صراع النفوذ يعود مرة أخرى بين فرنسا وروسيا على «المستعمرات القديمة»

صراع النفوذ يعود مرة أخرى بين فرنسا وروسيا على «المستعمرات القديمة»
قال رئيس الحكومة الانتقالية في تشاد باهيمي باداكي ألبرت، إن بلاده «لا تزال مهددة في سلامتها»، رغم انتهاء الحرب ضد المتمردين، بسبب تواجد آلاف المرتزقة في ليبيا.
وأوضح ألبرت أن ما سماه «قوى الشر» وصلت إلى مسافة 300 كلم من العاصمة في إشارة إلى التهديد الأمني، وتابع: «حتى لو هُزم هؤلاء المتمردون نعلم جميعا أنه في ليبيا، اليوم، يغادر المرتزقة هذه المنطقة، هناك ما لا يقل عن 25 ألف متجول، لا نعرف وجهتهم»، حسبما نقلت جريدة «الوحدة» التشادية المحلية، اليوم السبت.
وحدثت العديد من التطورات الهامة في منطقة الساحل الإفريقي في الأشهر الأخيرة، كان في مقدمتها، إعادة تنشيط عمل متمردي «جبهة التغيير والوفاق» الأمر الذي أدى إلى مقتل الرئيس إدريس ديبي، ثانيها، الفتور الخطير في العلاقات بين فرنسا وجمهورية إفريقيا الوسطى، والذي تم التعبير عنه في إنهاء التمويل وفسخ اتفاقيات التعاون العسكري، في كلتا الحالتين، فالحديث المستعمرات الفرنسية السابقة، المهمة لباريس من الناحية الاقتصادية.
وفي أوائل أبريل، بدأ المتمردون بنقل المسلحين عبر الحدود التشادية الليبية وحاولوا مهاجمة عاصمة البلاد نجامينا.
كما شنت فرنسا حملة ضد وجود المدربين العسكريين الروس في جمهورية إفريقيا الوسطى، واتهمت باريس قيادة البلاد بتأجيج المشاعر المعادية لفرنسا وجمدت عدة اتفاقيات مهمة بين البلدين.
وتعزز حضور روسيا في إفريقيا الوسطى بعد تقديم موسكو دعما إضافيا لنظام الرئيس فوستين أرشانج تواديرا في مواجهة متمردين أطلقوا هجوما لعرقلة الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وبدأت موسكو منذ 2018 حملة دبلوماسية ومالية في عدة دول إفريقية من بينها هذه المستعمرة الفرنسية السابقة التي تشهد حربا أهلية منذ ثمانية أعوام، بحسب «فرانس 24».
وسلمت روسيا أسلحة لإفريقيا الوسطى خلال العامين الماضيين بعد منحها استثناءً من الحظر الأممي على السلاح المفروض على البلد.
وتدعم موسكو بشكل معلن سلطة الرئيس تواديرا حيث وقعت معه مؤخرا اتفاق تعاون عسكري وفتحت قبلها في عام 2019 مكتبا عسكريا في بانجي يشغله أربعة جنرالات روس.
في 11 مايو الجاري، اعتقل مواطن فرنسي في عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، بانجي، حيث تم العثور معه على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة، وخلال التحقيق معه، ثبت أنه على صلة بجماعة «سيليك» المتمردة العاملة في شمال جمهورية إفريقيا الوسطى.
تجدر الإشارة إلى أنه في كلتا الحالتين، كانت تملي على تصرفات باريس معلومات تفيد عن تقارب مستعمراتها الأفريقية السابقة مع موسكو.
حيث أنه في عام 2018، تم التوصل إلى اتفاق بين تشاد وروسيا لاستثمار 7.5 مليون يورو في اقتصاد البلاد، كما تعمل روسيا أيضًا على تعزيز موقعها في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تقدم دعمًا كبيرًا لبانجي لردع المتطرفين داخل البلاد.
كما انحسر نفوذ فرنسا في إفريقيا الوسطى في الأعوام الماضية، خاصة على المستوى العسكري، مع إعادة نشر قواتها لمكافحة الجهاديين في الساحل.
ويرى مارشال أن روسيا نجحت في ملء الفراغ لأنها «تقدم العديد من المصالح لقادة إفريقيا الوسطى»، فهي «بلد يمكنه تقديم أسلحة لهم، وعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولها خبرة في مجالي المناجم والنفط»، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية «فرانس برس».
ويقدّر المحلل السابق في الاستخبارات الفرنسية المختص في الشؤون الروسية أرنود كاليكا أن «ما تبحث عنه موسكو في إفريقيا الوسطى هو تحقيق إنجاز إعلامي يفيدها في سياستها الداخلية».
ويضيف أنه في الدول الإفريقية «تعرض موسكو اتفاقات أمنية بدون ديون مالية، وتشترط مقابلها منح امتيازات لشركات خاصة».
في تشرين أكتوبر الماضي، دانت منظمة «ذي سانتري» الأمريكية في تقرير لها وجود «شبكات فرنسية وروسية توظف في الظل فاعلين من إفريقيا الوسطى والإقليم للتأثير على المسار الانتخابي وخدمة مصالحهما الاقتصادية والجيو-استراتيجية في البلد»، في إشارة خاصة إلى شركة «فاغنر».
وكشف موقع فيسبوك منتصف ديسمبر تفاصيل حرب افتراضية بين باريس وموسكو في إفريقيا الوسطى ودول أخرى في القارة والشرق الأوسط.
وأغلقت الشبكة الاجتماعية حسابات تعمل ضمن شبكتين يديرهما أشخاص مرتبطون بـ"وكالة أبحاث الانترنت" الروسية ورجل الأعمال يفجيني بريجوجين، وشبكة ثالثة "لها صلات مع أشخاص مرتبطين بالجيش الفرنسي".