مكانه، ومع دخول البلاد الموجة الثانية من الوباء زادت حالات الأطفال المشتبه فى إصابتهم بشكل ملحوظ، وتابع: «فى الموجة الثانية كان الأطفال معرضين للفيروس، وزاد عدد حالات الاشتباه، وبالتالى زادت معها عدد الحالات الإيجابية، ومن يثبت إصابته بفيروس كورونا يتم تحويله إلى مستشفيات العزل»
سوري درس الطب بمصر وصار ممارساً بـ«قصر العيني»
قبل 8 سنوات، اتخذ الشاب السورى «عصام السباعى» وأسرته من مصر مستقراً لهم بعد أن تركوا بلادهم، وسرعان ما التحق بكلية الطب جامعة القاهرة لإتمام رحلة تعليمه، مرت السنوات سريعاً واندمج الشاب العشرينى وأسرته وسط أبناء الشعب المصرى، وظل يحلم بلحظة تخرجه، حتى جاءت جائحة فيروس كورونا فى العام الأخير له بالجامعة.
منذ الأول من مارس عام 2020، ومع بداية الموجة الأولى لوباء كورونا، انضم السباعى صاحب الـ25 عاماً، إلى فريق أطباء مستشفى قصر العينى كممارس عام للمهنة بسنة الامتياز بالكلية، وفى تجربة جديدة من نوعها زاد الوباء من رهبتها فى نفس الشاب السورى، حيث كان يتطلب عليه التنقل بين الأقسام المختلفة للتعلم، وقال: «كان بيجيب لنا المشتبه فيهم بيتم عزلهم، ولو تم التأكد من إصابتهم يتم تحويلهم للحميات».
«عصام»: انسجمت مع المصريين
وتابع الشاب السورى لـ«الوطن» أن عمله خلال جائحة كورونا، انسجم وسط الأطباء المصريين وشعر بأن كل مريض يتعامل معه من أحد أبناء شعبه، مضيفاً: «كلنا كنا واحد فى مواجهة الوباء، وكل مريض كنت باحس فيه حد من شعبى اللى اتحرمت منهم».
احتياطات احترازية عدة كان يتبعها الشاب السورى أبناء عمله كممارس عام بقصر العينى خلال الجائحة، خاصة أنها المرة الأولى له للعمل فى أحد المستشفيات، ويتذكر أحد المواقف التى تعرّض لها خلال عمله، وعن ذلك قال: «فيه مريضة فى قسم الباطنة خبّت علينا إنها حاسة بأعراض كورونا، خافت نرفضها، ولما كشفت عليها وعملت المسحة طلعت مصابة بالفعل، ماكنتش أعرف أنها مصابة»، إلا أنه كان دائم الحذر تجنّبا للإصابة.
مر عام على الجائحة، وانتهت فترة تدريب الطبيب السورى وتخرج فى كلية الطب، وفور أن جاءت شحنات اللقاح إلى مصر، وباتت متاحة للمواطنين بادر بتسجيل اسمه عبر الموقع الرسمى لوزارة الصحة، وعن ذلك قال: «أخدت جرعتين من لقاح سينوفارم الصينى فى شهر أبريل الماضى والحمد لله لم أصب بكورونا، وبحكم عملى أدرك جيداً أهمية تلقى اللقاح للوقاية من كورونا».