البيت الكبير

البيت الكبير
قليلون منا من عاشوا وعاصروا البيت الكبير، والبيت الكبير الذى أقصده هنا هو بيت الأجداد والجدات الذى يحمل اسم أو لقب العائلة، فيقولون بيت عائلة كذا أو كذا، وقد كان من حُسن حظى وأجمل شىء حدث لى فى حياتى أن عشت فترة كبيرة فى هذا البيت الكبير وسط جدى وجدتى وأعمامى وعماتى وإخوتى، كان البيت الكبير يمثل لى جنة الله على الأرض، بالطيبة والحنان والدفء الذى كنت أرتوى منه كل يوم من علاقة أفراد هذا المنزل ببعضهم البعض، حباً منزّهاً عن أى مصالح شخصية أو علاقات مادية كنا نستشعر الأمن والأمان من بقاء الأجداد وخوفهم علينا، حتى دارت عجلة الحياة سريعاً وتبدّل الحال كعادة الزمان وقست الأيام وتبدّلت وتغيرت وتغير كل شىء، زارنا طائر الموت الحزين فاختطف الأجداد والعمات، ولم يبقَ سوى الأحفاد الذين انصرف كل منهم إلى دنياه.. وهدم البيت الكبير، نعم هُدم وأقيمت بدلاً منه إحدى العمارات الشاهقة الصلدة التى لا تشبهه من قريب أو بعيد، أراها خرساء عمياء صماء لا تسمع نداءنا، وأتمنى لو أننى اليوم أمتلك كنزاً كبيراً لا لشىء إلا لأعطيه لصاحب هذا البناء الجديد ليعيد لى أجمل ذكرياتى، ويعيد لى وجوه الطيبين والطيبات، إننى أدعوكم جميعاً لأن تبحثوا عن طاقات الأمل فى نفوسكم، تستمد قوتها من قوة الذكريات الماضية نشحن قلوبنا وعقولنا من ماضى الزمن الجميل ونحاول بناء بيوت كبيرة وليس بيتاً واحداً كل منا يملأه بأجمل الذكريات وأسعد اللحظات لتسعد فيها بعدنا أجيال وأجيال فأوصيكم دائماً بالبناء.